حكومة بلا لجان.. هل هذا ممكن؟

الجهاز البيروقراطي الأردني كبير وفضفاض، وتتحكم به منظومة هائلة من التشريعات المتشابكة والمعقدة وحمالة الوجوه من ناحية التفسير. وهو ما يفسح مجالا واسعا للاجتهاد الذي يعتبر مقتل العمل العام السريع والفعال. اضافة اعلان
فمن الذي يحسم الجدل في هذا التشابك والتعقيد، إنها في الحقيقة المئات وربما أكثر من اللجان التي تتشكل بموجب قرارات من مجلس الوزراء، أو الوزراء أنفسهم أو أي مستوى إداري مخول بتشكيل لجنة لبحث أي قضية، باستثناء اللجان التي تتشكل كنتيجة لأحداث معينة ليست على البال.
عندما تختلف الآراء، يتم اتخاذ القرار الأسهل، تشكيل لجنة لإنجاز المهمات المطلوبة ـ في الغالب ضمن إطار زمني يتم تحديده، بعد ذلك يبدأ التسلسل الذي لا ينتهي والذي يظهر القوة التي لا توازيها قوة أخرى في أجهزة الدولة. تقوم اللجان، التي تتقاضى في الكثير من الأحيان مكافآت مقابل الأعمال التي تقوم بها، وهذه قصة أخرى ليس موقعها، لأن المكافآت بحد ذاتها والتي تمنح أحيانا على عدد الاجتماعات تمنح الحافز لإطالة عمر هذه اللجان خصوصا إذا كانت لجانا غير دائمة بدلا من الإسراع لإنجاز المهمة المطلوبة.
تقوم اللجنة بالاتفاق على تنسيب معين إلى المرجعية التي تطلب ذلك التنسيب، يوافق المرجع المختص ويصبح من الصعب التراجع عن هذا التنسيب حتى وإن تعارض مع توجهات رئيسية أخرى للدولة، سيما في حالة غياب توجه ورؤيا اقتصادية واجتماعية واضحة حيال بعض القضايا. وفي كثير من الأحيان يسمو عمل اللجان على الكثير من الطروحات والاجتهادات التي قد تذهب باتجاه مغاير.
ما نقترحه في هذه العجالة هو محاولة التوقف عن تشكيل اللجان لبحث الكثير من القضايا الخلافية، وهو ما يعني عدم تطوع مسؤولي الصف الأول في التخلي عن مهامهم لصالح أتباعهم وتحويلهم أسرى لهؤلاء الموظفين الذين تختلف حوافزهم وتوجهاتهم عن قرارات المسؤولين الذين عينوهم وهذا يضيف عائقا آخر أمام ترجمة التوصيات إلى برامج عملية.
فمن الناحية القانونية لا يوجد مسوغات قانونية لبعض أشكال التفويض، بل إن سبب تشكيل اللجان يعود إلى أن الكثير من الملفات تكون غير مكتملة الدراسة لدى استعراضها في أماكن اتخاذ القرار، ولتسريع الأمور والبدء بنهج مختلف في شؤون الإدارة العامة، فإن إحدى الرسائل الإيجابية هو إيجاد وسيلة أكثر فعالية لحسم القرارات من خلال قرارات مباشرة لا تنتظر عمل اللجان التي تستخدم أحيانا لتمرير أو تعطيل بعض القرارات التي لا يود المسؤول اتخاذ قرار بشأنها.
وكون هذا النمط من اتخاذ القرارات وتشكيل اللجان هو الذي ساد ولفترات طويلة، فإنه لا يعني أن هذا الأسلوب هو الأمثل لتسريع اتخاذ القرارات، بل يجب التفكير بمقاربة جديدة تسهل العمل ولا تحيل القرارات الكبيرة إلى لجان صغيرة.
تشكيل اللجان وسيلة لتأخير القرارات وليس لإنضاجها.