كيف نساعد ذوي فرط النشاط ونقص الانتباه على تكوين صداقات؟

يلعب المزاج المتقلب للمصابين بفرط النشاط دورا في عدم تمكنهم من تكوين صداقات-(أرشيفية)
يلعب المزاج المتقلب للمصابين بفرط النشاط دورا في عدم تمكنهم من تكوين صداقات-(أرشيفية)

مريم نصر

عمّان- تصرخ بصوت مليء بالحسرة "لا يريدون اللعب معي"، وتركض إلى غرفتها لتجهش بالبكاء، وتنتظر الأم إلى أن تهدأ حتى تتدخل، وتحاول أن تخفف الأمر عنها، لكن بالنسبة لها ليس لديها حيلة، فابنتها مصابة بمرض فرط النشاط ونقص الانتباه، وهذه الفئة من الأطفال لديهم صعوبة في تكوين الصداقات.اضافة اعلان
تبين اختصاصية العلاج السلوكي هالة حماد أن المصابين بهذا المرض المعروف بـ ADHA يجدون صعوبة في التأقلم مع المحيط، فهم لا يعرفون كيف يتعاملون اجتماعيا مع الآخرين، كما أنهم لا يعرفون وضع حدود بينهم وبين من حولهم، فتراهم يتدخلون في خصوصيات الآخرين بدون إدراك.
ويلعب مزاجهم المتقلب أيضا دورا في عدم تمكنهم من تكوين صداقات، لأن الآخرين يتحيرون في التعامل مع هذه الفئة، فلا يعرفون كيف يتصرفون حيالهم. وتقول حماد إن هذه الفئة أيضا تتسم بعدم القدرة على ضبط النفس، ما يعطي انطباعا للآخرين بأنهم بلهاء، عدا عن تأخر تطورهم العقلي والنفسي.
كل تلك العوامل تؤثر على الأطفال المصابين بمرض فرط النشاط ونقص الانتباه، وتمنعهم من تكوين صداقات، وهو أمر يحزنهم ويشعرهم بالعزلة، لكن الخبر السار هو أننا نستطيع مساعدتهم في تخطي الأمر.
ولعل أهم طريقة يمكن اتباعها لمساعدتهم على تكوين الأصدقاء، هي لعبة تقمص الأدوار لمعالجة مواطن الخلل، فيمكن للأم أن تسأل طفلها عما جرى من أحداث، ثم تقوم بتمثيله أمامه، ليستوعب أين كان الخلل في تصرفه، ليحسن من أدائه، وبهذه الطريقة يستوعب الطفل كيف يتعامل مع الآخرين بدون الشعور بأن أحد يجرحه في النقد.
كما يجب على الأم التحدث أمام طفلها عن الصداقة ومعناها، وأن تخبره عن أصدقائها، وماذا تحب فيهم، وأن تتحدث إليه عن اللحظات التي قضتها مع أصدقائها، وكيف حدثت شجارات بينها وبينهم، وكيف حلت المشكلات كما عليها أن تحاول لفت انتباه طفلها المصاب بهذا المرض إلى أي تصرف قام به أحد الأفراد سواء في المنزل أو في الشارع، يعتبر وديا تجاه شخص آخر من أجل أن يتشكل لديهم فكرة عن ما هو جيد وما هو سيئ.
وطرح الأسئلة تعتبر طريقة فعالة لتعليم الأطفال المصابين بهذا المرض، ويجب أن تتمحور هذه الأسئلة حول سبب صعوبة تكوين الصداقات، ولماذا تنشب الشجارات بينه وبين الآخرين، فهنالك أطفال مصابون بهذا المرض يشعرون بالانزعاج الشديد في حال لم يتبع أقرانهم القواعد التي يضعونها، ويمكن حل هذه المعضلة بإشراكهم في أنشطة يكونون هم القادة فيها، مثلا تعليم الأطفال الصغار كيف يصنعون طائرة ورقية، وبهذه الطريقة تتنمى لديهم المهارات الاجتماعية، التي تؤهلهم لكسب صداقات، وتكوين حياة اجتماعية مُرضية.
ويمكن للأم أن تجرب مع طفلها أشياء جديدة، فإذا شعرت أن إشراكه في حوار حول الصداقات لا يفيد، عليها التوقف عن ذلك فورا، لأن ذلك يدفع الطفل إلى الجنون والسأم، ويمكن تجربة جعل الطفل يكتب رسالة إلى صديق، أو أن يبعث بهدية إلى من يحب من الأصدقاء، أو أن تقوم الأم بقراءة قصة حول الصداقة له، كما يمكن في بعض الحالات استخدام ما يسمى علم النفس العكسي، بحيث تقول الأم للطفل "معك حق لا يمكنك تكوين صداقات" من أجل حثه واعطائه تحديا في إثبات أن الأم مخطئة.
ومن الضروري أن تثق الأم بطفلها وبنفسها، فالطفل لن يبقى كما هو لأنه سينضج ويتكيف، ويعثر على استراتيجيات التأقلم، لتحقيق المكاسب في هذا المجال، كما على الأم أن تحتفل بإنجازات طفلها وبإنجازاتها في جعله يشق طريقه، لأنه بهذه الطريقة يشعر كل من الطفل والأم بالسعادة والرضا عن الذات.

[email protected]