لا تؤجر

غادي طؤوب-يديعوت


بيان هذا العدد الكبير من الحاخامين ممن أفتوا بان تأجير أو بيع الشقق لمن ليسوا يهودا محظور حظرا شرعيا، أثار موجة من الاحتجاج. فقد تبين مرة اخرى بان هؤلاء الحاخامين، يعيشون في دولة ديمقراطية ويتلقون من مؤسساتها رواتبهم، لا يفهمون ما هي الديمقراطية. الكثيرون منهم يرون فيها مجرد نوع من الترتيب الرسمي.

اضافة اعلان

حسن أن كان هناك من ذكرهم، بانه حتى حسب التقاليد اليهودية، وليس فقط حسب الديمقراطية، فان ما يسمونه "بيان رأي" هو في واقع الامر طمس. كل العالم الاخلاقي لانبياء إسرائيل وكل الفرائض الانسانية للدين اليهودي لا تقول كثيرا، على ما يبدو، لهؤلاء الاشخاص.

ولكن بيان الرأي لم يكشف فقط ابتعادهم عن عالم الديمقراطية وعن الانسانية اليهودية بل كشف ايضا عورة ابتعاد هؤلاء الحاخامين عن الصهيونية نفسها. بالنسبة لبعضهم لا مفاجأة في ذلك. أصحاب الخلفية الاصولية منهم لا يرون أنفسهم كصهاينة. ولكن الكثيرين منهم، ولا سيما اولئك الذين يسمون "متدينين وطنيين" يرون بالذات انفسهم صهاينة.

مشكوك جدا أن يكون ممكنا توسيع تعريف الصهيونية كي يشملهم. فصهيونيتهم ليس سوى انقاذ الارض، وحسب نهجه فان معناها هو أن بلاد إسرائيل تعود لشعب إسرائيل ولشعب إسرائيل وحده.

لقد اعترفت الصهيونية بحقيقة أنه لا يوجد في البلاد يهود فقط، ومسألة مكانتهم تشغل بال مفكرين كثيرين منذ بداية الطريق. هرتسل تردد فيها، وعمليا صمم الفكر السياسي لقصة "التنويلند" حول صراع بالضبط ضد حاخامين من هذا النوع. يروى هناك عن حملة انتخابات تنافس فيها الحزب العنصري للحاخام جايعر، الذي طالب بالغاء حقوق العرب.

جايعر في الالمانية هو اسم لطير يأكل الفطيسة. بمعنى الكاتب لم يخف نفوره من هذه المواقف. وعليه. فان الطريق لتجسيد الصهيونية يمر في الرواية عبر خسارة هذا الحزب في الانتخابات. مكانة العرب في الدولة اليهودية، كما شدد هرتسل يجب ان تكون مكانة مساواة مدنية كاملة.

هكذا ايضا قضت وثيقة الاستقلال، التي أعلن فيها بان دولة إسرائيل "ستحرص على تطوير البلاد في صالح كل سكانها؛ وستقوم على أسس الحرية، العدل والسلام، في ضوء رؤيا أنبياء إسرائيل؛ وستقيم مساواة كاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطنيها دون فارق في الدين، العرق او بين الرجل والمرأة".

قيادة الحركة الصهيونية اعترفت منذ صيف 1937، مع نشر استنتاجات لجنة بيل، بالحاجة الى تقسيم البلاد وذلك لان الارض هي وسيلة وليست غاية. غاية الحركة كانت تثبيت حق اليهود في تقرير مصيرهم بأنفسهم. ليس انقاذ الارض، بل الاستقلال السياسي كان هو الامر الاساس.

ليس هكذا في الصهيونية الدينية، على الاقل مثلما تطورت منذ حرب الايام الستة. البيان الفكري لحركة غوش ايمونيم يعلن عن "الواجب تجاه بلاد اسرائيل" وليس تجاه دولة إسرائيل.

هنا يكمن الفرق. في نظر هؤلاء الحاخامين فان قطعة عقارات يهودية اخرى هي صهيونية أكثر، وقطعة عقارات يهودية أقل هي صهيونية اقل. ولكن نهاية هذه الفكرة ستكون ضياع صهيونية هرتسل. بهذه الطريقة سنضيع أولا، قيمنا الديمقراطية وبعد ذلك استقلالنا الوطني. وذلك لان طماعي العقارات في يهودا والسامرة يجروننا نحو فقدان الاغلبية اليهودية.

بتعبير آخر، اولئك الذين يتآمرون على الديمقراطية يتآمرون ايضا على الوطنية. العقارات التي يخصصونها لليهود داخل الخط الاخضر تتواصل في العقارات التي يطالبون بها لليهود في الضفة الغربية، في قلب السكان العرب.

اذا سرنا في طريقهم سنجد أنفسنا في دولة عنصرية وثنائية القومية في آن معا. وهذا سيصعب تسميته صهيونية.