نحو مأسسة الحق في الحصول على المعلومات

يعدّ الالتزام الخامس في الخطة الوطنية الرابعة لمبادرة شراكة الحكومات الشفافة (2018-2020) المتضمن مأسسة إجراءات إنفاذ حق الحصول على المعلومات من أهم وأبرز التزامات هذه الخطة؛ نظرا لما أخذه هذا الالتزام على عاتقه من السعي نحو تعزيز إنفاذ هذا الحق، وتسهيل إجراءات الحصول على المعلومات من قبل الأفراد بشكل عام والصحفيين بشكل خاص؛ فالالتزام يقر بالحاجة إلى تطوير منظومة الحصول على المعلومات وتحسين جودة المعلومة المقدمة، كما يهدف هذا الالتزام من جانب آخر إلى بناء نظام موحد لتصنيف وإدارة المعلومات الحكومية، وهو الأمر الذي طالما شكل مصدر قلق بسبب تباين تصنيف المعلومات تبعا لسريتها من مؤسسة إلى أخرى ولوجود تشريعات تتعارض وقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات ولغياب الرقابة الإدارية والقضائية على عملية التصنيف.اضافة اعلان
وقد تكلل العمل الدؤوب على هذا الالتزام - من خلال الجهة المسؤولة عن تنفيذه بموجب الخطة الوطنية الرابعة لمبادرة شراكة الحكومات الشفافة وهي المكتبة الوطنية، وتحت المظلة الأكبر وزارة الثقافة التي يتولى وزيرها رئاسة مجلس المعلومات- إلى إعداد بروتوكولين من قبل اللجنة العليا لهذا الالتزام والتي تشرفت بأن أكون ممثلة فيها، بالإضافة إلى اللجان الفنية المنبثقة عنه. البروتوكول الأول جاء تحت عنوان مأسسة إجراءات إنفاذ حق الحصول على المعلومات، أما الثاني فهو بروتوكول تصنيف المعلومات وإدارتها، هذان البروتوكولان اللذان تمّ إقرارهما مؤخرًا من قبل مجلس الوزراء إيذاناً بالبدء بتنفيذهما على أرض الواقع، ليساهما في تحقيق إنسيابية في المعلومات وتجاوز الإشكاليات والتحديات في قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات رقم (47) لسنة 2007م.
ما يضفي على البروتوكولين أهمية خاصة؛ معالجتهما لإشكاليات قائمة مثل عدم توفر مسار سريع للصحفيين يمكّنهم من طلب المعلومات بما يتناسب وطبيعة مهنتهم القائمة على السرعة من أجل الوفاء بحق الجماهير في المعرفة، حيث تمّ وضع إجراءات مفصلة لهذا المسار. أما الإضافة النوعية الثانية فكانت في بروتوكول تصنيف المعلومات وإدارتها، الذي وضع مبادئ عامة لعملية التصنيف وإجراءاته داخل المؤسسات الخاضعة لقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات، وأكدّ على أنّ الاستثناءات على الحق في الحصول على المعلومات يجب أن تكون في أضيق نطاق وأن الأصل هو إباحة المعلومات، وأنّ الاستثناءات على المعلومات ليست استثناءات مطلقة وإنما تخضع لاختبار الضرر والمصلحة العامة، فإذا كانت المصلحة العامة في الإفصاح عن المعلومات تفوق الضرر المترتب عليها، فإن الأولوية تكون لعملية الإفصاح. كما كرس البروتوكول مبدأ الإفصاح الاستباقي عن المعلومات والمتضمن إلزام الجهات ذات العلاقة بنشر طائفة من المعلومات دون تقديم طلبات من الأفراد وبصورة دورية تكفل حق الأفراد في الوصول إليها.
هذا الجهد التكاملي تمخض عنه فريق وطني يضم ممثلين عن مجموعة من المؤسسات الحكومية والمؤسسات المستقلة الرقابية ومنظمات المجتمع المدنيّ يهدف إلى تدريب منسقي المعلومات والموظفين المكلفين بمتابعة الحق في الحصول على المعلومات في الجهات الخاضعة لهذا القانون، ونشر الوعي بصورة عامة بقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات وصولا إلى مأسسة إجراءات هذا الحق وتوحيد عملية التصنيف والمبادئ التي يقوم عليها وإدارة المعلومات بصورة تضمن حسن استرجاعها لدى طلبها من قبل الأفراد. هذا الجهد الوطنيّ الذي يستحق الدعم والمؤازرة من الجهات كافة ويتطلب انفتاحا من قبل المؤسسات من أجل العمل نحو إشاعة ثقافة المعلومات وانسيابيتها، بعيداً عن ثقافة السرية واجتزاء المعلومات.
آملين أن يتم في القريب العاجل تعديل قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات سارية المفعول بما يضمن بث صفة الالزام على العديد من المبادئ والإجراءات التي تم اقرارها في بروتوكول مأسسة إجراءات الحصول على المعلومات وبروتوكول تصنيف المعلومات وإدارتها.