عجلون: بؤر ساخنة تواصل الإضرار بالبيئة والتنمية

عامر خطاطبة

عجلون- برغم ما يطلقه ناشطون بيئيون وجهات رسمية من تحذيرات، تنبه الى خطر تأثيرات بعض البؤر البيئية في محافظة عجلون على الصحة والسلامة العامة، الى جانب إعاقتها للنشاط التنموي، إلا أن غياب الانتباه لهذه التحذيرات، يجعل خطورة تلك البؤر مستمرة، وتكشف بين الحين والآخر عن أضرار وسلبيات عديدة، ما يتطلب حلولا جذرية لوقف آثارها.

اضافة اعلان


وبرغم ما تحاول جهات رسمية وأهلية معنية بذله من جهود رقابية وتوعوية، وعقابية، تستمر العديد من تلك البؤر في تلويث وتشويه البيئة العجلونية، إلى حدود قد تصل إلى تهديد الصحة والسلامة، وتنفير المستثمرين، ما ينعكس سلبيا في حجم الاستثمار في مختلف القطاعات، سيما السياحية.


ولعل من أبرز المخاوف المستجدة التي بات يطلقها هؤلاء، هي تأثيرات تلك البؤر على حاجة المحافظة الماسة حاليا ومستقبلا، للتنمية، بهدف الحد من تداعيات الفقر والبطالة على المجتمع المحلي، وهذا بدوره، يتطلب بيئة طبيعية صحية ومثالية، تكون مشجعة على الاستثمار، لا طاردة له.


ويؤكد ناشطون، ضرورة الاهتمام بالبيئة في المحافظة وزيادة الوعي المجتمعي حيال العديد من القضايا والبؤر البيئية الساخنة التي تشكل هاجسا لأهالي المحافظة، مطالبين بتفعيل القوانين والانظمة لتحد من التلوث البيئي، والإضرار بالمصادر الطبيعية والبيئية التي تشكل أحد أهم مرتكزات السياحة.


ويرى الناشط والمتخصص البيئي المهندس خالد عنانزة، أن مسار التنمية، السياحية والزراعية في المحافظة، يستدعي معالجة ملفات وبؤر ساخنة، تتكرر مخالفاتها وآثارها السلبية بين حين وآخر، ومنها؛ مخلفات المعاصر من الزيبار والجفت، والمقالع الحجرية، وطرح الأنقاض عشوائيا، وترك مخلفات التنزه.


وأكد أن هذا الحال، يجب ألا يستمر، سيما وأن المحافظة مقبلة على نهضة تنموية سياحية، يتوقع لها بأن تتزامن مع تشغيل مشروع "تلفريك عجلون"، مع نهاية الربع الأول من العام المقبل.


وقالت سوسن عنيزات من مديرية بيئة عجلون إن "جلالة الملكة رانيا، أطلقت على عجلون عاصمة البيئة، ما يتطلب من الاجهزة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات البيئية، جهودا غير عادية للحفاظ على بيئتها من التلوث والإضرار بمكوناتها وعناصرها".


وأشارت عنيزات، الى مخاطر معاصر الزيتون، بسبب مياه الزيبار التي سبق وأن لوثت مياه الينابيع، وتراكم الجفت امام المعاصر، اذ تنبعث منه روائح كريهة، تؤذي الصحة والبيئة، داعية إلى مراقبة صهاريج نقل "الزيبار" الى مكب الاكيدر، لضمان عدم افراغ حمولاتها في الغابات والكهوف والآبار.


وأشارت إلى المقالع غير المرخصة في المحافظة، والتي تعتبر بؤرا ساخنة، لما تتسبب به من تشويه بصري، جراء ما تحدثه من حفريات في الجبال، ما بات يشكل تلوثا بيئيا، إلى جانب تعمد مواطنين اللجوء الى تقطيع اشجار الأحراج والغابات، واحيانا افتعال الحرائق فيها، كأبرز العقبات والتحديات البيئية هناك.


واكدت بذل جهود كبيرة من الجهات ذات العلاقة، لتطبيق قانون الزراعة بجدية، ما ساهم بتراجع الضبوطات الحرجية جراء المتابعة الحثيثة من وزارة الزراعة والادارة الملكية لحماية البيئة والاجهزة الامنية.


وأضافت عنيزات، أن تلويث الزوار والمتنزهين لغابات عجلون، بات يشكل تحديا كبيرا، جراء تبعاته التي تتراكم في نطاقه، النفايات بين الأشجار، لتشكل تلويثا بيئيا وبصريا للغابات، لافتة الى أن جدوى حملات النظافة في المواقع السياحية والغابات، والتي تنفذ بين حين وآخر، لم تعد تؤدي الغرض منها.


وبينت شفاء المومني من مديرية سياحة عجلون، أن المحافظة تحظى بـ23 مسارا سياحيا، وهو عدد مهم وينجم عنه مشاريع استثمارية لأبناء المجتمع المحلي، لكن هذا العدد ايضا يضعنا في مواجهة، مع الاساسات التي تتطلب منا الحفاظ على البيئة وحمايتها لأنها تسهم بتقدم التنمية المحلية.


وأكدت المومني، أن هذه المسارات التي تنتشر في الطبيعة العجلونية، تشكل قيمة مضافة ونقلة نوعية للمنتج السياحي، وهي تنطلق من قلعة عجلون، لافتة الى أن وزارة السياحة كانت قد نفذت، ضمن مشروع تطوير السياحة الممول من الوكالة الأميركية للإنماء الدولي، 20 مشروعا سياحيا في منطقة مسار راسون السياحي، لتعزيز التجارب والخدمات السياحية، وتحقيق فائدة مباشرة للمجتمعات المحلية.


وأشارت إلى وجود 25 منشأة سياحية مرخصة، تعمل في مختلف المواقع لخدمة زوار المحافظة يعمل فيها 400 شخص، مبينة أن جائحة كورونا ألقت بآثارها في الواقع السياحي في المحافظة، بخاصة المنشآت السياحية التي تأثرت بصورة مباشرة.


وأضافت أن مشروع تلفريك عجلون، الذي يؤمل تشغيله منتصف العام المقبل، سيحدث نقلة نوعية في الاستقطاب السياحي للمحافظة، وسيوفر فرص عمل لأبنائها، كما وستبرز مشاريع صغيرة لافراد وأسر وجمعيات في موقعي الانطلاق والوصول للتلفريك، لعرض المنتجات وغيرها، ما يعزز الحاجة للتخلص من البؤر البيئية في المحافظة جذريا.


وأكدت، أن القطاع السياحي له دور كبير في الحد من البطالة، ودعم الاقتصاد والناتج المحلي والدخل القومي، وتحسين العلاقات السياسية والتبادل الثقافي، كما ويُعتبر اكبر قطاع توظيف وتشغيل في العالم، فمن بين 11 وظيفة في العالم، يوجد وظيفة تصب مباشرة في هذا القطاع، وفق احصائية لمنظمة السياحة العالمية.


الملازم أول المهندسة وفاء القضاة من الادارة الملكية لحماية البيئة والسياحة، أكدت في جلسة حوارية، نظمتها جمعية الهلال الاحمر، حول الواقع البيئي والسياحي في المحافظة، ضرورة الاهتمام بالبيئة وزيادة الوعي المجتمعي حيال قضاياها وبؤرها الساخنة، مطالبة بتفعيل القوانين والانظمة لتحد من التلوث البيئي والإضرار بالمصادر الطبيعية والبيئية التي تشكل احد اهم مرتكزات السياحة.


وقالت القضاة، إن استحداث "الشرطة البيئية"، ينطلق من الايمان بأهمية البيئة، ولأن مفهوم الأمن لم يعد يقتصر على الدور التقليدي لرجل الشرطة، بحيث أصبحت المنظومة الأمنية تستوعب المجالات كافة.


وأشارت إلى أن من واجبات الإدارة، مراقبة الانتهاكات البيئية، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق مرتكبيها، وتنفيذ قرارات الوزارات المختصة في الاحوال التي تشكل خطراً أو في الحالات الطارئة، بإزالة المخالفات، أو الإغلاق التحفظي للأماكن المحددة بتلك القرارات.


وأوضحت، أنه يقع على منتسبي الإدارة أثناء تأيدتهم لواجباتهم، مراقبة وضبط المخالفات المتعلقة بالرعي والتحطيب والصيد الجائر، والتعدي على الأحياء البرية والبحرية والثروة الحرجية، واستنزاف المياه، ومراقبة وضبط المخالفات.


يشار إلى أنه تم استحداث إدارة الشرطة البيئية في منتصف حزيران (يونيو) 2006، وباشرت عملها الميداني في الـ20 من أيلول (سبتمبر) 2006.


وأكد مساعد محافظ عجلون لشؤون التنمية هاشم العبداللات، أن المحافظة تتمتع بميزات نسبية وطبيعية يجب حمايتها والحفاظ عليها، واستثمارها بما يعود بالنفع والفائدة على المجتمعات المحلية، من إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة مدرة للدخل، توفر فرص عمل للشباب.


ولفت الى أن المحافظة مقبلة على نقلة تنموية كبيرة بعد انتهاء العمل في "تلفريك عجلون"، لافتا إلى الاهتمام الملكي بالمحافظة، وتنفيذ مبادرات ومكارم ملكية، طالت مختلف المجالات الخدمية والتنموية في المحافظة بآثارها الإيجابية.

إقرأ المزيد :