الأردن الحديث

الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي الذي أسس له جلالة الملك عبد الله الثاني من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وإيعاز جلالته للحكومة لاتخاذ إصلاحات اقتصادية وإدارية، هو خيارنا الذي لا رجعة عنه، وهو بمثابة الرؤية المستقبلية للأردن الحديث الذي نريده جميعا، والذي تحدث عنه الملك في الأوراق النقاشية المختلفة.

اضافة اعلان


الطريق واضح أمامنا جميعا، حكومة، وساسة، ومنظمات مجتمع مدني وكتاب ومراكز صنع قرار، وهو السير نحو الإصلاح وبناء الأردن الحديث الذي يقوم على المؤسسية وسيادة القانون والمواطنة، فالأردن الذي يسعى على الدوام للاستفادة من طاقاته البشرية وشبابه، خط طريق الإصلاح بكل أشكاله.


الأمر المؤكد أن الإصلاح السياسي لا يمكن أن يستمر ويترعرع دون إصلاح اقتصادي، وكلاهما لا يمكن لهما النجاح دون إصلاح إداري شامل وحقيقي، إصلاح إداري يبنى على إصلاح القطاع العام بكل مؤسساته وضخ رؤى جديدة فيه، ومعالجة كل مظاهر الترهل التي نراها، ومكافحة البيروقراطية التي باتت تؤثر على الاستثمار والإدارة والاقتصاد والسياسة.


هنا لا بد من الالتفات لأهمية إصلاح القطاع العام ورفع الشوائب التي اعترضت طريقه وخاصة البيروقراطية التي ضربته واثرت عليه، وجعلت قطاعنا العام الذي كان مضرب مثل يوما ما يعاني من «تكرش» قاتل، وروتين ممل وكأن هناك ما زال يمتلك رؤى عفا عليها الزمن ومعالجات روتينية تشدنا للخلف وتعبث في جهازنا الإداري حتى لا يقفز للأمام.


لو أردنا البحث في أسباب ترهل بعض مؤسساتنا وقطاعنا العام سنجد أن الواسطة والمحسوبية والتضخم جراء تعيينات عشوائية أثرت بشكل كبير على تضخم القطاع العام وانعكست على تطوره وانتاجه، وهنا لا بد من قراءة الأسباب التي أوصلتنا لما نحن عليه اليوم، ولذلك لا يعقل ان نبقى دون رصد حقيقي لما يعاني منه القطاع العام من مشاكل وترهلات، وان نبقى دون معالجات جادة وحقيقية للقطاع العام الذي يعتبر عصب الدولة الأساسي، وأي حلول يتوجب ان تكون حقيقية وجادة وقابلة للتنفيذ وليست حلول على الورق فقط.


نحن دون مجاملة نحتاج لنهضة إدارية بيضاء، تقوم على أسس واضحة هدفها الرئيس معالجة الخلل دون مواربة ودون خجل ودون حسابات ضيقة، والمعالجة لا تعني ابدا إنهاء خدمات الموظفين والاستغناء عنهم، وانما تشغيلهم والاستفادة من طاقاتهم وفتح أبواب عمل لهم، إذ بات واضحا في ظل ما يجمع عليه الجميع من مشاكل مفصلية للقطاع العام اننا لسنا بحاجة لموظفين يجلسون طول الوقت على مكاتبهم يقرأون صحفا ويتصفحون مواقع إلكترونية وكفى، وانما حاجتنا لطاقات بشرية لديهم عملهم اليومي الذي يقومون به ويتقاضون رواتبهم من أجله.


بداية العلاج معالجة فكر الواسطة والمحسوبية والمناطقية والجهوية وتعزيز فكر المواطنة وسيادة القانون والذهاب نحو بناء الدولة الحديثة باعتبار أن ذلك هو بداية الطريق لإنجاح أي اصلاح سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو إداريا أو حتى ثقافيا أو رياضيا.


وبالأثر فإن سيادة القانون والمواطنة لا تأتي بالتمني أو بالتصريحات فقط وانما نحن نحتاج لقوننة ذلك من خلال قوانين تحارب الواسطة والمحسوبية وتجرم أي اعتداء على فكر الدولة الجامع تحت أي يافطة فرعية، وأيضا يترافق ذلك مع إطلاق مساحات حوار شبابية وطلابية ومجتمع مدني للوصول للدولة الحديثة التي أشر إليها جلالة الملك مرات عديدة، وما يزال جلالته يتابع وعن كثب سيرورة رؤيته ومراحل التطبيق والتنفيذ، ويعقد اللقاءات المتواصلة بهدف تعزيز فكر الدولة الحديثة التي يكفل لنا جميعا السير في طريق الإصلاح السياسي المنشود.


نعم، للأردن الحديث رؤية إصلاحية شاملة، والأردن يواصل تطوير تلك الرؤية للانتقال للأمام، وجاءت لجان الإصلاح التي تشكلت لتعزيز تلك الرؤى، وعلينا جميعا الوقوف صفا واحدا بهدف انجاحها والدفع بها للأمام والتوقف عن وضع أي معيقات في دواليبها.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا