الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة

في الرابع عشر من شهر تشرين الأول العام 1933، انسحبت ألمانيا، بقيادة مُستشارها أدولف هتلر، من عُصبة الأُمم، والحجة أو السبب كان يتمثل بـ"رفض القوى الغربية الإذعان لمطالب ألمانيا في التكافؤ العسكري"، حيث أخطر وقتها وزير خارجيتها، كونستانين فرايهر فون نويرات، من خلال رسالة مُقتضبة، أمين عام عُصبة الأُمم، جوزيف أفينول، بانسحاب ألمانيا.

اضافة اعلان


فعلتها ألمانيا، فهل تفعلها الدول العربية، وتنسحب من منظمة الأمم المتحدة؟ أو على الأقل التلويح بذلك، خصوصًا إذا ما علمنا بأن الأهداف الرئيسة لهذه المنظمة، هي الحفاظ على الأمن والسلام العالميين بين دول العالم، ومنع حدوث النزاعات ومُساعدة أطراف النزاع على تحقيق السلام، وحماية حقوق الإنسان، وتقديم المعونات الإغاثية الإنسانية للمناطق التي تُعاني بسبب الكوارث الطبيعية وتلك الناجمة عن الحروب والنزاعات.


كل الأهداف آنفة الذكر، كفيلة لجعل الدول العربية أن تنسحب من تلك المُنظمة، التي تقف حاليًا عاجزة عن المُحافظة على الأمن والسلام في غزة، وغير قادرة على منع العدوان الغاشم الإسرائيلي أو حتى إيقافه، فضلًا عن أنها تقف مكتوفة الأيدي عن تقديم معونات إغاثية، لـ2.3 مليون نسمة، يُعانون منذ 32 يومًا من انقطاع دائم للمياه والكهرباء والوقود، وكذلك مُحرم عليهم الغذاء والدواء.


انتفاء السبب الرئيس للانضمام لـ"الأُمم المُتحدة"، موجود وبشكل قوي على أرض الواقع، الأمر الذي يوجب على كل الدول العربية أن تستخدم الأوراق التي تمتلكها كاملة، خصوصًا أن المُجتمع الدولي المُتحضر لم يستطع حتى الآن، إقناع الاحتلال الإسرائيلي بهدنة مؤقتة، من أجل إدخال مُساعدات غذائية ودوائية، ولا حتى إقناعه بإدخال وقود من أجل المُستشفيات.


الدول العربية، غير قادرة على خوض حرب، ضد الكيان الصهيوني، المدعوم من دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المُتحدة الأميركية، خوفًا من نكبات أو نكسات جديدة، فلكُل منها قُدراتها، تُبلي بلاء حسنًا من خلال استخدام مناورات سياسية ودبلوماسية، قد تكون كفيلة بإيصال ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان غاشم، يتمخض عنه مُعاناة دائمة، إلى دول العالم.


لكن ذلك لا يكفي أبدًا، ونستطيع القول إنهم مقصرون، فها هو وزير خارجية الولايات المُتحدة الأميركية أنتوني بلينكن، يجوب عواصم الدول العربية أكثر من مرة، على مدار أسبوعين، وهمه الوحيد فقط هو "الرهائن"، أما الباقي فهم عبارة عن "حيوانات بشرية"، كما وصفهم زميله الشيطان، وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت.


أقل رد على صمت أو جبن أو تآمر مُنظمة الأُمم المُتحدة، هو الانسحاب منها، فهذه المُنظمة التي تُعد شرطي العالم، تقف خانسة خانعة أمام تصريح لوزير التراث بحكومة الاحتلال، عميحاي إلياهو، يقول فيه "إن إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل مُمكن. قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلى إسرائيل إعادة إقامة المُستوطنات فيه".


"الأُمم المُتحدة"، تكتفي بالنظر إلى إبادة شعب أعزل، يُباد ببطء على يد القوات الصهيونية، التي أتت على الأخضر واليابس، ومن قبلهم أطفال رضع، ونساء ثكالى، وشيوخ.. تلك المُنظمة تلتزم الصمت تمامًا وهي ترى كيف تقصف غزة بأكثر من 25 ألف طن من المُتفجرات، أي ما يُعادل تقريبًا ضعف حجم القنبلة النووية التي ألقتها بلاد الديمقراطية (أميركا) على هيروشيما.


لكي يُنصفنا التاريخ، أو على الأقل ترحمنا الأجيال القادمة، ونحفظ وجهنا أمام الأشقاء في فلسطين وغزة، يتوجب على الدول العربية أن تخطو بشكل جاد وواقعي وفعلي باتجاه الانسحاب من "الأُمم المُتحدة"، أو التلويح بذلك، فذلك أضعف الإيمان.. فهذه الخطوة قد تأتي بنتائج أكثر إيجابية من الدبلوماسية القائمة على الاستنكار والتنديد، والتوسل من أجل دخول غذاء ودواء ووقود إلى غزة.

 

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا