هل صحيح أن إسرائيل تحتلنا؟

بُعيد انتهاء أول يوم من أيام الهدنة، ما بين حركة المقاومة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، اكتشف العالم أجمع أن الأخيرة لا تتقن فقط قصف المدنيين العُزل، بل تأكد أن هذه الدولة تحارب الفرحة أيضًا.. تحارب طفلًا فلسطينيًا يرفع علم بلاده على بيته.. تُحارب مظاهر ابتهاج وسرور باستقبال أم أو سيدة فلسطينية، سُجنت ظلمًا وزورًا.

اضافة اعلان

 

لا أحد يعلم، أو حتى يستطيع التفكير، كيف لدولة بهذه السذاجة، والإجراءات “الصبيانية”، استطاعت أن تحتل فلسطين كلها؟ وكيف تمكنت من أن تسيطر على صناعة القرار في كثير من عواصم الدول؟.


دولة بكل هذه “القوة”، و”الجبروت”، تمتلك ترسانة عسكرية قل نظيرها، تُصدر تعليمات لمحاربة فرحة طفل فلسطيني، تحرر من الأسر! كل المواثيق والقوانين الدولية تلفظه، كيان يُصدر تعليمات لمنع رفع علم على بيت، تعبيرًا عن فرح بتحرير أسيرة، اعتقلت ظلمًا وبهتانًا.. دولة إرهابية تمنع سيدة فلسطينية من العلاج، إثر تعرضها لحروق من الدرجة الأولى، الاحتلال نفسه كان سببًا في ذلك، ويُصر على بقائها في المُعتقل، بلا أدوية أو حتى مُسكنات.


وبعيدًا عن تعابير الفرح والسرور، الممزوجة بالحزن والهمّ والبكاء، تارة على أوضاع الأهل في قطاع غزة، وما ارتقى فيها من شهداء، وجرحى ما يزالون يلهثون للحصول على علاج أو مداواة جراحهم، وتارة أُخرى على ما تبقى في سجون دولة الاحتلال الإسرائيلي، من أسرى يعانون شتى أنواع العذابات والتنكيل، والافتقار لأدنى احترام الإنسانية، والمواثيق والقوانين الدولية.


وبعيدًا عن التحليلات والتقارير، التي تفيد بأن المقاومة الفلسطينية، بقيادة حركة حماس، قد أملت شروطها بإقرار هدنة إنسانية، تتمثل بإيقاف العدوان الغاشم على غزة، وتبادل أسرى، وإدخال مساعدات، أكانت غذائية أم طبية إلى القطاع الذي يتعرض لإبادة جماعية، “بطلها” كالعادة آلة البطش الصهيونية.


إن المتتبع لقرارات وإجراءات الكيان الغاصب، وهو يضع الشرط تلو الآخر، على كل أسير مُحرر، وذويه، وحتى أقاربه وأصدقائه وأبناء منطقته، يخرج بنتيجة حتمية مفادها بأن هذه ليست بدولة، ولا تمتلك أدنى مقومات الدولة، والأنكى من كل ذلك هو وصوله إلى درجة من اليقين بأنه كيف لمثل هذه الدولة أو العصابة المارقة القدرة على احتلال أراض عربية وإسلامية، لا بل وتسيطر على كثير من صنّاع القرار في عدد من العواصم.


هل من المعقول، أن هذه الدولة، التي تمتلك ما تمتلك من القوة العسكرية، والأسلحة الإستراتيجية وغير التقليدية، وعلى رأسها السلاح النووي، مدعومة، عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، من أقوى دول العالم، يُشغل بالها وقادتها طفل فلسطيني، يوزّع ذووه أو أصدقاؤه حلوى.. لا بل تعد العُدة أيضًا من أجل منع ذلك.


هل من المعقول، أن هذه الدولة، التي تمتلك أقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وتدعي بأنها صاحبة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، تستنفر مجموعة من جيشها المحتل لمنع أسيرة فلسطينية من رفع علم وطنها فوق بيتها؟. هل من المعقول دولة أمطرت غزة خلال نحو 45 يومًا بأكثر من 40 ألف طن من المُتفجرات، تستنفر قواتها الهمجية من أجل منع ثُلة من الفلسطينيين تجمعوا لاستقبال أخ أو خت أو صديق؟.


الجميع لاحظ كيف كان جيش الاحتلال، وقبيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، أكان طفلًا، بنتًا، أو أُمًا تنتظر على أحر من الجمر لحظة احتضان فلذات كبدها.. كيف كان هذا الجيش الوحشي يعيث فسادًا في بيوت هؤلاء، ليس من أجل البحث عن سلاح أو قُنبلة أو مادة مُخدرة، بل همّه الوحيد هو منع الفرحة، من خلال إخراج كل من أتى لمشاركة ذلك الأسير أو الأسيرة الفرحة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا