أزمة "الأطباء" وشركات التأمين.. الحكومة على "دكة الاحتياط"

مقر نقابة الأطباء الأردنيين في مجمع النقابات المهنية-(أرشيفية)
مقر نقابة الأطباء الأردنيين في مجمع النقابات المهنية-(أرشيفية)

كشفت الأزمة القائمة بين نقابة الأطباء واتحاد شركات التأمين، والتي باتت العنوان الأبرز الذي يشغل الساحة المحلية حاليا، عن هشاشة التدابير والإجراءات الحكومية في حماية الحق في الصحة، وتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي أكدت على ضرورة تمكين الناس صحيا.

اضافة اعلان


ومن يراقب المشهد عن بعد، يكتشف أن الضحية الأولى في هذه الأزمة هو الإنسان وتحديدا المريض، كما يكتشف أيضا أن الحق في الصحة، وإن كان ضمن الحقوق المصانة في الأردن، إلا أنه يعاني من تهميش يظهر أولا في عدم صراحة النص عليه في الدستور، لكنه يتجسد أكثر في أزمة لائحة الأجور التي تتعمق يوما بعد يوم، وتضع مصير حق الناس في توفر التأمين على المحك.


ولاحقا، وبحسب خبراء في حقوق الإنسان، ستظهر آثار أزمة نقابة الأطباء واتحاد شركات التأمين، على المرضى خصوصا ذوي الفئات الاقتصادية المرهقة.


وتكشف الأزمة عن مخالفة لتوضيح اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للحق في الصحة، إذ أكدت أنه “يجب أن يتمكن الجميع من تحمل المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة، وينبغي سداد قيمة خدمات الرعاية الصحية والخدمات المرتبطة بالمقومات الأساسية للصحة، بناء على مبدأ الإنصاف الذي يكفل القدرة للجميع بمن فيهم الفئات المحرومة اجتماعيا، على دفع تكلفة هذه الخدمات سواء أكانت مقدمة من القطاع الخاص أو من القطاع العام”.


وصادق الأردن على العهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تنص المادة 12 منه على أنه لـ”كل إنسان الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه”، ووضعت هذه المادة الجوانب الأساسية للحق في الصحة منها: المشاركة وتعني: يجب أن يكون للمستفيدين من الرعاية الصحية صوت في ما يتعلق بصياغة وإعمال السياسات الصحية التي تؤثر عليهم.


إضافة إلى أن مفهوم المساءلة، وفق العهد، يقضي بوجوب إخضاع المزودين والدول للمساءلة من أجل الوفاء بالتزامات حقوق الإنسان في مجال الصحة العامة، ويجب أن يحصل الناس على إمكانية طلب تعويضات فعلية عن الانتهاكات المرتكبة بحقهم.


بالإضافة إلى العهد، فإن الحق في الصحة معترف به، في المواد 5(ه‍ـ)(4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وفي المادتين 11-1(و)، و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك في جملة مصادر أخرى.


ووفق رأي الخبير الحقوقي الدكتور ليث نصراوين، فإن الحق في الصحة يعتبر من الحقوق الدستورية وإن لم يذكرها المشرع الأردني صراحة في الدستور، لكنه حق يعتبر ضمن الالتزامات الواقعة على الدولة لتوفيرها.


وبين نصراوين أن حق الأفراد في الصحة يأتي عن طريق الدولة بشكل مباشر، التي تلتزم بكفالة هذا الحق وتوفيره من قبل أجهزتها، ويدخل ضمن مسؤوليتها بأن توفر السبل الكفيلة الأخرى لتمكين المواطنين لتلقي العلاج، والتي من ضمنها التأمين الصحي.


وأضاف: “وإن كان التأمين الصحي يأتي من خلال شركات خاصة لكن يقع لزاما على الدولة أن تراقب العملية التعاقدية التي تجري بين المواطنين وشركات التأمين، وتضمن أن تتم بشكل يحمي الحق في الصحة”.


واستنكر نصراوين تخلي الدولة عن مسؤوليتها في حماية الحق في الصحة وسط أزمة نقابة الأطباء وشركات التأمين، مشددا على أن من مظاهر التزام الدولة في حماية الحق إما المراقبة وإما التدخل المباشر، في كل ما ينتهك حق المواطنين في الصحة.


جملة الانتهاكات الواقعة على الحق في الصحة، من جراء أزمة نقابة الأطباء واتحاد شركات التأمين، يؤكد عليها الخبير الحقوقي رياض صبح، الذي قال في حديث لـ”الغد” إن “المتأثر الأول من هذه الأزمة هو الحق في الصحة”.


وتلك الانتهاكات كما يبين صبح، تكشف ضرورة أن يكون جزءا من الحماية الاجتماعية من قبل الدولة، وعلى الدولة أن تضع معايير فعالية وعادلة ومستدامة لتوفير الخدمات الصحية، سواء في القطاع العام أو الخاص.


“بمعنى أن ارتهان نسبة كبيرة من الناس لتوفير الخدمات الصحية، مرتبط بالقطاع الخاص، وتأمين صحي قادم من قطاع خاص، دون وضع معايير دقيقة، الأمر الذي يفاقم آثار الأزمة الواقعة بين نقابة الأطباء وشركات التأمين، وضحيتها المواطن وحماية الحق في الصحة”، وفق صبح.

 

اقرأ المزيد : 

جدل لائحة أجور الأطباء.. هل يدفع المواطن الثمن؟