ريشة المصري تنسج خيوطا من الألوان وتنقل المشهد الحياتي المعاصر

الفنانة رندة المصري-(من المصدر)
الفنانة رندة المصري-(من المصدر)

تستثمر الفنانة التشكيلية الأردنية رندة المصري قدراتها وإمكانياتها في إبراز تفاصيل دقيقة وتعبيرات تأملية تسمح بخروج اللوحة إلى حيز بصري، موظفة الأسلوب التعبيري بما يتيح للمتلقي التأمل بعمق في أعمالها.

اضافة اعلان


تنسج ريشة المصري خيوطا متكاملة من الألوان والأشكال والفراغات والفضاءات، لإظهار الجوانب الإنسانية والطبيعة.


وتركز في المقومات التعبيرية التي تشتغل فيها على مساحات مختلفة وكتل لونية، ما يجعل أعمالها بؤرة تخضع لسلطة التأمل من دون الانتهاء لحد معين وتتعدى الانطباع بالمعايير الفنية، لكنها تتجه أحيانا نحو أشكال يلفها التحريف والانسيابية في الصنعة اللونية والشكلية، لتضفي عليها أشكالاً مغايرة وتحولها إلى أعمال إبداعية ذات انفعالات باطنية، تعبر عن معان وأحاسيس داخلية وعن رؤى ذهنية منبثقة عن الواقع، بالنسيج الإبداعي في شكله الانطباعي لتصنع أشكالاً فنية متنوعة، تصوغها في ألوان مختلفة، وفق ما ذكرته في سياق حديثها لـ "الغد". 


وتفرض الفنانة حضورها على الساحة التشكيلية الأردنية من خلال، لوحاتها التي تحاكي شغفها للحياة والفن، رغم أنها لم تدرس الفن التشكيلي أكاديمياً، كونها درست العلوم الحياتية (علم البيولوجي)، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك، لكن ذلك لم يمنعها من مزاولة موهبتها التي عشقتها منذ نعومة أظفارها، وأثناء دخولها المدرسة الابتدائية، نفذت العديد من الأعمال التي شاركت فيها في المعارض، وساعدها على ذلك نضوج اللون في لوحاتها مبكراً، فشقت طريقها في هذا المجال بعزيمة وإصرار وتحدٍ، بعد انتهائها من دراستها الجامعية، لتمارس الفن التشكيلي وتعمق تجربتها الفنية عبر العديد من المحاولات التعليمية لتطوير الخبرة المكتسبة وابتداع أسلوب تكتيكي خاص بها.


وتأسر المصري المناظر الطبيعية في المدن التي زارتها وكان لها المكانة المؤثرة في قلبها لاختيار موضوعاتها الفنية واستقاء الألوان منها، لأن المشهد الحياتي المعاصر كان يأخذها دوما باتجاه مناقشة قضاياه المختلفة، كالربيع العربي والثورات والانتفاضة وحرب غزة مؤخراً، مستخدمة ألواناً قوية نابضة بالحياة والأمل.

 

مواضيعها متنوعة غنية، تبهر النظر بكيفية تعاملها مع المساحات البيضاء.

 

ناسجة من الطبيعة وقضايا الإنسانية والمجتمع أعمالها الفنية، إذ تحرص على وضع لمسة خاصة في تشكيل اللوحة بطريقة فنية جمالية، تحملنا إلى عالم الإبداع، لأنها دائماً كثيرة البحث عن أساليب جديدة في العمل الفني.


وعرجت على بدايات تجربتها الفنية عندما كانت تتمعن الأشياء من حولها وتستقي مواضيع رسوماتها من الصحف والمجلات والكتب والروايات التي كانت تنقل خبرا عن الانتفاضة الفلسطينية تارة، وعن قضايا المرأة تارة أخرى، تتضمن حقوقا مسلوبة وأخرى مكتسبة عبر مناظر طبيعية فطرية وثانية منسقة ومعتنى به، مشيرة إلى أنها كانت  تستهوي في بداياتها النقل والاستنساخ حتى تمكنت من أدواتهما، وانتقلت إلى تجربتها الخاصة، حيث أدركت من خلال العديد من المعارض الفنية التي شاركت فيها أن ما كان يميزها دوماً عن غيرها، هو اللون وصفاؤه وقدرتها على التنقل بين درجاته الحارة والباردة والعزف على أنغامه بسلاسة سيمفونية عذبة.


وتقول المصري: "إنها بسبب موهبة الرسم المسكونة داخلها، اضطرت إلى مواصلة تعلم الفن التشكيلي وتطوره من خلال متابعتها عبر مواقع الإنترنت المتخصصة في هذا المجال، ما زادها علماً وفكراً وعملاً، وأثمر بوضع أولى خطواتها في الطريق الصحيح، لإقامة أول معرض شخصي لها في بيت الشاعر عرار الثقافي العام  2011، والذي احتوى على العديد من التجارب المتنوعة من الواقعية إلى الانطباعية إلى التعبيرية التجريدية، حيث كان لابد من التجربة حتى ينبثق الأسلوب".


ومن ثم شاركت في المعارض الشخصية والجماعية محلياً وعربياً منها: الطريق إلى القدس، تواصل، وفلسطين حكاية ولون، وكذلك معرضها في جاليري الدغليس (2016) في عمان، ومعرض بصمات في القاهرة ومعرض ألف ليلة وليلة احكي ياشهرزاد في مدينة الدار البيضاء بالمغرب، ومعرض أنا الإنسان في الناصرة.


وإلى جانب مشاركتها في معارض محلية ودولية مختلفة، التشكيلية المصري حصلت على شهادات التقدير على أعمالها، بميدالية من الملتقى التشكيلي الأول في القاهرة، وشعار بلدية الناصرة، ولها لوحات منتقاة في جهات مختلفة من أبرزها متحف الفنون في إيطاليا.


وتعيد المصري القول: "إن حبها للون لم يمكنها من الخوض بالرسم في مختلف المدارس الفنية التشكيلية وأساليبها بحسبها، موضحة"، من أجل أن أتنقل بين حقولها وأستقي رحيق أزهارها، أقوم بدمج أساليب وتكتيكات مستقاة من تتجارب فنانين تميزوا في عصرهم مثل: Claude Monet , Auguste Renoir ,Van Gogh Edouard Manet. 

 



وتختتم المصري حديثها بالقول: "إن الفنان جزء من مجتمعه ومرآته الوفية التي تنقل معاناته، وهو أكثر الناس قدرة على نقل وإيصال الرسالة بطريقة حضارية تخلد عبر العصور".