مطالب بإدراج تعليمات خاصة للمصاعد في المنشآت للحد من وقوع حوادث للعمال

مصاعد الخدمات.. رداءة المواصفات وغياب الرقابة والإشراف الهندسي

أحد مصاعد الخدمات في مخبز بعمان-(الغد)
أحد مصاعد الخدمات في مخبز بعمان-(الغد)

صانعو مصاعد خدمات: نصممها للبضائع وليس للبشر.. وأصحاب المنشآت مخالفون
تتسبب مصاعد خدمات في منشآت متوسطة وصغيرة بحوادث وإصابات للعمال، وتصل أحيانا الى التسبب بوفاة بعضهم، جراء غياب رقابي عن ضبط مواصفات هذا النوع من المصاعد بتعليمات خاصة، أو كودات بناء وطنية تحمي العمال قانونيا، وتكفل لهم سلامتهم الصحية.

اضافة اعلان

 

وتعرف هذه المصاعد في التوصيف الرسمي بـ"الرافعات" أما اسمها المتداول على ألسنة العاملين في تلك المنشآت، فهو "المصاعد الكهربائية"، أو "مصاعد الخدمات"، وهي تختلف في شكلها وآلية استخدامها عن المصاعد التي تستخدم في المؤسسات الرسمية والخاصة والشركات والبنايات السكنية، لنقل الأشخاص بين طوابق البنايات.

 

وفي ظل العماء الذي يسود عمليات الرقابة لهذه المصاعد، فإن أصحاب المنشآت المتوسطة والصغيرة، وبعد حصولهم على التراخيص والموافقات الأمنية لمنشآتهم وأعمالهم، يصممون مصاعد خدمات "رافعات" لنقل البضائع أو الأشخاص من دون حصولهم على ترخيص لها، أو استشارات هندسية.

 

وللتوفير، فإنهم يقترون في أكلاف ومواد تصميم مصاعد الخدمات، ويوكلون تنفيذها لحرفيين كالحدادين أو الكهربائيين، بصرف النظر عن مؤهلاتهم وخبراتهم، على غير ما هو معهود في تنفيذ المصاعد المرخصة.

 

لم يكتف أصحاب منشآت بهذه المخالفة، بل إن بعضهم يتجاهل وضع أي لوحات إرشادية، توجه العمال لكيفية استخدام هذا النوع من المصاعد، وإقرار إجراءات قانونية بحق أي عامل يخالف التوجيهات تلك، وهذا يجعل العامل نفسه، هو من يتحمل مسؤولية استخدامه لها، وفي حال تعرض لحادث بسببها، فتدرج إصابته تحت بند "إهمال وتقصير.. أو قضاء وقدر".

 

"المواصفات والمقاييس" تستثني مصاعد الخدمات

 

تتضمن تعليمات الرقابة لرفع جودة وكفاءة المصاعد المستخدمة في المباني والمنشآت الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية في العام 2022، التزام مالكي تلك المنشآت والمركبين للمصاعد وصانعيها ومستورديها وشركات صيانتها، والتزامات شركات الكهرباء، بالتعليمات.

 

كما تلزمهم باتخاذ خطوات كفيلة بضمان التشغيل السليم والاستخدام الآمن للمصاعد، وأن تكون الآبار والغرف المعدة لها، خالية من أي شبكات أنابيب أو أسلاك أو معدات أخرى، غير متعلقة بعملها، أو بأي توصيلات لا ضرورة لها، وأن يلتزم المالك، أو من ينوب عنه بعقد صيانة ساري المفعول على نحو دائم.

 

لكن المادة (2) من هذه التعليمات، تشير الى أنها تطبق على المصاعد المركبة بشكل دائم في المباني والمنشآت التي تخدم طوابق محددة بعربة نقل للأشخاص، أو البضائع والأشخاص معا، ويستثنى 9 بنود منها: آلات الرفع المستخدمة في المواقع الإنشائية والصناعية والتجارية ومباني التخزين المخصصة لنقل البضائع وليس الأشخاص.

 

وضمن المعطيات الإحصائية المتوافرة، تشير الجمعية المتخصصة للمصاعد لوجود أكثر من 600 شركة مصاعد مسجلة بوزارة الصناعة والتجارة والتموين، لكن غالبيتها "غير مؤهلة لمزاولة هذه المهنة"، وفق تصريحات صحفية سابقه لرئيس الجمعية المهندس محمد أحمد الفقي.

 

وفاة ابن صاحب منشأة.. وتنبيهات شفوية

 

في نهاية العام الماضي توفي الثلاثيني عماد (اسم مستعار)، أثناء استخدامه لمصعد خدمات وسقوطه، إذ ارتطم رأسه بين حافة أرضية المشغل وحديد سقف المصعد وحشر رأسه بينهما، فلقي حتفه عند وصوله الى المستشفى الحكومي.

 

وتفاصيل القضية كما وثقتها ملفات القضاء، بأن الحادث وقع في مؤسسة لتجارة الخضراوات والفواكه، تحتوي على مصعد خدمات لنقل الخضراوات من الطابق الأرضي الى الأول، لكنه لم يكن جاهزا للاستعمال عند وقوع الحادث، وكان بعد في المرحلة التجريبية.

 

وفي حدود الساعة الـ2 ظهرا، ورد اتصال هاتفي لوالد المرحوم، يعلمه بأن المصعد سقط على الأرض، وجسد ولده عماد بين الجدار وحديد المصعد، عندما كان يحاول إنزال المصعد، عن طريق القفز عليه من الداخل، وأثناء محاولته الخروج، قام العامل (ع.ص)، بناء على طلب المرحوم "بالضغط على زر تشغيل المصعد"، ليقع الحادث المؤلم، ومن ثم (ع.ص) الى القضاء بجرم التسبب بالوفاة، وفقا لأحكام المادة (343) من قانون العقوبات.

 

والد عماد، ووفق إفادته الرسمية أمام القضاء، اعتبر بأن "ما حصل لابنه قضاء وقدرا"، فأسقط حقه الشخصي عن (ع.ص)، بينما أشار شقيق المتوفى الى أن "المصعد فعلا كان تحت التجربة، وأنه استخدم لمدة أسبوع فقط، وقبل الحادث بليلة تعطل، فجرى التواصل مع جهة لصيانته".

 

ويؤكد عامل كهرباء من الشهود في القضية، أنه ركب مصعد خدمات خارجي للمؤسسة التي تعود لوالد المرحوم، واقتصر عمله على تركيب "ماتور وتنفيذ تمديداته الكهربائية، وتجهيز المصعد الذي لم يكن يعمل لوجود نواقص فيه"، مبينا أنه نبه وأخبر المرحوم والعمال وحذرهم شفويا، بعدم استعمال المصعد.

 

تقرير الطبيب الشرعي بعد الكشف على جثة عماد، رد سبب وفاته بـ"وقوع الرأس والعنق بين قوتين ضاغطتين متعاكستين الناتج عن سقوط مصعد".

 

إهمال في الرقابة.. وعقود الصيانه غائبة

 

مديرة مديرية السلامة والصحة المهنية بوزارة العمل المهندسة نجاح أبو طافش، قالت إن فرق التفتيش بالوزارة "تقوم يوميا بالتفتيش على منشآت القطاع الخاص، للكشف عن مدى معايير السلامة المهنية فيها"

 

وأوضحت أبو طافش، أنه في حال تبين لهذه الفرق، بأن مصعد الخدمات متهالك، ويعرض العمال للإصابة، ولا ينفذ صاحب العمل صيانة دورية له، فـ"للوزير اتخاذ إجراءات قانونية بحقه، كإغلاق المنشأة كليا أو جزئيا، أو إيقاف المصعد عن العمل، إلى حين تصويب صاحب المنشأة هذه المخالفة"، أو بمعنى آخر، إجراء صيانة متكاملة للمصعد، بحيث يصبح آمنا للاستعمال.

 

وأضافت، أنه يحق للوزير إحالة صاحب العمل للمحكمة المختصة، ويعاقب في هذه الحالة بغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار، وتضاعف الغرامة في حالة التكرار.

 

غير أنه في حال أصيب العامل إصابة عمل بسبب حادث تسبب به المصعد، أو أي آلة أخرى، ونجم عن تلك الإصابة، وفاته أو عجزه كليا، فتلزم الوزارة صاحب العمل، بتعويض العامل بـ"أجر ألف ومائتي يوم عمل"، على ألا يتجاوز التعويض 5 آلاف دينار وألا يقل عن ألفي دينار.

 

الخبير في السلامة والصحة المهنية حاتم الكسواني، وصف مصاعد الخدمات في المنشآت المتوسطة والصغيرة بـ"البؤر الساخنة"، لما قد ينجم عنها من مخاطر، جراء عدم مراقبة جاهزيتها وانعدام الصيانة الدورية لها، ما يعرض العاملين للإصابة في أي لحظة، أو يودي بحياتهم، مؤكدا انعدام عقود الصيانة الدورية لتلك المصاعد.

 

وأفاد الكسواني، بقاء مصاعد الخدمات مفتوحة، وخلوها من الأبواب أو الحواجز، بالإضافة إلى بدائية تصميمها، ما يجعلها غير صالحة للاستخدامات الذي صممت لأجلها، بخاصة الموجودة في ورشات البناء والميكانيك، ويرجع إصابات العمل التي تحدث بسببها لـ"إهمال مسؤول السلامة والصحة المهنية الموجود في مكان العمل، ولفرق التفتيش بالوزارة".

 

وشدد الكسواني على أن غياب مفتشي سلامة وصحة مهنية المتخصصين "يرفع عدد الإصابات" في المنشآت، لافتا الى أن معهد السلامة والصحة المهنية بمؤسسة التدريب المهني، كان لديه مفتشون متخصصون في أماكن العمل، وفقا لقانون العمل، لكن هذه المهمة "سحبت من صلاحيات المعهد، وأوكلت لمفتشي الوزارة".

 

وقال إن ذلك، جعل قائمة نقاط التفتيش المكلف بها مفتش الوزارة كبيرة، لا يمكنه تغطيتها بكفاءة، مؤكدا أهمية تطبيق برامج رقابة دورية على سلامة مصاعد الخدمات، بخاصة الكشف دوريا عن حبالها المعدنية التي تستخدم في الرفع والتنزيل ومدى سلامتها، وتحديد أوزان البضائع المصرح بحملها أو رفعها في كل مصعد خدمات.

 

مدير دائرة رخص الأبنية بأمانة عمان المهندس زياد أبو عرابي، أفصح عن عدم كفاية أعداد مفتشين المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في ظل تزايدها في العاصمة عمان، وتبديل أعمالها بعد حصولها على أذون الترخيص.

 

وأقر أبو عرابي، أن تركيب أغلب المصاعد الخاصة بالبضائع والمعروفة باسم "الرافعات الحديدية"، ليس لها مواصفات ومقاييس خاصة، وغير مدرجة على كودات مجلس البناء الوطني (كودة المصاعد)، لذا يستغل أصحاب المنشآت هذا الخلل، بتأسيس أمكنة لمصاعد الخدمات بين أدراج وطوابق منشآتهم، ويحولونها الى رافعات، غالبا تكون غير آمنة، ولا يصرفون عليها جيدا، لتكون صالحة للاستعمال، بعد حصول منشآتهم على التراخيص، ما يعتبر مخالفة صريحة، مشددا على أن ضبط المخالفات بعد الترخيص، لا بد وأن يكون بالتنسيق مع الجهات الرسمية والأمنية جميعها.

 

تهدف كودة المصاعد التي صدرت في العام 2008 من مجلس البناء الوطني الأردني الخاصة بالمصاعد الكهربائية للأشخاص و/ أو البضائع، ووضعت التنظيمات والتوصيات المتعلقة باختيارها وتركيبها، لضمان أداء جيد ومأمون يحمي الأشخاص والممتلكات من المخاطر التي قد تنجم عن عملها غير السليم، أو عن استعمالها الخاطئ.

 

كما تضمنت، المصاعد الكهربائية والهيدروليكية للأشخاص والبضائع ومصاعد الخدمات، غير أنها "لم تشمل منصات الرفع، أو المصاعد المصممة للمقعدين، أو غير ذلك من المصاعد التي لم يرد ذكرها في الكودة".

 

فروقات الكلف بين الرافعات والمصاعد المرخصة

 

تلعب تكاليف المصاعد، دورا مهما في ابتعاد أصحاب المنشآت المتوسطة والصغيرة عن تركيبها لأن كلفتها تصل أحيانا الى 20 الف دينار، بينما تصل كلفة مصعد الخدمات في الحد الأعلى الى 2000 دينار وفي الحد الأدنى الى 300 دينار.

 

يعتمد تركيب وتنفيذ مصعد الخدمات، على مهارة حداد وكهربائي فقط، اما المواد المنفذ بها، فتتكون من حبال وبكرات وحديد ومحرك كهربائي، وتجهز خلال يومين أو ثلاثة غالبا، وفق الخبير بتركيب الرافعات وصيانة المصاعد الكهربائية المرخصة لاكثر من 12 عاما الأربعيني ابو علاء.

 

وكشف ابو علاء أن هذا النوع من المصاعد "غير آمنة"، لكن العمال يستخدمونها أحيانا لرفع وتنزيل البضائع، بحيث تكون حبالها الحديدية مهترئة، او تكون نوعية محركاتها رديئة، وأحيانا تستخدم محركات مستعملة فيها.

 

وبين أن أصحاب محلات صغيرة كالمطاعم والمخابز ومواد البناء "بلا ضمير"، لأنهم يستخدمون مصاعد خدمات مخفضة الكلفة، وهو ما ينعكس على حالتها الرديئة، متغاضين عن توخي سلامة أرواح عمالهم.

 

في المقابل، فإن أصحاب منشآت، يركبون "حساسات" لتلك المصاعد، بهدف توقفها في حال اصطدمت بأي شيء، كما يعمد بعضهم لإبرام عقود سنوية لصيانة مصاعد الخدمات في منشآتهم بين فترة وأخرى، وفق ابو علاء، الذي أكد عدم وجود أي لجنة من اي جهة تشرف على استلام هذا النوع من المصاعد، لافتا الى ان من يستلمونها عادة هم أصحاب المنشآت شخصيا، لا متخصصين يعرفون ماهيتها.

 

وتفاديا لتحمل مسؤولية أي حادث، يقوم أبو علاء بتوقيع صاحب المنشأة على ورقة، تفيد بأن الغاية من تصميم الرافعة، خاصة بالبضائع وليست للعمال، مشيرا الى عدم وجود أي لوحات إرشادية للسلامة العامة في تلك المنشآت.

 

لم يقتصر الأمر على إقدام اصحاب منشآت لتوفير كلفة تجهيز مصاعد خدمات لمنشآتهم، بل يذهب أبعد من ذلك، حين يجدون منفذا يمكنهم من عدم دفع ما أقرته "المواصفات والمقاييس" من رسوم تقدر بـ550 دينارا، هو بدل كشف مبدئي ونهائي وتكميلي أول وثان وثالث للمصاعد، وهذه الرسوم منشورة بالتفصيل عبر موقعها الرسمي بعنوان "خدمة الكشف عن المصاعد المركبة"، لأن غالبية مصاعدهم تنفذ بعد ترخيص المنشأة، أي أنها بلا ترخيص.

 

وخلال جولات ميدانية لـ"الغد" على أكثر من منشأة تجارية كالمخابز ومحلات الخضراوات والفواكه وأدوات البناء والمشاغل، شوهد عمال في هذه المؤسسات يستخدمون مصاعد الخدمات، دون أي لافتات أو إرشادات تشير لإجراءات السلامة المهنية، او حتى لصندوق الإسعافات والطوارئ.

 

وبرغم تهرب أغلب من التقيناهم من اصحاب المنشآت من الاجابة عن استفساراتنا التي تتعلق بكيفية تركيب تلك المصاعد وترخيصها واستعمالها، أفاد أبو سمير، صاحب مخبز في إحدى مناطق عمان الشرقية، ان هناك عمالا يفضلون استخدام مصعد الخدمات "الرافعة" ليتفادوا استخدام الأدراج الخلفية للمخبز، مشيرا أنه يحذرهم من عدم القيام بذلك، "لكن لا حياة لمن تنادي".

 

وعن سعر مصعد الخدمات في المخبز، قال ابو سمير إنه لا يصل الى 1500 دينار، وفي مخبزه يستخدمه لرفع وتنزيل "أفراش" أو "طبليات" الخبز فقط، بينما يحمل عماله أكياس الطحين، ويصعدون الدرج الى الطابق الثاني، لتخزينه وإعداد خلطات العجين.

 

من يتحمل المسؤولية؟

 

وسط غياب الرقابة، وافتقار اي كودة او مواصفة لمصاعد الخدمات، فإن صاحب المنشأة، يتحمل مسؤولية اي حادث قد يصيب اي عامل بسبب غيابها، وفي حال وفاة أو اصابة عامل، يأتي دور المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أوضحت وفق ناطقها أنس القضاة لـ"الغد"، بأن هناك لجانا مشتركة مع الجهات مختصة كوزارة العمل والدفاع المدني، للتفتيش على معايير السلامة والصحة المهنية في المنشآت، ومدى التزام أصحابها بتوفيرها للعمال، ومن بينها المصاعد حال وجودها.

 

وفي حال كان المصعد غير آمن أو متهالك، يعرض العاملين للخطر، تتخذ بحق المخالف إجراءات قانونية، كرفع نسبة اشتراكات إصابات العمل عليها لتصبح 4 % كحد أعلى بدلا من 2 %، وإلزامها بتحمل تكاليف العناية الطبية لأي عامل يصاب إصابة عمل بسبب المصعد أو لأي سبب آخر يتعلق بمكان عمله.

 

أما بشأن عدد إصابات العمل الناجمة عن مصاعد الخدمات، فيورد القضاة بأن المؤسسة رصدت 59 إصابة في العام 2020، ارتفعت الى 114 في العام 2021، وأصبحت 108 العام الماضي.

 

ووفقا لآخر إحصائية صادرة عن الضمان، فإن عدد حوادث العمل المسجلة فيها للعام 2021 بلغت 21388 في مختلف القطاعات، اعتمد منها 15403 كإصابة عمل بـ72 % من إجمالي الحوادث المسجلة في ذلك العام، فيما بلغ عدد الوفيات 196 من إجمالي الإصابات المعتمدة.

 

وذكر تقرير للمؤسسة حول أسباب حدوث الإصابات في القطاعات الاقتصادية الخاصة، بأن "سقوط الأشخاص"، احتل أعلى نسبة لوقوع إصابات العمل في العام 2021  حيث وصل عددها إلى 3602، يليها أدوات العمل اليدوية بعدد 152، ثم الإصابات الناجمة عن سقوط الأشياء بـ1244.

 

لا تعليمات رسمية حول مصاعد الخدمات

 

أثناء اعداد هذا التحقيق والتقصي عن الخلل الذي يودي بحياة العاملين بسبب مصاعد الخدمات، وسط غياب اجراءات السلامة العامة، أو وضع لوحات تحذيرية بعدم استعمالها، كونها مخصصة للبضائع، توفي عامل في أيار (مايو) الماضي، بعد سقوط مصعد في أحد مطاعم عمان، وفق مصدر أمني.

 

وفي نهاية نيسان (ابريل) العام الحالي، توفي حدث من جنسية عربية، يعمل في مطعم معجنات بعمان، إثر سقوط مصعد كهربائي على جسده، وفق ما أشار إليه الخبير القانوني هاني زاهدة في مقالة له، تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا.

 

ووثقت مقالة زاهدة أيضا، إصابات جسدية لعاملين، بينهم "ابن أختي بالمصعد كاملا في محله على الأرض وتكسرت أرجله، وبقي ملازما الفراش لعدة أشهر، كما توفي ابن صديق لنا، كان يدرس ويعمل في محل خضار، حيث تكسرت جمجمته خلال استخدامه للمصعد، ولا بد أن هناك الكثير من مثل هذه الحوادث التي نفقد فيها شبابا في عمر الورود، بسبب هذه المصاعد القاتلة".

 

وبحسب ملاحظاته، فإن "مصاعد المحلات الصغيرة هي في الأساس، لرفع وتنزيل البضائع بين الطابق الأرضي والسدة"، ولكن واقعيا تستخدم بشكل مكثف لصعود العمال ونزولهم، خصوصا وأنه يستغنى بها عن الأدراج الداخلية، لتوفير المساحة، ما يجعلها مخصصة لحمل الأشخاص وليس البضائع فقط.

 

"تكفينا هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والأجسام"، وفق زاهدة الذي طالب بوضع تشريعات، تمنع وجود هذه المصاعد في المحلات، من دون أن تحصل على ترخيص، وشهادات من مكاتب هندسية مختصة في الاشراف على تركيبها، والتأكد من تلبيتها لمتطلبات السلامة وصلاحيتها للاستخدام.

 

رئيس النقابة العامة للعاملين في البناء محمود الحياري، بين أن المشكلة تكمن في ضعف رقابة الجهات المعنية لمعرفة مدى سلامة مصاعد الخدمات في المنشآت المتوسطة والصغيرة.

 

وحول شروط السلامة والصحة المهنية يقول الحياري "يجب أن تتوافر في أي منشأة، أكانت تجارية أو صناعية أو حتى خدمية، شروط السلامة المهنية"، مستدركا أن مديرية الدفاع المدني لا توافق لأي منشأة على البدء بعملها، إلا بعد التحقق من سلامة كل ما يتعلق بأماكن عمل العاملين، بما فيها المصاعد، وما اذا كانت تتوافق مع الشروط والتعليمات والمواصفات الصادرة عن الجهات المعنية كمؤسسة المواصفات، وأمانة عمان الكبرى للمنشأة.

 

في المقابل، فإنه يقع على عاتق صاحب المنشأة، وفق الحياري، إجراء صيانة دورية للمصعد المخصص لعامليه من حيث "باب المصعد والحبال التي تحمله، والمحرك الخاص به"، لضمان سلامة العاملين وتلافي وقوع أي إصابات، وفي حال أصيب أي عامل بسبب المصعد، فيجب على مشرف السلامة والصحة المهنية الموجود في المنشأة، تحليل الحادث ومعرفة أسبابه، وإبلاغ صاحب المنشأة لمعالجتها.

 

يقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، إن التشريعات الأردنية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، ألزمت مؤسسات الأعمال بتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامة وصحة عامليها، بحيث "لا يكونون آمنين حسب، بل وأن يتمتعوا بصحة جيدة أيضا".

 

لكن أصحاب العمل، لا يأخذون على عاتقهم إلا القليل من المسؤولية تجاه حماية سلامة وصحة العمال، والواقع يؤكد أن العديد منهم لا يعرفون بالضبط مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية لحماية العمال.وفق عوض.

 

ويؤكد أن مصاعد الخدمات وتصميمها، يجب أن تتواءم ومعايير السلامة والصحة المهنية المتعارف عليها دوليا، وأن تخضع للفحص الدوري للتأكد من سلامتها، ويرى أن هذه الإجراءات، جزء من مهام ومسؤوليات وزارة العمل ومؤسسة الضمان والدفاع المدني.