العدوان على غزة يعيد الوعي بقضية فلسطين وينسف أوهام التطبيع

أطفال يهتفون لفلسطين (الغد)
أطفال يهتفون لفلسطين (الغد)

شهداء.. أطفال.. مقاومة.. عدوان، وغيرها من الكلمات التي بات أطفالنا يسمعونها يوميا، من آبائهم أو أمهاتهم أو من هم اكبر منهم في العمر، أو عن طريق مواقع التواصل والقنوات التلفزيونية، بشكل لم يعد فيه، تجاهل ما يجري من جرائم يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة. 

اضافة اعلان


وعلى وقع هذه الكلمات التي تبدو جديدة على هذه الشريحة، وغير معتادة، بدأ فضولهم يستثار بطرح أسئلة عديدة، تقود أجوبتها إلى قدح شرارة وعيهم بقضية فلسطين، ما يكرس بقصد أو من غير قصد، نسف كل أوهام التطبيع مع العدو الصهيوني لأجيال قادمة. 


"أحب فلسطين وأكره اسرائيل".. بمشاعر ترسخت وبات تغييرها مستحيلا، يتحدث الأطفال فيما بينهم هذه الأيام، وقد كانوا حتى وقت قريب غير مدركين لهذه العبارة لو نطقت أمامهم، ولخفوت التوعية بالقضية فيما مضى، لكن ما يجري في غزة فتح الباب على مصراعيه لتصبح القضية بمتناول أي كان.  


فعلى نحو تدريجي ومنذ أن بدأ العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تتسع دائرة الاهتمام لدى مجموعات كبيرة من الاطفال بما يجري هناك، ويمتزج هذا الاهتمام بالفخر بما تنجزه المقاومة الفلسطينية، والقهر جراء وقوع ضحايا من مجايليلهم، بينما يسعون ببساطتهم وعفويتهم، إلى تفكيك شيفرات المسميات الزائفة التي حاولت تغيير الحقائق، بتقديم صورة جميلة لعدو قبيح.    


من مشاهدة الاحداث على شاشة التلفاز الى التفاعل الحي في الميدان، يصر الطفل نزار وعمره اقل من 9 اعوام/ على مرافقة والده الى احدى المسيرات في مدينة الكرك، للتنديد بالعدوان الغاشم على غزة. 


نزار ووفق ما يؤكده والده، لم يكتف بالذهاب الى المسيرة للمشاهدة، بل إن ما طرحه من اسئلة عما يدور من أحداث، كانت أجوبتها كفيلة بأن تولد لديه مشاعر وإن بدت أكبر من سنه، إلا أنها صادقة وتصب جميعها في محاولة فهمه للقضية الفلسطينية، وتكرس لديه وعيا مبكرا بحقيقة العدوان. 


ويتابع: "تغيرت اهتمامات ابني، الآن هو مهتم بشكل غير مسبوق لمعرفة كل شيء عن فلسطين وغزة وعن أعدائنا الصهاينة". 


نزار ليس حالة فريدة بين الأطفال، كما أن الكرك ليست الوحيدة بين مدن المملكة التي تشهد فعاليات بشكل يومي لتأكيد الدعم والتضامن مع الأشقاء في فلسطين بشكل عام وغزة على وجه الخصوص.  


ومع تتابع أخبار العدوان، وعمليات القتل والتدمير التي ترتكب بحق المواطنين الفلسطينيين، تحول جانب من اهتمام الأطفال الذي كان منصبا على اللعب لصالح متابعة ما يجري في غزة والتعرف على أدق التفاصيل. 


يقول مواطنون ونشطاء بالكرك إن "هناك مشاركة فعالة بالاعتصامات والفعاليات المختلفة من قبل الأطفال وصغار السن، ولم تكن موجودة في فعاليات نظمت سابقا ولكن كانت متعلقة بقضايا أخرى". 


وأضافوا "بدأنا نشهد حماسا متزايدا من قبل فئات عمرية صغيرة، أطفالا يصرون على المشاركة بالمسيرات والوقفات الاحتجاجية يرفعون الأعلام ويرددون الهتافات التي تحيي صمود المقامة وتندد بالعدوان". 


واعتبروا أن "ما يجري ينم عن وعي مبكر لدى الأطفال بالقضية الفلسطينية، وهو ما يصب بمصلحة قضايا الأمة كاملة". 


ولفتوا "نلحظ اهتماما متزايدا بما يجري بفلسطين حتى أسماء المدن باتت معروفة لدى الكثيرين، أصبحوا الآن يعرفون أكثر من أي وقت مضى أسماء عسقلان وعكا ويافا وبئر السبع وحتى أسماء مدن وبلدات غزة، باعتبارها أسماء مدن فلسطين المحتلة، والتي سعى الكيان الصهيوني إلى طمسها على مدى عقود من زمن الاحتلال، بيد أن المقاومة أحبطت مسعاه الفاشل في أيام معدودة". 


يقول الناشط السياسي الدكتور عمران الضمور إن "ما حدث اعاد القضية الفلسطينية بشكل كامل وغير مسبوق إلى القلوب والأذهان، وبشكل جديد يتزايد الوعي لدى شريحة كبيرة من الأطفال بهذه القضية والذي سيكون له الأثر الكبير في مواقفهم مستقبلا تجاه عدونا الغاشم"، قائلا "لم يعد بالإمكان تزييف الحقائق والأجيال القادمة ستكون منذ الآن واعية ومدركة للحقيقة كاملة".   


وتابع الضمور "عدد ليس بقليل كان لا يعرف الجغرافيا الفلسطينية، الآن حتى أسماء المدن والبلدات باتت حاضرة في قلوب الجميع" 


وبين أن "هناك مشاركة واسعة من الأطفال والشباب بالفعاليات التضامنية مع فلسطين وغزة والتي تنظمها جهات متعددة بالكرك، الأمر الذي يؤكد ان هناك وعيا قد تشكل لدى الاطفال وهو ما يجب أن يتم تعزيزه حتى مع انتهاء الحرب". 


وأشار إلى أن "اهتمامات الاطفال تغيرت وانخفضت متابعة مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الكمبيوتر وغيرها والتي احدثت شرخا في الوعي والتفكير لدى الأطفال وكانت تشكل مشكلة بالتعليم ولدى الأهالي بالمنازل"، لافتا إلى أن بعض الأطفال تلاشت عندهم هذه الاهتمامات وأصبحوا مهتمين أكثر بمتابعة أحداث غزة وخاصة فيما يتعلق بعمليات المقاومة".  


وأشارت أستاذة علم الاجتماع بجامعة مؤتة د. نسرين البحري أن "ما يجري من عدوان صهيوني غاشم يقابله صمود جبار من قبل الشعب الفلسطيني لا بد أن يعيد تشكيل الوعي والاهتمام لدى كل أبناء الشعب الأردني والعربي وحتى الأطفال صغار السن، لأنهم جزء لا يتجزأ من أمة واحدة، ومن الطبيعي أن يعبروا عن رفضهم للعدوان ويذهبوا للتعبير عن ذلك الوعي من خلال المشاركة في الفعاليات المختلفة". 


واعتبرت أن "ما يجري أيضا يسهم في زيادة وعيهم بالأحداث وخصوصا وأن هناك وجبات ضخمة وهائلة من المعلومات المتدفقة من وسائل الاعلام والتي تبين صور العدوان على الشعب الفلسطيني والتي هي بالتأكيد تجعل هؤلاء الاطفال والشباب يندفعون للتعبير عن غضبهم من الاعتداء على الأشقاء، وخصوصا وأن مشاهد العدوان تثير حتى الشعوب الغربية المؤيدة للكيان الصهيوني، بحيث تشكل حالة من الوعي العام وتغيرت الصورة النمطية عن الدول العظمى لديهم واظهرت انحيازها التام للكيان الصهيوني". 


وقال أحمد الصعوب والد أحد الأطفال المشاركين بالفعاليات التضامنية مع الشعب إنه مثل غيره من أبناء الكرك يشارك في فعاليات تضامنية شبه يومية لدعم الأهل في فلسطين وغزة بمواجهة العدوان، إلا أن الأكثر أهمية أن أطفاله جميعا يهتمون بالمشاركة في هذه الفعاليات وخصوصا وأنهم أكثر اندفاعا من كبار السن ولديهم حماس للمشاركة ورفض ما يجري بحق الشعب في فلسطين".   


واضاف، "أولادي تغير وعيهم وتغيرت اهتماماتهم وتبدلت على نحو كبير منذ بدء العدوان ونشاط المقاومة الفلسطينية، هم الآن يهتمون بمتابعة كل ما يجري بعد أن كانت تشكل لهم الأخبار في السابق أمرا مزعجا خاصة إذا ما تزامن بثها مع بعض البرامج التي يتابعونها". 


وقال" مما لا شك فيه أن الأطفال أصبحوا أكثر وعيا وإدراكا بطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني"، متابعا "أحد أبنائي يتطوع دائما للهتاف مع المشاركين في الفعاليات ويعود عادة للمنزل وهو يبكي لما يتعرض له أطفال غزة وبنفس الوقت يغمره الشعور بالفخر والاعتزاز بالمقاومة وصمود الشعب في فلسطين". 


ولفت إلى أن "العديد من الأطفال الذين كانوا منغمسين بالألعاب الإلكترونية وغيرها من وسائل التواصل التي تسبب لهم عزلة كبيرة، الآن هم وبشكل واضح أصبحوا مهتمين بأخبار غزة والمقاومة وصمود الشعب الفلسطيني بوجه آلة الحرب الصهيونية". 


الطفل يحيى المدادحة ذو 12 ربيعا والمشارك بشكل مستمر بالفعاليات التضامنية التي تقام بمحافظة الكرك، يعبر عن مشاركته بالقول "أشعر بالغضب والكره تجاه الاحتلال الصهيوني وعدوانه على الشعب الفلسطيني في غزة"، مضيفا" اهتم كثيرا بمعرفة كل ما يحدث، أصبحت اليوم أعرف تماما حقيقة الاحتلال وحجم المعاناة التي يعيشها أهلنا في فلسطين".

 

اقرأ المزيد: 

اطفال "الروم الأرثوذكس" في مادبا يدعمون أطفال غزة-(صور)

ثقافة "المقاطعة".. وعي مبكر يختبره الصغار تضامنا مع غزة

برسومات وكلمات مؤثرة.. أطفال مادبا يساندون أقرانهم في غزة