غابات جرش بلا زوار.. ورواد التنزه يفضلون وجهات جديدة

متنزه هدأة دبين الذي يبدو خاليا من زواره-(الغد)
متنزه هدأة دبين الذي يبدو خاليا من زواره-(الغد)

 متنزهات بلا متنزهين، العنوان الأكثر وصفاً لموسم التنزه الحالي في محافظة جرش، بعد أن فقدت زوارها تدريجيا، وباتت غاباتها ومحمياتها ومناطق التنزه شبه خالية من المتنزهين الذين كانوا ولفترة قليلة ماضية يشكلون ضغطا عليها تحت ما يعرف بـ"التنزه العشوائي".

اضافة اعلان

 

  معنيون ومهتمون بجرش يدركون حقيقة انسحاب المتنزهين أو ما يعرف بـ"رواد السياحة البيئية" من مناطق التنزه بجرش وتفضيلهم وجهات أخرى أهمها محافظة عجلون التي باتت تستحوذ على النسبة الأعلى من حجم هذا النمط السياحي. 


ويقر هؤلاء أن استمرار العمل بالطرق التقليدية وعدم تحديث أنماط الخدمة أدت بشكل تدريجي إلى أن تخسر المحافظة زوارها من المنتزهين حتى أن التنزه العشوائي المجاني كظاهرة غير مستحبة انتهت.   


وأكدوا أن الحل باسترجاع حركة التنزه هو تحديث نظام إدارة المشاريع السياحية وتطويرها وفق الأنماط السياحية الجديدة لتعود جرش إلى ساحة المنافسة من جديد.


وتشهد مشاريع محافظة جرش التي تختص بالساحية البيئية والتي تعتمد على المتنزهين  عدم اقبال هذا الموسم، حتى باتت شبه خاوية ومنها متنزه هدأة دبين الذي يخلو من الزوار طيلة أيام الأسبوع رغم أن هذه الفترة هي ذروة الموسم. 


وحتى مواقع التنزه المجانية داخل الغابات والأحراش تحولت إلى أماكن مهجورة، رغم أنها كانت الوجهة الأولى الطبيعية في الممكلة قبل بضعة سنوات وكان يؤمها آلاف الزوار يوميا في موسم التنزه مع بداية فصل الربيع وحتى نهاية فصل الخريف. 


ويعتقد خبراء السياحة أن ظاهرة التنزه العشوائي قد انتهت مع تطور الانماط السياحية الجديدة وتحولت اتجاهات السياحة إلى سياحة المشاريع وسياحة المزارع البيئية والشهاليات والمزارع الخاصة وسياحة المسارات وسياحة المغامرات.


يقول الخبير السياحي ومدير محمية غابات دبين ومدير متنزه هدأة دبين القومي المهندس بشير العياصرة إن التنزه العشوائي في طور الاختفاء تقريبا نظرا لتغير الانماط السياحية وتوجه المواطنين للتنزه في مشاريع سياحية كبرى جديدة وغريبة وعدم تمكنهم من التنزه داخل المحميات والمتنزهات القومية التي يحتاج التنزه فيها إلى تكاليف يمكن دفعها بأماكن أخرى والحصول على خدمات مختلفة، لافتا في هذا الخصوص إلى البرامج السياحية التي تستقطب الزوار إلى مواقع معينة وضمن خريطة سياحية بأسعار مناسبة.


وأضاف أن التنزه العشوائي داخل الغابات بات غير محبب لدى غالبية الاسر، لاسيما مع وجود مشاريع تقدم الخصوصية اكثر وتوفر خدمات مميزة بأسعار مناسبة وهذه الشروط تفتقدها اماكن التنزه التقليدية. 


ولفت الى أن هذه الأمور حدت من دخول المتنزهين إلى الغابات والمتنزهات الطبيعية والمحميات ويتم استبدالها بالشاليهات والمزارع البيئية وموقعها قريب من الغابات والمحميات الطبيعية.


وأوضح العياصرة أن متنزه هدأة دبين القومي يشهد تراجعا في الحركة السياحية بنسبة 80 % مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما يعيده الى الأنماط السياحية القديمة حيث يدخل المشروع عشرات الزوار يوم الجمعة فقط وباقي أيام الأسبوع لا يدخل الموقع أي زائر.


وأكد العياصرة أن المشروع قدم عروضا وخصومات تشجيعية للزوار، وخاصة السياحة الداخلية لزيادة عدد الزوار ولكن ذلك لم يجد نفعا، لافتا الى تأثير المشاريع السياحية الكبرى في المحافظات القريبة من حركة التنزه بشكل عام في مواقع متعددة في جرش، وأهمها الغابات والمحميات الطبيعية.


من جانبه، أكد الخبير السياحي ورئيس لجنة الاستثمار والسياحة في مجلس محافظة جرش الدكتور يوسف زريقات أن السياحة الداخلية في جرش شبه معدومة في هذه الفترة التي تعتبر ذروة موسم السياحة الداخلية.


وبين ان تراجع السياحة الداخلية بجرش كان لصالح محافظات أخرى استطاعت أن تطور أنماطها ومشاريعها السياحية وبرامجها المحفزة بعكس محافظة جرش التي تعتمد على متنزهات تقليدية عادية جدا في استقطاب المنتزهين، ويفضل الزوار حاليا التنزه في المزارع الخاصة التي توفر خصوصية وتتوفر فيها مرافق سياحية وخدمية بأسعار مناسبة مقارنة مع تكلفة مناطق التنزه الأخرى، لاسيما وأنهم يتنزهون برفقة مجموعات وبرامج تنزه بأسعار مناسبة مقارنة مع تكاليف التنزه الفردي.


وأوضح أن مشاريع جرش السياحية شبه خاوية منذ بداية الموسم، بعكس السنوات الماضية التي كانت تشهد حركة تنزه نشطة، وكانت مواكب المتنزهيين تملأ غابات دبين على مدار الأسبوع، إلا أن التنزه حاليا يقتصر على المدينة الأثرية فقط وأغلب المجموعات السياحية هي أجنبية وعربية.


ويعتقد زريقات أن إنقاذ السياحة الداخلية والتي تعتمد عليها آلاف الأسر في توفير فرص عمل من خلال تأجير الخيول وبيع المشروبات والوجبات الغذائية، فضلا عن عرض المنتوجات الموسمية للزوار، يكمن من خلال مشاريع سياحية جديدة وبإدارات حديثة وتغيير الأنماط السياحية والاعتماد على سياح المسارات وسياحة المغامرات وسياح المشاريع الكبرى أسوة بمشروع تلفريك محافظة عجلون، فضلا عن ضرورة تسليم البلديات جزءا من هذه المشاريع السياحية وإدارتها وتنظيمها بتكاليف تنزه محدودة ومناسبة وتعزيز البرامج السياحية التي تستقطب الزوار لمحافظة جرش المعروفة بغاباتها ومحمياتها الطبيعية وثرواتها السياحية الكبيرة غير المستغلة لغاية الآن.


وأكد زريقات أن مجلس المحافظة على أتم الاستعداد لمساعدة البلديات في الاستثمار السياحي وإعادة تنشيط السياحة الداخلية والحد من تعثر المشاريع السياحية ومنها مشروع البركتين ومشروع هدأة دبين، والاستثمار في مشاريع سياحية عادية سيكون بدون جدوى وسيتعثر نظرا لقلة الدراسات وسوء التنظيم والإدارة في هذه المشاريع.


بدوره، قال رئيس قسم الحراج في زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة إن عدد زوار الغابات متواضع هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية، وعدد المتنزهين يتراجع بشكل كبير، لافتا إلى أن أعداد الزوار كانت لا تقل عن 4 آلاف زائر يوم الجمعة من كل أسبوع في فصل الصيف، إلا أن العدد حاليا لا يتجاوز عشرات الأسر، وفق ما رصدته جولات قسم الحراج المستمرة على الغابات.


وأكد أن قسم الحراج ينظم سنويا حملات لتنظيف مواقع التنزه وجمع النفايات منها حتى لا تتحول الغابات والمحميات الطبيعية لمكبات نفايات كونها من أهم أنواع الغابات وأندرها على مستوى العالم والحفاظ عليها مسؤولية وطنية مشتركة.


بدوره، قال الناشط في مجال السياحة عمر المصطفى إن سياحة المسارات وسياحة المغامرات من أهم أنواع السياحة الحديثة، إلا أنها ما تزال غير فعالة في غابات جرش والمسارات غير مجهزة منذ سنوات وهي من الانماط السياحية الحديثة التي تجذب الزوار في حال تم تحديثها وتطويرها وتحديد مسارها وتنظيمها على البرامج السياحية الحديثة بأسعار مناسبة وتشجيعية.

 

اقرأ أيضا:

"الأمانة" ترصد 44 مليونا لانشاء متنزهات ومطالبات بالعدالة في توزيعها