المحافظات.. ضعف البنية التحتية يضيع فرصا اقتصادية واستثمارية

تعبيرية عن البنية التحتية للدول
تعبيرية عن البنية التحتية للدول

رغم أن البنية التحتية تشكل الرافعة الأساسية لعملية التنمية الاقتصادية في أي دولة، إلا أن نتائج تقرير مؤشر التنمية المستدامة للعام 2023 الذي أصدره منتدى الإستراتيجيات الأردني، مؤخرا، تدل على ضعف واضح للبنية التحتية في محافظات المملكة، ما يؤكد وجود خلل في النموذج التنموي المحلي. 

اضافة اعلان


ويرى خبراء اقتصاديون، أن ضعف أداء البنية التحتية في المحافظات وعدم توفر مقوماتها قد أدى إلى إهدار العديد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية فيها ومفاقمة مشكلتي البطالة والفقر، إضافة إلى دفع المواطنين للهجرة من المدن الأقل حظا إلى الأكثر حظا بحثا عن فرص التشغيل ومستوى حياة أفضل.


وبقصد تحسين البنية التحتية في المحافظات بصورة تسهم في تحقيق التوازن التنموي في محافظات المملكة كافة، طالب الخبراء عبر "الغد" بضرورة زيادة حصة الإنفاق الرأسمالي في الموازنة العامة وتخصيصها بشكل واضح للمحافظات المعوزة، إضافة إلى رفع قدرة مجالس البلديات والمحافظات على التخطيط والتنفيذ واتخاذ القرارات وتحشيد الموارد، إلى جانب أهمية الاستفادة من المنح والمساعدات التي يحصل عليها الأردن في هذا المجال وحصرها بمحافظات الأطراف. 


وكان منتدى الاستراتيجيات الأردني، أصدر، مؤخرا، النسخة الأولى من تقرير "مؤشر التنمية المحلية المستدامة 2023"، والذي طور منهجيته بالتعاون مع الوزارات المعنية، ودائرة الإحصاءات العامة، ومكتب الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن، وفق أسس علمية لقياس مستوى التنمية المحلية المستدامة في المحافظات الأردنية.


وأظهرت نتائج تقرير المؤشر، وجود ضعف واضح في أداء المحافظات ضمن محور "البنية التحتية"، بسبب ضعف أدائها بشكل رئيسي في مؤشري "التزويد المائي للأغراض المنزلية والبلدية"، و"حوادث التدهور إلى إجمالي الحوادث".


كما جاء أداء المحافظات ضعيفا في محور "الأنشطة الاقتصادية"، نتيجة لضعف أدائها في مؤشر "توزيع المؤمّنين في الضمان الاجتماعي حسب المحافظات".


وفيما يتعلق بأداء المحافظات في محور التنمية، جاءت العاصمة عمان الأعلى من ناحية مستوى التنمية بحسب نتائج المؤشر، إذ سجلت ما مجموعه 70.4 نقطة (من أصل 100 نقطة).


تلتها محافظة البلقاء (47.1 نقطة)، ثم العقبة (45.2 نقطة) والكرك (43.7 نقطة). 


بينما حلت محافظة المفرق في المرتبة الأخيرة، بعد أن سجلت 24.8 نقطة ضمن مؤشرات التنمية المحلية بالمجمل.


وأظهرت نتائج التحليل وجود فجوة كبيرة بين أداء محافظات المملكة، إذ وصل الفارق بين محافظة العاصمة وثاني المحافظات (البلقاء) إلى ما يقارب 23.3 نقطة. 


فيما بلغ قرابة 45.6 نقطة عند المقارنة مع أقل المحافظات من ناحية التنمية المحلية (المفرق).


وجاءت 6 محافظات من أصل 12 محافظة تحت المتوسط العام لمؤشر التنمية المحلية، والبالغ 40.4 نقطة.


وبحسب توزيع المحافظات وفق تصنيف مستوى التنمية المحلية، فقد حلت كل من عمان، والبلقاء، والعقبة ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المرتفعة.


بينما جاءت كل من الكرك، وإربد، والزرقاء، ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المتوسطة المرتفعة.


وضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المتوسطة المنخفضة، جاءت كل من عجلون، وجرش، والطفيلة، بينما جاءت كل من مادبا، ومعان، والمفرق ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المنخفضة.


وأكد وزير تطوير القطاع العام السابق ماهر مدادحة لـ"الغد"، أن ضعف أداء البنية التحتية في المحافظات يعود بشكل أساسي إلى ضعف التمويل والإنفاق الرأسمالي الموجه للمحافظات، إضافة إلى ضعف أجهزة التخطيط والتنفيد في البلديات ومجالس المحافظات، علاوة على تركز الاهتمام في محافظات الوسط التي تتمتع بالثقل السكاني على حساب باقي المحافظات. 


وبين مدادحة أن توفر البنية التحتية الجيدة في المحافظات من شأنه أن يسهم في زيادة النشاط والحراك الاقتصادي في داخلها، إضافة إلى جذب الفرص  الاستثمارية والمشاريع التشغيلية لهذه المحافظات، ما ينعكس على تحسين الواقع المعيشي والخدمي لسكان هذه المحافظات وزيادة فرص العمل لقاطنيها ، وهو ما يؤدي في المحصلة إلى تحسين معدلات النمو الاقتصادي.


وبغية تحسين البنية التحتية في المحافظات بصورة تسهم في تحقيق التوازن التنموي بين محافظات المملكة كافة، دعا مدادحة إلى ضرورة زيادة حجم النفقات الرأسمالية للمحافظات، إضافة إلى تفعيل اللامركزية في المحافظات ورفع قدرة مجالس البلديات والمحافظات على اتخاذ القرارات ووضع الخطط  وحشد الموارد. 


من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد عوض "ما حمله تقرير التنمية المحلية المستدامة لعام  2023، لا سيما في محوري البنية التحتية والنشاط الاقتصاد، يؤكد معضلة خلل النموذج  التنموي لدينا أردنيا التي يعاني منها الاقتصاد الوطني منذ نحو 3 عقود، ما تسبب في ضياع فرص اقتصادية وتنموية كبيرة كان يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد المحلي". 


ولفت عوض إلى أن ضعف البنية التحتية والنشاط الاقتصادي داخل  محافظات الأطراف قد دفع المواطنين للهجرة إلى محافظات عمان  والزرقاء وإربد التي تتوفر على مستوى متقدم من البنية التحتية قياسا مع المحافظات المختلفة بحثا عن فرص تشغيلية ومعيشية أفضل.


وأوضح عوض أن البنية التحتية الجيدة لأي منطقة سواء كانت دولة أو إقليما أو محافظات عادة ما تسهم في تحسين المستوى الاقتصادي لهذه المنطقة وزيادة التدفقات الاستثمارية تجاهها، وبالتالي رفع المستوى المعيشي لقاطنيها. 


واعتبر عوض أن تحسين مسار البنية التحتية في محافظات المملكة كافة يستدعي العمل على زيادة حصة الإنفاق الرأسمالي في الموازنة العامة وتخصيصها بشكل واضح للمحافظات المعوزة ، إضافة إلى وجوب الاستفادة من المنح والمساعدات التي يحصل عليها الأردن في هذا المجال وحصرها بمحافظات الأطراف.  


وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن ما كشفه تقرير مؤشر التنمية المحلية المستدامة عن ضعف أداء البنية التحتية في المحافظات،  يعني أن هناك فرصا اقتصادية واستثمارية ضائعة ومهدرة في هذه المحافظات، إضافة إلى مفاقمة مشكلتي البطالة والفقر فيها.


وبين عايش أن البنية التحتية هي الرافعة الأساسية لعملية التنمية المحلية المستدامة وللتنمية بشكل عام، حيث إن توفر شبكات الطرق المتطورة، ووسائل النقل الحديثة، إضافة إلى المرافق الخدمية والصحية وغيرها من مقومات البنية التحتية، هو ما يسهم في استقطاب الاستثمارات وقيام المشاريع التي تقوم عليها عملية التنمية، إلا أن معظم محافظات المملكة تفتقد إلى هذه المقومات.


وعزا عايش ضعف البنية التحتية في المحافظات إلى المساحة الجغرافية الشاسعة لهذه المحافظات، لا سيما محافظتي المفرق ومعان، إضافة إلى عدم توفر الخطط ودراسات الجدوى الكافية لمحافظات الأطراف مقارنة مع العاصمة عمان، إلى جانب تدني حجم الموازنات المخصص للبلديات ومجالس المحافظات، فضلا عن افتقاد البلديات والمجالس لأدوات التسويق الجغرافي والاستثماري.

 

اقرأ المزيد : 

جهوزية وجودة وصمود البنى التحتية في مواجهة الكوارث الطبيعية