المشتريات الحكومية.. شكاوى من سياسة إقصاء الصناعة الوطنية من العطاءات

وزارة الصناعة والتجارة والتموين
وزارة الصناعة والتجارة والتموين

ما تزال شكاوى القطاع الصناعي من عدم تقيد مؤسسات في الدولة بقرارات الحكومة القاضية بمنح الأفضلية السعرية للصناعة المحلية مستمرة إذ تفرض هذه الجهات قيودا وعراقيلا فنية تؤدي لاستبعاد المنتجات المحلية لصالح المستوردة، على حد وصف عاملين في القطاع. 

اضافة اعلان


وحذر صناعيون في أحاديث منفصلة لـ"الغد" من استمرار سياسة إقصاء المنتج الوطني ضمن  عطاءات الشراء التي تطرحها مؤسسات الدولة رغم جودتها العالية مقارنة مع تلك المستوردة  في التأثير سلبا على تطور ونمو القطاع في الأردن.


ويشير صناعيون إلى أن هنالك قطاعات صناعية متعددة تشتكي استثناء منتجاتها من العطاءات المحلية مثل قطاع الألبسة والأحذية والصناعات الغذائية وقطاع الأثاث والصناعات الخشبية وقطاع صناعة المنظفات.


غير أن وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي قال إن "الوزارات والمؤسسات الحكومية ملتزمة بتطبيق قرار منح أفضلية سعرية للمنتج الوطني في العطاءات بنسبة 15 % في حال وجود أقل من 3 منتجين محليين".


وأضاف الشمالي "أما في حال وجود 3 منتجين محليين على الأقل يتم حصر مشتريات الوزارات والمؤسسات الحكومية من اللوازم الحكومية في الصناعات المحلية شريطة أن يحقق المنتج تعريف المنشأ الأردني وأن يكون حاصلاً على شهادة مطابقة من مؤسسة المواصفات والمقاييس، وأن تكون المشتريات مطابقة لمواصفات وشروط الشراء الواردة في طلبات المشتريات الحكومية".


وبين أن الوزارة من خلال شكاوى تقدمت بها شركات صناعية محلية على مدى السنوات الماضية  قامت بمتابعة هذا الملف مع المؤسسة الحكومية المعنية وحلها، مشيرا إلى وجود  رقابة على مشتريات الوزارات والمؤسسات الحكومية من قبل  ديوان المحاسبة للإشراف ومتابعة وتطبيق  قرارات مجلس الوزراء بخصوص حصر المشتريات بالصناعة المحلية و منح الأفضلية له.


من جهتهم ، قال صناعيون إن "الإلتزام بشراء المنتج الوطني من قبل المؤسسات الرسمية ليس من أجل دعم المنتج فقط بل يتعدى ذلك إلى توسيع وتطور القطاع وزيادة الإنتاج والاستثمار وفرص التشغيل وتحريك عجلة الاقتصادي الوطني".


ويوجد في الأردن قرابة 18 ألف منشأة صناعية وحرفية في الوقت الحالي تشغل قرابة 268 ألف عامل وعاملة جلهم من الأردنيين فيما يساهم القطاع الصناعي بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25 %.


وصدرت سلسلة من القرارات الحكومية بخصوص دعم الصناعة الوطنية فيما يتعلق بالمناقصات، فكان أول قرار حكومي صدر بإعطاء الأولوية للصناعة الوطنية في المناقصات الحكومية العام 1979 بلاغ رقم 3 والذي يقضي بمنح الصناعة الوطنية أفضلية بنسبة 15 % وصدر تأكيد لهذا البلاغ في العديد من قرارات مجلس الوزراء كان آخرها العام2021.


كما صدر قرار أيضا  خلال  العام 2021 بحصر مشتريات الوزارات والمؤسسات الحكومية من اللوازم الحكومية بالصناعات المحلية، وذلك في حال وجود 3 منتجين محليين على الأقل.


بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م.فتحي الجغبير إن "الصناعة الوطنية تواجه العديد من الإشكالات والتحديات بخصوص العطاءات الحكومية وشراء المنتج الوطني رغم عمل الغرفة ومتابعاتها الحثيثة مع عدد من الجهات والمؤسسات الحكومية لمعالجة أي إشكاليات سواء كانت فردية مع بعض الشركات الصناعية أو قضايا عامة تتعلق بالقطاع الصناعي عموماً". 


 وأضاف "هنالك عدد من الممارسات بعدم التزام بعض المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية (الحكومية والأهلية) بتطبيق قرار حصر المشتريات بالصناعة المحلية، ووضع بعض الاشتراطات أو المواصفات التي تتعارض مع المواصفات الأردنية المعتمدة عند طرح العطاءات الحكومية ما يقصي المنتج الوطني من العطاءات الحكومية ويمنح فرصة لدخول المنتجات الأجنبية، هذا بالإضافة إلى بعض التحديات والممارسات الأخرى المتعلقة بعدم الالتزام المطلق بقرار حصرية الشراء من الصناعة الوطنية أو الأفضلية السعرية للصناعة الوطنية بنسبة 15 %".


وبين الجغبير أن عدم التزام بعض المؤسسات بشراء المنتج الوطني بالعطاءات الحكومية، له آثار وانعكاسات سلبية على القطاع الصناعي منها ما يتعلق بخفض تنافسيته الصناعات الوطنية، وإضاعة العديد من الفرص التي تزيد من إنتاجيته من جانب، وبالتالي الحد من قدراته على التوظيف من جانب آخر، وهذا ما تؤكده حقيقة أن هذا القطاع  أكثر القطاعات الاقتصادية قدرة على تحريك عجلة الاقتصاد الوطني إذ إن كل دينار إنتاج يتم إنفاقه على منتجات الصناعة الوطنية يعود بشكلٍ مباشر وغير مباشر 2.17 دينار في الاقتصاد الوطني.


ولفت الجغبير إلى مساعٍ نجحت الغرفة بتحقيقها، أبرزها مؤخراً ما يتعلق بحصرية شراء الزي المدرسي للمدارس الخاصة من الصناعة الوطنية، بالإضافة إلى التعاون الحقيقي مع المؤسستين المدنية والعسكرية لتعزيز حصة الصناعة الوطنية خلالها، فضلاً عن المتابعة  مع جهات رسيمة أخرى لغايات إلزامية الشراء من الصناعة الوطنية في عطاءاتها، وغيرها من القضايا التي تحرص الغرفة على متابعتها وإيجاد الحلول والتوافقات لها.


وأشار إلى  الآثار المترتبة على تأخر الدفعات المالية للشركات الصناعية التي حازت على بعض المشتريات الحكومية، والتي من شأنها التأثير على سيولتها المالية، وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها وبالتالي استمرار وتوسع عملياتها الإنتاجية.


ولتعزيز حصة الصناعة الوطنية في السوق المحلي وتعزيز فرصة تواجده في المشتريات والعطاءات الحكومية، شدد  الجغبير على  ضرورة العمل على محاور عدة أبرزها؛ وضع وتفعيل أدوات وآليات الرقابة على جميع الجهات المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية (الحكومية والأهلية) لضمان الالتزام بقرار حصرية الشراء من الصناعة الوطنية والأفضلية السعرية للمنتج الوطني، وعدم وضع أي شروط تعيق استفادة الصناعة الوطنية من العطاءات والمشتريات الحكومية.


وطالب برفع نسبة الأفضلية السعرية للمنتج الوطني في المشتريات الحكومية، لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية لما لها من أبعاد اقتصادية واجتماعية على عكس المنتجات الأجنبية بالإضافة إلى تخصيص حصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الصناعات الوطنية الأولوية في مختلف العطاءات الحكومية الكبرى ووضع حصص ملزمة لمنفذي بعض المشاريع الحكومية الكبرى بالشراء من الصناعة الوطنية. 


وبحسب الجغبير بلغ حجم قيمة عطاءات دائرة المشتريات المحلية للعام 2022 حوالي 396 مليون دينار منها ما يقارب
41 % لمشتريات وعطاءات الأدوية، في حين بلغت حصة الصناعة الوطنية من الأدوية ما يقارب 25 % من إجمالي قيم مشتريات الأدوية، ما يدلل على وجود فرص كبيرة أمام الصناعة الوطنية، باستطاعتها تعزيز القيمة المضافة والنمو الاقتصادي، وتنعكس بشكل أكبر من المنتجات الاجنبية.


وقال الجغبير، القطاع الصناعي الأردني يعتبر بأنه ذو قدرات إنتاجية ضخمة تصل لأكثر من 18 مليار دينار سنوياً، بأكثر من 1500 منتج من مختلف القطاعات الصناعية، ذات الجودة والكفاءة والمواصفات التي تضاهي العالمية منها، وهذا ما تؤكده حقيقية وصول المنتج الأردني لما يقارب 150 سوقا حول العالم على أساس تنافسي قائم على الجودة.


وشدد ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية في غرفة صناعة الأردن د.فادي الأطرش على أهمية الالتزام بمنح المنتج الأردني الأولوية والأفضلية في العطاءات الحكومية.


وأكد الأطرش أن المنتجات الأردنية خاصة الدوائية والمستلزمات الطبية تتمتع بجودة عالية ما يتطلب التركيز على شراء المنتج الوطني بالعطاءات الحكومية  وزيادة نسبة الأفضلية من 15 % إلى 30 % مثلما هو مطبق في العديد من الدول.


وقال الاطرش إن زيادة حصة المنتجات الوطنية من العطاءات الحكومية أمر في غاية الأهمية ليس من أجل المنتج فقط بل يتعدى ذلك إلى دعم نمو وتطور الصناعة الوطنية وزيادة قدرتها على الإنتاج والاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل للأردنيين. 


 ولفت  الأطرش إلى أهمية إيجاد آلية واضحة  لدفع  المستحقات المالية المترتبة على المؤسسات الحكومية  لصالح الشركات المصنعة بالإضافة إلى التشدد في تطبيق قرار منح الأفضلية بالعطاء الحكومية للمنتجات الوطنية.


وبين الأطرش أن المصانع  الأردنية تحرص على الارتقاء بجودة منتجاتها، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود رقابة مستمرة من قبل جهات حكومية مثل المؤسسة العامة للغذاء والدواء ومؤسسة المواصفات والمقاييس.


وقال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن م.إيهاب قادري إن "هنالك مؤسسات حكومية تفرض قيود واجراءات فنية بهدف شراء المنتج المستورد على حساب المنتج الوطني".


وبين قادري أن سوق العطاءات الحكومية كبير فيما تذهب الحصة الأكبر منها لصالح المنتجات المستوردة، مؤكدا أهمية التزام المؤسسات الرسمية بشراء الصناعة الوطنية ومنحها الأفضلية المحددة من قبل الحكومة وعدم الالتفاف على ذلك بوضع مواصفات ومعايير بقصد شراء المنتجات المستورد.


وأكد قادري أن شراء المنتج الوطني يسهم  في تنشيط القطاعات الصناعية وزيادة الاستثمار والانتاج وتوفير المزيد من فرص العمل للاردنيين بالاضافة إلى تخفيض العجز في الميزان التجاري  وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد الوطني. 


وقال قادري "يجب ان يكون هنالك إيمان في دعم الصناعة الوطنية  خاصة وأنها تتمتع بجودة عالية وقادرة على تحقيق المواصفات والمعايير الفنية  بدليل أنها تصل  اليوم إلى أسواق 150 دولة حول العالم".


وأضاف قادري"الاصل أن يكون هنالك تشاركية في ملف  العطاءات وشراء المنتجات الوطنية  والعمل على تعديل المواصفات بما  تواكب التطورات العالمية " مؤكدا أهمية فرض رقابة مشددة  على تطبيق  قرار شراء المنتج الوطني من قبل المؤسسات الحكومية وعدم فرض تفاصيل فنية دقيقية بشروط العطاءات لاعلاقة لها بجودة المنتج .

 

اقرأ المزيد : 

مجلس الوزراء يوافق على الأسباب الموجبة لـ"نظام التنظيم الإداري للمشتريات الحكومية"