ما المطلوب لضبط أسعار الغذاء في المملكة؟

1706015355391502600
متسوقون في أحد المراكز التجارية بعمان -(ارشيفية)

في الوقت الذي أظهر فيه تقرير الأمن الغذائي الصادر عن البنك الدولي ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن للشهر السادس على التوالي، دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة العمل على تعزيز المخزون الوطني للغذاء إضافة إلى تفعيل قانوني المنافسة وحماية المستهلك من أجل السيطرة على أسعار الغذاء والحد من ارتفاعها محليا. 

اضافة اعلان


كما دعا هؤلاء الخبراء إلى وجوب تمكين قطاعات الصناعات الغذائية والزراعية وتقديم التسهيلات لها وتخفيض الكلف التشغيلية عليها، إضافة إلى استثمار الموارد المحلية المتعلقة بالغذاء ولا سيما في مجال الصناعة الزراعية، وفضلا عن أهمية استحداث وزارة الصناعة والتجارة لأدوات رقابية جديدة وتفعيل دور مديريات المراقبة على الاسواق وحماية المستهلك لديها. 


وبين الخبراء أن الظروف السائدة في المنطقة وتصاعد التوترات في البحر الأحمر وتهديدها بتقطع سلاسل التوريد العالمية يمكن أن تؤدي في حال ما طال أمدها إلى ارتفاع معدلات التضخم من جديد في الأردن وفي عموم المنطقة.


وتبدو دعوات هؤلاء الخبراء متوافقة مع التحركات الحكومية الأخيرة التي وجه من خلالها رئيس الوزراء بشر الخصاونة الوزارات والجهات المعنية إلى اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة للتعامل مع الآثار التضخمية المحتملة على السوق الأردنية وعلى العالم بأسره؛ بسبب التطورات الإقليمية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المستمر على أشقائنا في قطاع غزة، والأوضاع القائمة في البحر الأحمر. 


وأعلنت الحكومة تبني إجراءات شبيهة بتلك التي تبنتها إبان أزمة  "جائحة كورونا" من خلال وضع سقف جمركي على قيمة الحاويات الواردة الذي كان قائماً ما قبل تاريخ 7 تشرين الأول (اكتوبر) من العام الماضي، إضافة إلى تزويد مخزونات كل من المؤسسات الاستهلاكية المدنية والعسكرية، فضلا عن توجيه وزارة الصناعة والتجارة إلى التحوط والتثبت من استمرار الحفاظ على مخزون استراتيجي آمن من القمح والشعير والمواد الاساسية، وتشديد الأدوات الرقابية في الاسواق. 


وكان تقرير الأمن الغذائي الشهري الصادر عن البنك الدولي اخيرا، قد أظهر ارتفاع أسعار الغذاء في الاردن بنسبة 2.2 % في شهر كانون الثاني (ديسمبر) من العام الماضي.

 

وبحسب التقرير الذي ترجمته "الغد"، فإن أسعار الغذاء في الأردن استمرت في الارتفاع للشهر السادس على التوالي بعد أن ارتفعت بنسب 0,6 % في تموز (يونيو) الماضي و1.2 % في آب (أغسطس) الماضي، و1.3 % في أيلول (سبتمبر) و1.7 ٪ في تشرين الأول (أكتوبر) و0.8 ٪ كانون الأول (نوفمبر)، وذلك بعد أن تراجعت لشهرين متتالين، في حزيران (يوليو) بواقع 1 %، وأيار (مايو) الماضي بواقع 1.9 %.


ويرى الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن السيطرة على أسعار الغذاء والحد من ارتفاعها يستدعي العمل على تعزيز المخزون الوطني للغاء ولفترات طويلة تتجاوز العام، إضافة إلى ضرورة تمكين قطاعات الصناعات الغذائية والزراعية وتقديم التسهيلات لها، وتخفيض الضرائب والرسوم الجمركية. 


وأكد المخامرة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا تصب في اتجاه المحافظة على أسعار الغذاء ومنع ارتفاعها.


وبين أن الظروف الحالية التي تعيش على وقعها المنطقة ولا سيما في ما يتعلق بمنطقة البحر الأحمر وتقطع سلاسل التوريد العالمية يمكن أن تؤدي في حال ما طال أمدها إلى ارتفاع معدلات التضخم من جديد  في الأردن وفي عموم المنطقة.


ويذكر أن مؤشر التضخم في الأردن شهد خلال الشهور العشر الأولى من العام 2023 ارتفاعا بنسبة 2.21 % مقارنة بنفس الفترة من العام 2022 وذلك وفقا لأحدث معطيات إحصائية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.


ولفت مخامرة إلى أن خطورة ارتفاع أسعار الغذاء تكمن في انعكاسها على تقليص القدرات الشرائية لدى المواطنين وبالتالي تراجع حجم الاستهلاك المحلي، عطفا على أنها تتأتي مع تراجع النشاط السياحي في المملكة، ما سيشكل صدمة للاقتصاد الوطني ونموه.


خبير المنافسة وحماية المستهلك بهاء العرموطي أكد بدوره أن تفعيل قانوني المنافسة وحماية المستهلك كفيلان بضبط الأسعار في السوق المحلية والحد من استغلال بعض التجار الظروف والأزمات للرفع هوامش الربح على المواطنين. إلى جانب تعديل بعض السياسات الاقتصادية من خلال تخفيض مجمل الكلف التشغيلية على القطاع الصناعي والتجاري، وتخفيض كلف الطاقة وضريبة المبيعات على المواطنين.


ويشار إلى أن قانون المنافسة لسنة (2004) وتعديلاته لعام 2023 ينص في مادتيه الرابعة والسادسة على عدم المغالاة في الاسعار واستغلال الأزمات لإخلال بالمنافسة، كما يمنح في مادتيه العاشرة والثانية عشر وزارة الصناعة والتجارة الحق في ضبط الأسواق وحمايتها من الاستغلال.


وتحظر المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك لسنة 2017 إلحاق الضرر بالمستهلك والإخلال بأي حق من حقوقه من خلال استغلاله ورفع اسعار السلع والخدمات عليه دون مبرر. 


ودعا العرموطي وزارة الصناعة والتجارة إلى استحداث أدوات رقابية جديدة إضافة إلى وجوب تفعيل دور مديريات المراقبة على الاسواق وحماية المستهلك في الوزارة وتمكينها للقيام بواجباتها المتعلقة بالحفاظ على استقرار الأسواق، فضلا عن ضرورة اتباع المواطنين سلوك استهلاكي عقلاني والابتعاد عن التبذير والإنفاق غير المدروس. 


وأوضح العرموطي أن أسعار الغذاء في الأردن شهدت خلال الأشهر الأخيرة بعض الارتفاعات نتيجة لعوامل داخلية تتمثل  بضعف المراقبة على الأسواق، وإقبال التجار على رفع هوامش أرباح كثير من السلع دون مبررات.   


إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إن الوسيلة المثلى لضبط أسعار الغذاء تكمن في الاستمرار في رفد المخزون الغذائي في الأردن واستدامة توفير السلع في الأسواق، إضافة إلى استثمار الموارد المحلية المتعلقة بالغذاء لا سيما في مجال الصناعة الزراعية.


واعتبر عقل أن أسعار الغذاء في الأردن لم تشهد ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الماضية وما زالت تحت السيطرة، بل إن كثيرا من السلع شهدت بعض الانخفاضات عدا عن وجود مخزونات قديمة لدى أغلب مستودعات التجار، مشيرا إلى أن اعتدال معدلات التضخم خلال العام الماضي تؤكد على أن أسعار الغذاء محليا مستقرة.

 

اقرأ المزيد: 

البنك الدولي: ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن لشهر السادس على التوالي