"أيادي المحبة" تمد لأشخاص من متلازمة داون ليكونوا فاعلين بالحياة

1704451505078727000
أيادي المحبة

"نحن قادرون"، شعار رفعته مبادرة أيادي المحبة قبل عام تقريبا، من أجل تمكين الأشخاص من متلازمة داون ودمجهم ليكونوا أعضاء فاعلين في الحياة لهم بصمتهم الخاصة.

اضافة اعلان


"أيادي المحبة" مبادرة تطوعية تهدف إلى التغيير والتقبل الواعي بحب واهتمام، وهي موجهة لجميع الأعمار، وما يميزها أنها مبنية على تجارب شخصية وقصص من قلب الواقع، تنقل الصورة بوضوح عن أشخاص تجمعهم التحديات نفسها، ولكن يبقى الإيمان بحقوقهم هو الأساس.


تقول صاحبة المبادرة الدكتورة علا الزعبي، في حديثها لـ"الغد"، إن كل الجهود المبذولة والخبرات والأفكار، جاءت لتمكين الأشخاص من متلازمة داون لإثبات قدراتهم والوصول بهم لوجهة آمنة تتقبل اختلافهم وتتعامل معهم بطريقتهم وبما يحتاجونه من دعم. 


وتبين أن الفكرة بدأت بعد أن رزقت بطفلها الأول إياد في العام 2009، وعودتها من أميركا إلى الأردن.

 

تقول الزعبي "لم أنتظر طويلا حتى ألمس الفرق، لذا رأيت أن من مصلحة ابنها أن تعود به إلى أميركا، وخاصة أن الصعوبات في تلك الفترة كانت أكبر والطريق أمامهم دون ملامح واضحة".


الزعبي أرادت أن تنقل تجربتها مع ابنها للعالم بوعي، هي أدركت جيدا حجم مسؤوليتها كأم قادرة على التغيير بأبسط الطرق وأكثرها تأثيرا، فكان الخيار تأسيس مبادرة تطوعية هدفها التوعية والتغيير، وذلك بمساعدة أصدقائها على "فيسبوك"، وكان القرار المشترك أن تنطلق المبادرة من الجنوب من محافظة العقبة تحديدا، لكونها تحوي عددا كبيرا من أشخاص متلازمة داون ويفتقرون للخدمات الأساسية التي يحتاج إليها أي شخص من هذه الفئة.


الدمج الحقيقي هو ما تركز عليه المبادرة للرفع من معنويات الأشخاص من متلازمة داون، ومنحهم الثقة ليظهروا ما لديهم من إمكانات ومواهب.


وتشير الزعبي إلى أن الدمج في الأردن ما يزال يعيق تطبيقه عدم وجود التدخل المبكر، وأحيانا التشخيص الخاطئ في بعض الحالات. ودمج الأشخاص من متلازمة داون، بالنسبة لها، ليس مجرد فكرة، بل هو أولوية ومن أجلها كانت المبادرة.


وبحسب قولها، فإن التغيير يتحقق عندما يعي الجميع أهمية التدخل المبكر والتأهيل الكامل منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، وذلك ضمن خطة مدروسة يطبقها مختصون في مجال الإعاقة وتهيئة كل الظروف، ليصبح الدمج واقعا وليستطيع كل شخص من ذوي الإعاقة أن يشعر بالانتماء لمجتمعه.


ورغم التحديات التي تواجهها المبادرة، إلا أن الإيمان والحماس لصنع الفرق يدفعانها لتنجز أكثر وتدخل بأنشطتها لكل بيت لديه ابن أو ابنة من متلازمة داون وتحرير الأهل من القيود المجتمعية وثقافة العيب.


ووفق قولها، فإن التحديات كبيرة أمام المبادرة لعدم وجود دعم مادي، وهذا ما يجعل الموضوع أصعب، لافتة إلى أن المسؤولية الأكبر تقع عليها في تأمين الدعم المادي للأنشطة، ولا تنسى دور المتطوعين من الشباب والأهل في هذا الجانب.
وترى أن الإحباطات والأسئلة السطحية القاصرة، مثل شو بيطلع بإيدك تعملي؟

 

وشو بدك تغيري؟ بدك تعملي من ابنك دكتور؟ لا تتوقف وهو ما يثير حزنها.
وتكشف الزعبي عن نيتهم لتسجيل المبادرة رسميا، بعد تبني الدكتور مخلد من وزارة الشباب لها ومساعدتهم كمبادرة في إنجاح نشاط ترفيهي أقيم من أجل تعليم الأشخاص من متلازمة داون المهارات الأساسية داخل المطبخ. 


وتهتم المبادرة أيضا، بنشر التوعية من خلال عقد محاضرات جينية وقانونية للتعريف بالمتلازمة وتثقيف الأهل حول حقوق أبنائهم، وتمكينهم اجتماعيا ونفسيا وإشراكهم بطريقة عملية في دعمهم وإعطائهم الوقت والفرصة لتفريغ طاقاتهم عن طريقة ممارسة الرياضة كنشاط كرة السلة والرسم والسباحة وغيرها من الأنشطة التي تحسن من نفسياتهم وتشعرهم بأنهم موجودون ومن حقهم أن يعيشوا كغيرهم.


أما برنامج "هبة الله بيننا"، فهو من أهم برامج المبادرة، وفق الزعبي، إذ إن فكرته تقوم على المواليد الجدد من متلازمة داون وزيارتهم في المستشفى أو البيت، ويكون ذلك بتوزيع رقم المبادرة على المستشفيات لتسهيل التواصل بين الأهالي وأعضاء المبادرة، مبينة دورهم المهم في دعم الأهل نفسيا منذ البداية، حيث يتم استقبال المولود بالزغاريد والهدايا، ومن ثم توجيههم وإرشادهم للطريق لمساعدة ابنهم والتعرف على كل ما يحتاجه من رعاية واهتمام، وذلك تحت إشراف المتخصصين وتطبيق كل إرشاداتهم.


وتشير إلى أن التنسيق بينها وبين المتطوعين، وخاصة أنها تعيش خارج الأردن، يتم بالتعاون مع مسؤولة الارتباط في المبادرة همسة المطر، التي تساعدها بتنظيم الأنشطة والبرامج والتواصل مع الأشخاص من متلازمة داون وعائلاتهم، كما تشجع المبادرة الأهالي على تصوير أبنائهم ونشر تجاربهم الشخصية معهم للفائدة والمشاركة في التغيير نحو حياة أفضل.


وتجد الزعبي أن كل ما تقدمه للمبادرة يكون من قلبها ومن محبتها لهذه الفئة، فهي تفرح مع كل شخص وتفهم مشاعره واحتياجاته بإحساس الأم ووعيها ومساعدتهم بكل طاقتها ليتشاركوا الحب مع جميع الناس، لتصبح النظرة تجاههم نظرة احترام لا شفقة. 


الجانب النفسي له الأثر الأكبر في صنع التغيير والقدرة على احتواء الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، لهذا مهم جدا على الدولة، ومن واجبها الضغط أكثر على الجهات المعنية بهذه الفئة والنظر إليهم باهتمام حقيقي مبني على خطوات منظمة وفاعلة، ليتمكنوا من الحصول على حقهم في التعليم وفي الصحة وحقوق أخرى.


وتبين الزعبي أن من أصعب التحديات التي تواجه الأهل في العقبة؛ قلة الخدمات الصحية وتأخرها رغم الحاجة الماسة إليها، فكل شخص من متلازمة داون له مشكلاته الصحية التي تختلف عن غيره، وما يجعل من هذه النقطة تحديا طول الإجراءات وتعقيدها وقلة الخبرات الطبية المتخصصة، ولهذا السبب أيضا كانت مبادرة "أيادي المحبة" المنقذ في كثير من المشاكل، لافتة إلى أن الحلول موجودة لكننا بحاجة لمن يشتغل على هذه القضايا بجدية وأمانة.


وهنا، تتحدث عن موضوع الدمج في المدارس وإحباط الأهل برفض المدارس عموما لأبنائهم، فهي ترى أن الحل بسيط، فهنالك عدد كبير من الخريجين بالأردن، وتحديدا في تخصص التربية الخاصة، فما الصعب في تعيين عدد من المعلمين وتدريبهم من أجل مساندة هذه الفئة وتمكينهم من أن يستقلوا ولو جزئيا في حياتهم؟ هم قادرون على التعلم رغم وجود الفروقات.


ومن وجهة نظرها، ترى الزعبي أن التغيير يتطلب فكرة تطويرية ومجموعة من الأشخاص الذين لديهم القدرة على إيجاد حياة جديدة مختلفة تتفهم جميع الاحتياجات وتهون من مشقة الطريق أمام الأشخاص ذوي الإعاقة. 


وما تطمح إليه الزعبي، اليوم، هو إنشاء مركز صغير خاص بمتلازمة داون تنطلق نواته من العقبة ليمتد لبقية المحافظات ليصبح بعد ذلك مدرسة لديها الإمكانات لتطبق الدمج في حصص محددة، كالفن والرياضة والتواصل، عندها فقط سيكون الدمج فاعلا لكلا الطرفين وعادلا.