بحث موسع لقانون المسؤولية الطبية وفوضى الإعلانات الصحية المخالفة

نقيب الأطباء د. زياد الزعبي
نقيب الأطباء د. زياد الزعبي
قال نقيب الأطباء الدكتور زياد الزعبي إن صعوبات وتحديات عديدة باتت تظهر في تطبيق قانون المسؤولية الطبية، مشيرا إلى أن أساس الصعوبات هو التداخل بين عدة جهات معنية بالتطبيق؛ مثل نقابة الأطباء ووزارات الصحة والعدل والداخلية ونقابات صحية أخرى.اضافة اعلان

جاء ذلك في افتتاح ورشة العمل التي نظمتها لجنة ضبط المهنة في نقابة الأطباء بعنوان "معوقات وتحديات تطبيق قانون المسؤولية الطبية ومراجعة سياسات الإعلان والإعلام الطبي" في أحد الفنادق صباح أمس، وشارك فيها أطباء ونقابيون وقضاة وحكام إدرايون وغيرهم من جهات رسمية ذات علاقة من وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع ونقابتي الأسنان والصيادلة، وكذلك بتنسيق مع جمعيات أطباء جراحة التجميل، أطباء الجلدية، جراحي العظام، أطباء العيون وجمعية أطباء الغدد الصم.

وأكد الزعبي أن التداخل في هذا الملف يجيء من أن الشكاوى بالأخطاء الطبية تقدم إما لنقابة الأطباء أو النقابات الصحية، أو لوزارة الصحة أو للقضاء مباشرة، الأمر الذي يفرض التداخل وأحيانا التضارب، ما ينتج عنه طول أمد التقاضي.

وعبر الزعبي عن أمله بأن يتمكن هذا الملتقى من "مدّ الجسور بين مختلف الجهات المعنية، بهذا الملف، والتفاهم بين جميع الأطراف بما يسهل على المواطن ويضمن حقوقه وأيضا حقوق الطبيب ومقدم الخدمة الطبية".

وبين أن نقابة الأطباء معنية بملفين رئيسييين فيما يتعلق بالرقابة؛ الأول هي قضية لائحة الأجور والثانية التحقيق في الأخطاء الطبية،  وشدد على أن النقابة بيت خبرة لكل الأطباء في كل التخصصات، ويهمها أن يكون لها رأي رئيسي في ملف الأخطاء الطبية وقانون المساءلة وتطبيقاته.

وأكد الزعبي أن النقابة "حريصة على تنفيذ كل التوصيات التي ستصدر عن الورشة" اليوم.

وتحدثت عضو مجلس نقابة الأطباء/ رئيسة لجنة ضبط المهنة بالنقابة الدكتورة مها فاخوري، بحفل الافتتاح، مؤكدة أهمية بحث ومناقشة كل ما يتعلق بقانون المساءلة الطبية، الذي أقر عام 2018، وأيضا ضبط حالة الفوضى بالإعلانات الطبية والصحية في وسائل التواصل الاجتماعي.

وشددت فاخوري على أن الورشة ستصدر بعدة توصيات وقرارات نتمنى تنفيذها والالتزام بها، لافتة إلى ضرورة إصدار البروتوكولات والإجراءات القياسية لتفعيل المادة (6)، وأهمية إصدار دليل إجراءات واضحة للمادة (9)، إضافة إلى ضرورة تفعيل المادة 17 من قانون المساءلة الطبية.

وتناول المتحدثون في أوراق عملهم ومداخلاتهم العديد من المعيقات والتحديات التي تواجه الجهات المختلفة في تطبيق قانون المساءلة الطبية.

وترأس الجلسة الأولى الدكتور مؤمن الحديدي والقاضي ذياب شتيات المختص بالقضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية وتحدث عن أهمية صدور قانون المسؤولية الطبية والذي ينظم العلاقة بين المريض ومقدم الخدمة وآلية التقاضي والاستعانة بالخبرات الفنية في هذه القضايا.

وأشار الحديدي في ورقة عمله حول صندوق التكافل للتأمين ضد الأخطاء الطبية ومفهوم التحكيم، إلى أن المادة (17) من قانون المساءلة الطبية ما تزال معطلة جزئيا، جراء الاضطراب في التطبيق، إذ تريد وزارة الصحة تطبيق الاقتطاع من الطبيب للاشتراك بالصندوق بأثر رجعي، أي منذ عام 2018 وقت صدور القانون، الأمر الذي "يحمل الأطباء عبئا كبيرا".

ولفت إلى أن الصندوق لا يشمل إلا الأطباء، مع أن عددهم نحو 18 - 20 ألفا من أصل 180 ألف مقدم للخدمة الطبية والصحية، مبينا أن حجم الرسم الذي يدفعه الطبيب سنويا يصل إلى 180 دينارا، وداعيا إلى مشاركة جميع مقدمي الخدمة بالصندوق.

كما دعا الحديدي إلى إيجاد ما أسماه "التأمين التكميلي" عن الأخطاء الطبية، بمعنى رفع قسط الاشتراك لمن يريد من المشتركين، على أن يلتزم الصندوق بدفع ما يزيد على قيمة التعويض عن الخطأ الطبي المقر بالقانون وهو 50 ألف دينار.

وفي هذه الجلسة، قدم القاضي الدكتور رباع عبد القادر الكيلاني إضاءات لمفهوم المساءلة الطبية من منظور قانوني، معرجا على عدة جوانب، وبخاصة في تطبيقات المحاكم وما يواجه القضاة من التباسات بقضايا الأخطاء الطبية.

كذلك قدمت أوراق عمل وكلمات لعدد من الخبراء والمعنيين بالمساءلة الطبية، إذ تقدم الدكتور عبدالهادي بريزات بورقة بيّن من خلالها أعمال للجنة الفنية العليا المشكلة وفق قانون المسؤولية الطبية، مشيرا إلى أنها تعنى بتقديم الخبرة الفنية في القضايا المحولة إليها من الجهات القضائية ودراسة الشكاوى والدعاوى المحولة من وزير الصحة والنقابات الطبية والصحية وتقديم الخبرة الفنية التي تتعلق بالمسؤولية الطبية والصحية، التي تهم جميع الأطراف واتخاذ القرارات اللازمة بخصوصها.

يشار إلى اللجنة الفنية العليا المنبثقة عن قانون المساءلة الطبية سجلت منذ بدء عملها 1088 قضية وشكوى نظر وينظر بها القضاء، وقد صدرت قرارات قضائية في 725 قضية منها.

وانبثق عن اللجنة الفنية العليا عدة لجان فرعية تغطي كافة الاختصاصات، وهي تضم نحو 400 خبير من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين.

وتحدث الدكتور منصور المعايطة عن عبء الإثبات ودور الطب الشرعي في إثبات العلاقة السبيبية، بينما تناول عضو اللجنة الفنية العليا المنبثقة عن قانون المساءلة الطبية الدكتور إبراهيم بريزات تطبيقات وتحديات عمل اللجنة الفنية العليا.

أما الجزء الثاني من الورشة اليوم، فتناول التحديات في تطبيقات الإعلام والإعلان الطبي، حيث ترأس الجلسة رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور ماجد الشمايلة، و نائب رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور همام القطاونة، وبدأ بورقة مقدمة من نقيب أطباء الأسنان الدكتور عازم القدومي قال فيها: "نحتاج إلى آلية تنسيق بين النقابات الصحية ووزارتي الصحة والعدل في الرقابة على المخالفين، خاصة ممن يعلنون في وسائل التواصل الاجتماعي عن خدمات طبية وتضخيمها دون رقيب أو حسيب".

وأضاف قدومي: "نحتاج إلى آلية تنسيق بين النقابات الصحية ووزارتي الصحة والعدل في الرقابة على المخالفين، خاصة ممن يعلنون في وسائل التواصل الاجتماعي عن خدمات طبية وتضخيمها دون رقيب او حسيب".

وتناول قضية التداخل بين بعض الاختصاصات الطبية، وقال "إن المشكلة ليست في التشريعات فثمة تشريعات عديدة تضبط الخدمة الطبية وتفرض المعايير الطبية الصحيحة، لكن المشكلة في التطبيق وكيفية التطبيق".

ولفت القدومي إلى أن سيدة ضبطت وهي تمارس دور طبيبة أسنان مرتان وهي لا تحمل شهادة طبيبة، وعندما أحيلت للقضاء خرجت "عدم مسؤولية".

وفي ورقة أخرى، قدمها رئيس جمعية جراحة التجميل الدكتور عمر الشوبكي، تطرق إلى تنامي ظاهرة التجاوزات على تخصص التجميل وقيام العديد من المخالفين إلى ممارسة مهنة التجميل وتغولهم على هذا التخصص الحساس، ما أدى إلى ارتكاب أخطاء ومضاعفات طبية بشكل ملفت، مؤكدا أنه لا بد من وضع حد للتداخلات بين التخصصات الطبية التي ليس لها علاقة بتخصص التجميل  وكذاك مراكز التجميل وإزالة الشعر.

من جانبه، تناول رئيس جمعية أطباء الجلدية الدكتور أيمن القعقاع تخصص الجلدية وما لحق به من تداخلات من تخصصات أخرى لا تمت بصلة بممارسة مجالات تخصص الجلدية.

في جانب آخر، تناولت رئيس الدائرة القانونية في هيئة الإعلام المرئي والمسموع نانسي خصاونة دور الإعلام بتوعية متلقي الخدمة الطبية، وحماية حقوق المريض وبخاصة السرية والخصوصية في استخدام تطبيقات وسائل التواصل.

فيما تحدث في الجلسة قبل الأخيرة عضو مجلس نقابة الصيادلة الدكتور عبدالحميد عليمات الذي ركز على التداخل بين مسؤولية الصيدلاني والطبيب، وبخاصة صرف المضادات الحيوية دون وصفات، وضرورة تقديم تنظيم شامل لمقدمي المهن الطبية والصحية.