الأزمات الجديدة تغير وجهة دعم الأردن بشأن اللاجئين

مخيم الزعتري للاجئين السوريين - (أرشيفية)
مخيم الزعتري للاجئين السوريين - (أرشيفية)

برغم ما يتحمله الأردن من أعباء في مواجهة استضافة نحو 4 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة، لكن المجتمع الدولي، بات يتجاهل العبء الواقع على كاهل الدولة الأردنية، تحت وطأة تراجعه عن تقديم ما يلزم من دعم ومساعدات، في ظل ولادة أزمات إقليميّة وعالمية جديدة، غيرت من أولويات الدول التي تسهم بالدعم.

اضافة اعلان


خبيران في قضايا اللجوء، بينوا أن هناك أزمات وحروبا استجدت أخيراً في المنطقة تحديدا، أكان ذلك في قطاع غزة، أو في السودان، ومن قبلها عالميا في أوكرانيا، ما بدل اهتمام المجتمع الدولي في مساعداته لهذه البؤر الساخنة، وهذا بدوره انعكس سلبا على الأردن محدود الإمكانيات، ليغدو وحيدا في سد حاجات اللاجئين لديه.


وبينوا أن الأردن يتحمّل اليوم تبعات سياسات دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية في العالم والإقليم، أكانت بسبب تبعات اللجوء أو الأزمات التي أثرت وتؤثر على اقتصاده.


ورأوا أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يبذل قصارى جهوده لتجاوز حجم الأعباء الهائل جراء ما يقع على كاهله من احتضانه للاجئين بأقل الخسائر، داعين الحكومة لتغيير نهجها في التعامل مع هذه الأزمات، ومخاطبة العالم بلغة مختلفة عما كانت عليه في السابق، بحيث تنطلق من أن مساعدة تلك الدول لها بتحمل تبعات اللجوء- والذي هو نتاج سياسات الدول الغربية- يأتي من منطلق الحق بالمساعدة والدعم، للأردن الذي يتحمل عن المتسببين باللجوء هذه الأعباء.


ويقدّر عدد اللاجئين المسجلين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأردن 2.3 مليون لاجئ، بالإضافة لأكثر من 730 ألفا آخرين، مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهناك نحو مليون لاجئ آخر غير مسجل في أي من الوكالتين.


وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر المدادحة، لفت إلى أنّ المجتمع الدولي مع تفاقم  الأزمات العالمية والإقليميّة في الفترة الأخيرة، أعاد ترتيب أولوياته في توجيه الدعم والمساعدات، وبالتالي لم تعد قضية اللاجئين، وتحديدا السوريين ضمن هذه الأولويات، ما يعني تراجع حصّة اللاجئين في الأردن من المساعدات الى ادنى مستوى لها.


وذكر المدادحة، بأنّ هذا يفاقم الأعباء الاقتصادية والخدماتية والاجتماعية على الدولة الأردنية، التي تقدم خدمات عامة من نقل وصحة وتعليم يتشارك بها الأردنيون واللاجئون، داعيا الحكومات، لضرورة تحديد أولوياتها الداخلية، والضغط على المجتمع الدولي باتجاه ايجاد حل سياسي في سورية والمنطقة.


وقال الخبير الاقتصادي زيان زوانة، إن الأزمات العالمية الراهنة، أدت الى تغير أولويات الدول المانحة بتوجيه مساعداتها سواء لغزة أو السودان أو أوكرانيا، مشيرة إلى أن هذا سينعكس بالتأكيد على الدعم الموجه للاجئين في الأردن، كما سينعكس على الاقتصاد الأردني من عدة جوانب، كالاستثمار الأجنبي، والسياحة، وبالتالي النمو.


ولفت زوانة، الى أن الدول المانحة ذاتها، هي من تتسبب بوقوع الأزمات الاقليمية والعالمية، وأكبر دليل على ذلك؛ الحرب في غزّة، إذ قامت دول العالم الغربي ورأسها الولايات المتحدة بدعم الكيان المحتل في فلسطين.


وأشار زوانة، الى أنّه أمام كل هذه الأزمات التي خلقها العالم الغربي، وضغطت على الأردن، ليواجه تبعاتها وحده، لافتاً الى حاجة الدولة برغم الجهد الكبير الذي تبذله بقيادة جلالة الملك، لفريق اقتصادي ودبلوماسي، يضع خطة متكاملة يخاطب بها العالم، ويعيد ترتيب أولويات الأردن.


وأوضح أنّ الخطاب الموجه إلى العالم، يجب أن ينطلق من صيغة أن الأردن حليف للدول الغربيّة، ولا بد من تعويضه عن الآثار المترتبة عليه جراء الأزمات التي يخلقها الغرب نفسه، أي أن يكون الخطاب من منطلق "الحق"، فالأردن من حقه وقوف العالم الى جانبه، خصوصاً في مواجهة أعباء اللجوء وتبعات الأزمات التي يخلقها العالم الغربي.


وأضاف زوانة، الى أنّ هذه الخطة "الدبلوماسية الاقتصادية"، يجب أن تتزامن مع اتخاذ إجراءات وقرارات داخلية، للتخفيف من آثار الأزمات الإقليميّة.


يأتي هذا في وقت كانت فيه اجتماعات اللجنة الدائمة للمفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأخيرة، قد أكدت ضرورة مواصلة دعم برامج وكالات الأمم المتحدة في الأردن، وخطة الاستجابة الأردنية للجوء السوري، خصوصاً وأنّ الأردن ما يزال "يعتبر ملاذا آمنا للاجئين".


وجاء في التقرير الصادر عن الاجتماع "أن الأردن ما يزال ملتزما بتوفير الملاذ الآمن لكثير من اللاجئين، ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي يتخلى عنه على نحو متزايد في هذا المسعى، ما يضطره إلى تحمل عبء كبير".


وأعرب الأردن في الاجتماع عن قلقه من انخفاض التمويل الموجه لدعم اللاجئين، بحيث "لم يجر للآن تلبية سوى نسبة صغيرة من متطلبات التمويل لعام 2024 للمنطقة العربية، كما انخفضت الميزانية المخصصة للمنطقة مقارنة بالعام الماضي".


كما انخفض التمويل الدولي الموجه لدعم خطة الاستجابة الأردنية لأزمة اللاجئين، ما "أجبر الأردن على استخدام ميزانيته العامة لسد الفجوة"، وقد أدى ذلك إلى تفاقم التحديات المالية في البلاد، وعرقل تنفيذ الخطط الوطنية في مجالات التعليم والصحة والعمل، وفرض ضغوطا إضافية على موارده المستنفدة بالفعل".


وكانت المفوضيّة وبرنامج الغذاء العالمي، أعلنا مراراً أن الانخفاض الكبير في التمويل، أدى وسيؤدي لتخفيض أعداد المستفيدين مما يقدم لهم من مساعدات. كما أعلنت المفوضية تخفيض أعدد المستفيدين من المساعدات النقديّة التي تقدّمها ابتداء من نيسان (إبريل) الماضي، وتخفيض المبلغ النقدي بنسبة 25 % ابتداء من الشهر الحالي.


وصرحت أنّها أبلغت اللاجئين بشأن "التخفيضات المؤلمة المقبلة" للمساعدات النقدية التي تضطر إلى القيام بها، نظراً للانخفاض الكبير بتمويل الجهات المانحة.

 

اقرأ المزيد : 

25 عاما من التعايش مع الأزمات الاقتصادية