النقابات المهنية.. شبح التصفية يطارد صناديق التقاعد

مبنى مجمع النقابات في عمان-(أرشيفية)
مبنى مجمع النقابات في عمان-(أرشيفية)

عمان –  في ظل بقاء أزمة صناديق التقاعد النقابية قائمة وتزداد تفاقما بمضي الوقت، أكد نقيب الجيولوجيين خالد الشوابكة أن صندوق تقاعد النقابة الذي تأسس في تشرين الثاني (نوفمبر) 1996، يتجه نحو التصفية، وذلك بموجب قرار الهيئة العامة التي صادقت على ذلك الجمعة الماضية.

اضافة اعلان


ولفت الشوابكة لـ"الغد"، إلى أن الصندوق كان يصرف رواتب تقاعدية للجيولوجيين منذ فترة تأسيسه وبشكل منتظم، مضيفا أن ذلك تغير بدءا من شهر حزيران (يونيو) عام 2021، إذ توقّف بذلك التاريخ عن صرف الرواتب التقاعدية، وإلى الآن لا يزال تسجّل عليه ذمم تجاوزت مبلغا كبيرا.


وأوضح أنه في منتصف العام 2022، اتخذ مجلس النقابة الحالي قرارا، وحسب القانون، بتصفير الرواتب التقاعدية، حيث لم يعد يُسجل الصندوق أي رواتب لأن القانون ينصّ بأنه "يحق لمجلس النقابة بين الفترة والأخرى أن يعيد النظر بالرواتب التقاعدية بناءً على موجودات الصندوق".


وأكد أنه بناءً على ذلك، تم وقف النزف المالي وتسجيل الذمم للرواتب، ليلحق ذلك اقتراح من الهيئة العامة بتصفية الصندوق، وهو اقتراح كان له مؤيدون ومعارضون، خصوصا وأنه كان هنالك أشخاص مع إنقاذ الصندوق، لكن الهيئة العامة قالت كلمتها مؤخرا، و"نحن نحترم الهيئة العامة وقراراتها".


ومن بين الحلول التي تم طرحها لإنقاذ صندوق تقاعد "الجيولوجيين"، عدد من المشاريع، وتسييل بعض العقارات للاستثمار، لا سيما أن وزير الطاقة أظهر استعداده في وقت سابق بالمساهمة في تمويل أي مشروع مُنتج تتقدم فيه النقابة، إضافة إلى الاستثمار في قطاع التعدين.


وأكد الشوابكة أن هذا الاقتراح لم يتقبله مجلس النقابة، كما أن الوزير طالب بجدوى اقتصادية للمشروع في قطاع التعدين، وتبرع بالدعم للحصول على التمويل لهذا المشروع من بعض الصناديق المانحة والممولة، لكن هذا الاقتراح لم يلق قبولا.


وأشار إلى أن عدد المشتركين في الصندوق بلغ 1200 جيولوجي من بين 5700 هم أعضاء الهيئة العامة للنقابة، مبينا أنه على الرغم من أن التسجيل في صندوق التقاعد "إلزامي"، إلا أن عدد المشتركين قليل؛ لأنه لا توجد سلطة للمجلس في جلب المشتركين وإجبارهم على الدفع.


وأوضح أنه لم يكن هناك دعم رسمي لقرار النقابة خصوصا من قبل المهنيين في القطاع الحكومي، عبر إلزامهم باقتطاع اشتراك النقابة.


وشدد على أن معظم المشتركين في الصندوق هم من الجيولوجيين العاملين في القطاع العام، مضيفا: "عند الحديث عن وزارة التربية والتعليم التي يوجد فيها 1300 جيولوجي، فإن المسددين منهم هم نحو 350 فقط، ولو كان هناك التزام من الجميع بالتسديد لما وصلت الأزمة إلى ما هي عليه الآن".


واعتبر الشوابكة أن معظم الصناديق التقاعدية في النقابات المهنية تعاني، و"هذا أمر لا خلاف عليه، والسبب يعود لآلية الاستثمار غير المجدية والعقيمة في النقابات، إضافة إلى بعض القصور من عدد من المجالس في آلية الاستثمار".


وقال: "نحن نعذُر المجالس النقابية على طريقة الاستثمار التي تتبعها، وذلك بسبب الخوف من الخسارة"، مبينا أن "الهيئات العامة لا ترحم، وتريد أن تربح ولا تتحمّل الخسارة".


واعتبر أن المشكلة التي تواجه النقابة حاليا تكمن في كيفية تصفية الموجودات، خاصة أن أملاك الصندوق هي عقارات، تم شراؤها بمبالغ كبيرة، وعندما يتم تسييل هذه العقارات فإن السؤال: "هل ستسدّد التزامات الزميل الجيولوجي الذي دفع مبالغ تقاعدية أم لا؟".


وقال إنه وبحسب المخمنين العقاريين، فإن عقارات النقابة تساوي بين 2.5 و3 ملايين دينار، وهي عبارة عن مبنى في الشميساني، وأراضٍ أخرى في أطراف العاصمة، مضيفا: "نتمنى أن تُباع بنفس قيمتها دون أي خسارة، لكن الوضع الاقتصادي في حال صعب بشكل عام".


واعتبر أن فكرة السداد هي نقطة خلافية لدى الهيئة العامة؛ لأن نظام التقاعد والتأمين الاجتماعي يعتبر الجيولوجي المنقطع عن التسديد غير ملتزم.


بدوره، قال نقيب الجيولوجيين إن المنقطع عن التسديد لا يستفيد في النظام من حقوق التقاعد، حتى لو تقاعد، حتى وإن كان عليه شهر واحد، وإن كل من تخلّف عن السداد يعتبر غير مسدّد في صندوق التقاعد.


وأضاف أن الهيئة العامة تقول في التشريع الجديد، إن من توقف عن الدفع لعام أو عامين، فالمفروض أن له حقوقا مالية في التصفية، وهذه المادة تواجه خلافات كبيرة في الهيئة العامة التي تنظر إلى مصلحة كل شخص من جانبه الخاص، وهذه المادة متروكة لديوان التشريع.


وقال: "أعتقد أن الأمر إن كان قانونيا سيدخل حيز التنفيذ، وإن لم يكن فسيتم إيقافه، وأعتقد أن رأي ديوان التشريع والرأي القانوني لمستشار النقابة وعدد من المستشارين كان واضحا".


وأكد الشوابكة أن هذه نقطة خلافية في من توقّف عن الدفع حسب النظام السابق، حيث نص على أن المشترك المنقطع لا يحصل على شيء، لكن كان هناك نص في التعديلات يمنح 6 أشهر لتسوية أوضاعه مع الصندوق، وإذا لزم الأمر تُمدّد هذه الفترة مرة أخرى.


وأكد أن الهيئة العامة حذفت هذه النقطة في الاجتماع الأخير، وجعلت المنتسب لفترة ما يحق له الحصول على أمواله في التصفية حتى لو كان ملتزما لأي فترة، وهذ الأمر طبعا متروك لرأي ديوان التشريع.


بدوره، اعتبر نائب نقيب الصحفيين الزميل جمال شتيوي إن إنشاء الصناديق التقاعدية يجب أن يكون مبنيا على دراسات اكتوارية تحدّد مدى إمكانية استمرار هذه الصناديق.


وأكد شتيوي أن بعض النقابات المهنية تكتشف غالبا أن مداخيل هذه الصناديق أقل من مدفوعاتها، خصوصا وأن قيمة الأقساط تكون عبارة عن مبلغ رمزي والمقبوضات أكبر بكثير.


وأضاف أن أي خطوة لإنشاء وتعزيز صناديق التقاعد، الأصل فيها أن يكون الوارد المالي إليها يساوي، على الأقل، المصروفات، بالإضافة إلى أهمية إجراء استثمارات مضمونة ومربحة.


وقال إن الاستثمار يجب أن يكون مدروسا في الأوجه الصحيحة، بحيث يحسن من موجودات الصناديق، مبينا أن بعض النقابات اكتشفت أن عضو النقابة يدفع على سبيل المثال طيلة فترة خدمته 10 آلاف دينار، وفي النهاية يحصل على راتب تقاعدي بقيمة كبيرة على مدار 20 عاما، وبالتالي فإن الصناديق تكون عرضة للإفلاس نظرا لغياب الدراسات الاكتوارية الحقيقية.


وأكد أن هذه الأمور متوقّعة، ولذلك فإن صنديق ضمان لدول عدة حول العالم يمكن أن تنتهي للإفلاس، مشددا على أهمية إنشاء دراسات اكتوارية وبشكل دائم، كي لا يتعرّض الصندوق التقاعدي لأي عجز أو مخاوف من إفلاسه.


بدورها، عملت نقابة المهندسين على تعديل نظام الصندوق بهدف تعزيز الوضع المالي للصندوق بناء على الدراسات الاكتوارية التي أجرتها النقابة.


وصدرت الإرادة الملكية السامية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بالموافقة على النظام المعدل لنظام صندوق التقاعد لأعضاء نقابة المهندسين رقم (84) لعام 2023.


وقال نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي إن النظام المعدل سمح للمهندسين الراغبين بضم السنوات السابقة دون سداد الرسوم الإضافية المترتبة على الاشتراكات التقاعدية عن تلك السنوات، والحصول على الإعفاء وفقا للنظام.


وأكد الزعبي أن النظام المعدل سمح أيضا بتأجيل دفع الاشتراكات التقاعدية في حالات معينة ومنها التعطل أو المرض، حيث يمكن تقديم طلب تعطل لمدة تصل إلى 6 أشهر دون ترتب رسوم إضافية، ودون أن تدخل في فترة احتساب الراتب التقاعدي.


واشتمل النظام المعدل على إلزامية الاشتراك في الصندوق لجميع أعضاء النقابة، على ألا يزيد الحدّ الأعلى لعمر الاشتراك عن (47) عاماً للذكور، و(43) عاماً للإناث.

 

اقرأ أيضا:

لماذا تغيب النقابات المهنية عن ملامسة الشأن العام؟