انخفاض العبء القضائي %5 .. هل يسهم بتسريع إجراءات المحاكم؟

1713367903458785300
مطرقة قاضي
عمان  –  في الوقت الذي كشف فيه التقرير السنوي للمجلس القضائي الأردني للعام الماضي 2023 الذي تمّ إطلاقه أخيرا، عن انخفاض في العبء القضائي السنوي للقاضي بنسبةاضافة اعلان
5 % عن العام الذي سبقه، اعتبر خبراء قانونيون أن هذا الأمر يعد إيجابيا، خاصة أنه ينعكس على جودة الأحكام الصادرة عن القضاء.
ووفقاً للتقرير فإن حصة كل قاض تبلغ 655 دعوى.
وأكدوا أنّ العدد الكافي من القضاة يعتبر من أهم الضمانات التي تدعم إجراءات التقاضي وتسهلها على المتقاضين، ومن شأن ذلك أن يساعد في تسريع الإجراءات وتخصيص الوقت الكافي للقضاة للنظر في القضايا وتخفيف العبء عليهم.
ووفقاً للتقرير، بلغ عدد القضاة للعام الماضي 772 قاضيا، وكان عبء القاضي 655 دعوى، وإنجازه 558 دعوى.
ووردت خلال العام المذكور 421.457 ألف قضية، فضلا عن 84.560 ألف قضية مدورة، ليصل المجموع إلى نحو 506 آلاف قضية، وتم الفصل بـ430.564 قضية بنسبة 102.2 %.
وفي هذا الشأن يرى القاضي الأسبق، مستشار ديوان الرأي والتشريع سابقا د.محمود العبابنة أنّ هذا الانخفاض يعد مؤشّرا إيجابيا في القضاء، غير أن من المهم أن يترافق ذلك مع تحسّن وتجويد في مستوى ونوعيّة القرارات التي يتم اتخاذها والمعهودة عن القضاء الأردني.
ولفت العبابنة إلى أنّ جزءا من هذا الانخفاض قد يكون سببه انخفاض عبء التقاضي على محكمة التمييز، بعد أن تم تعديل القانون بحيث أصبح يشترط النزاع القابل للنظر في المحكمة (التمييز) أن يزيد المبلغ على 20 ألف دينار، كما أنّه قد يعود إلى زيادة عدد التعيينات بين القضاة وتدريبهم، أو إلى تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطنين والتي تمنعهم من دفع رسوم القضايا وبالتالي انخفاض عددها.
مدير المشاريع في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي محمد شبانة أشار إلى أنّ العدد الكافي من القضاة/ القاضيات يعتبر من أهم الضمانات التي تدعم إجراءات التقاضي وتسهلها على المتقاضين، سواء كانوا من أصحاب الشكاوى أو المشتكى عليهم، حيث يساعد ذلك في تسريع الإجراءات وتخصيص الوقت الكافي للقضاة للنظر في القضايا وتخفيف العبء عليهم.
وأضاف شبانة أن الإجراءات البديلة والصلحية وتسوية النزاعات وبدائل الإصلاح المجتمعي ذات أثر كبير في التخفيف على القضاة والقاضيات، وعلى المحاكم، وعلى مجمل الإجراءات القضائية.
ولفت إلى أن إحدى أهم ملاحظات اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون التي صدرت عام 2017 كانت قد أوردت أن من جوانب القصور والمعيقات التي يجب حلها لتحقيق هدف تعزيز الجهاز القضائي "النقص في عدد القضاة المتخصصين والأجهزة الإدارية المساندة، وضعف البنى التحتية للمحاكم، وتضخم عدد القضايا التي يتولى القضاة نظرها".
وأضاف: "وبناء على ذلك، تم اتخاذ خطوات متقدمة وإجراءات تنفيذية تساهم في تحقيق هدف التعزيز، ومنها على سبيل المثال مجموعة من الإصلاحات التشريعية، واللجوء إلى الوسائل الحديثة في التقاضي، وإعداد إستراتيجية قطاع العدالة، وإستراتيجية العدالة الجزائية، وتعيين خبراء من الأساتذة المحامين وأوائل الجامعات وطلبة المعهد القضائي في سلك القضاء، والاتجاه إلى بدائل للعقوبات، وأيضا التدريب والتطوير المستمران". 
ويرى شبانة أنّ هذه الخطوات الإيجابية انعكست بشكل عملي وجيد على تخفيف العبء القضائي، وهو ما يظهرة بشكل واضح الفرق في الأرقام بين تقريري المجلس القضائي بين عامي 2022 و2023، مؤكداً ضرورة السير قدماً في تحقيق الإنجازات التي تنعكس بشكل إيجابي على البيئية الحقوقية بشكل عام، وعلى الوطن والمواطنين والمتقاضين بشكل خاص.
ووفقاً للتقرير، فقد ارتفت جودة الأحكام لدى محاكم الدرجة الأولى لتصل إلى (66 %) مقارنة بـ(64 %) عام 2022.
وكان الناطق الرسمي باسم المجلس القضائي/ أمين عام المجلس القضائي القاضي علي المسيمي، ذكر في مؤتمر صحافي عقده لإطلاق التقرير، أن نسبة الإنجاز في المشاريع التي ذكرت في الخطة الإستراتيجية لقطاع العدالة للأعوام (2022-2026)، بلغت (58 %) من مجموع المشاريع الـتي تم البدء بتنفيذها، والـتي تشكل ما نسبته (94 %) من مجموع المشاريع التنفيذية للإستراتيجية.
وكان من أبرز ما تحقق على صعيد الخطة، إنشاء مكتب فنـي لدى المحكمة الإدارية العليا ومحكمة استئناف إربد، وإطلاق الخدمات الإلكترونية لدى المحكمة الإدارية، وإعداد الدراسات اللازمة للتحضير لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير إجراءات التقاضي وتجويدها، وإطلاق مبادرة الإبداع والتميـز، إضافة إلى تشكيل مجموعة من اللجان المتخصصة لإعادة دراسة المنظومة التشريعية. 
وعلى صعيد تعزيز قدرات أعضاء الجهاز القضائي، تم خلال العام 2023 إشراك ما مجموعه (848) قاضياً في (216) برنامجاً تدريبياً تناولت موضوعات ذات صلة بالعمل القضائي والمسائل المستحدثة، وبرامج أخرى صممت لتعزيز المهارات المختلفة لدى القضاة وأعضاء النيابة العامة، كما تم تنفيذ برنامج متخصص للمهارات القيادية الذي استهدف شريحة واسعة من القضاة المتقدمين في الدرجات. 
ونوه المسمي بأهمية الإجراءات الـتي تم البدء باتخاذها اعتبارًا من منتصف العام الماضي في سبيل الوصول إلى "الملف الإلكتروني" للدعاوى القضائية ضمن النظام المحوسب لأعمال المحاكم "مـيزان"، وذلك من خلال تعزيز فاعلية إجراءات أرشفة الملفات ومأسستها، ومتابعة المنجز منها ومراقبة جودة مخرجاتها، كما أشار إلى أنه تم تزويد قضاة محاكم الدرجة الأولى بماسـحات ضوئية لضمان الأرشفة المتزامنة.
يشار هنا إلى أنّ موازنة المجلس القضائي للعام الحالي كانت قد خصصت حوالي 48.650 مليون دينار للنفقات، بزيادة حوالي 4.9 مليون دينار عن العام 2023، الذي خصص فيه 46.650 مليون نفقات جارية، ومليونا دينار للنفقات الرأسمالية.
ووفقا للموازنة، فإن هناك قضايا وتحديات تواجه المجلس، أبرزها محدودية الكوادر الإدارية المساندة المؤهلة والمدربة لإشغال الوظائف على الهيكل التنظيمي، ومحدودية توافر الموارد البشرية والمادية والتكنولوجية، وضعف الجاهزية الإنشائية والتكنولوجية، وضعف مواكبة التشريعات الحالية للتطورات في قطاع العدالة على المستوى الدولي.
وينفذ المجلس برنامج الإدارة والخدمات المساندة لتأمين المخصصات المالية لإدامة وتيسير عمل شؤونه، وتوفير الكادر الوظيفي لإدارتها، إذ خصص 14.5 مليون دينار للبرنامج، كما ينفذ برنامج القضاء النظامي الهادف لرفد السلك القضائي بالعدد الكافي من القضاة المتخصصين، وتقليص أمد التقاضي، وتوفير البيانات عبر المكتب الفني، والذي خصص له 33.5 مليون دينار.
كما خصص لبرنامج المعهد القضائي 557 ألفا؛ للمساهمة بوضع وتنفيذ الإستراتيجيات والخطط التدريبية، للارتقاء بأداء وفاعلية أعضاء الجهاز القضائي، وتعزيز التوسع في التخصص القضائي عبر البرامج التدريبية المتخصصة، ووضع خطط إعداد مؤهلين لتولي منصب القاضي، وبرامج هادفة لتبادل الخبرات والتعاون الفني والأكاديمي بين المعهد ومختلف المعاهد والمؤسسات والهيئات الحقوقية والقضائية.