حسابات تروج لخطاب الكراهية.. ودعوات لتفعيل "الجرائم الإلكترونية"

الجرائم الإلكترونية
الجرائم الإلكترونية

فيما تشهد منصات التواصل الاجتماعي في الأردن خلال الأسابيع الماضية ظهور حسابات تروّج للفوضى بين مستخدمي الإنترنت، ومحاولات لإشعال الفتنة، أكد مختصون لـ"الغد"، أن قانون الجرائم الإلكترونية موجود ومُفعّل لمثل هذه الغايات، مشددين على أن هناك قضايا منظورة أمام القضاء بحق مسيئين يبثون خطاب الكراهية.

اضافة اعلان


وفي هذا الصدد، قال نقيب الصحفيين السابق الزميل طارق المومني، إن هنالك العديد من القضايا المنظورة أمام القضاء تم رفعها بعد إقرار قانون الجرائم الإلكترونية "لكنها ربما ليست بالحجم الكبير، نظرا لوعي الجمهور بمخاطر تطبيق القانون، وبحجم المبالغ المالية والغرامات الكبيرة التي تُفرض على من تثبت إدانته بارتكاب مخالفات للقانون، خصوصًا في مسألة حُسن وسوء النية في ما يُكتب ويُنشر التي ربما تُفسّر بطريقة خاطئة ويصعب إثباتها".


وأضاف المومني: "كما يعود السبب إلى حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق أهلنا في غزة، والتي تركز عليها وسائل الإعلام، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها المختلفة، وهذه ربما حدّت من حجم المخالفات والجرائم الإلكترونية التي تُرتكب".


وفيما يخص الذباب الإلكتروني، فبرز في الصراعات والنزاعات السياسية، وهو لم يكن جديدًا بل كان منذ عقود ويسمى الفيروسات التي تطورت إلى أشكال وأنماط مختلفة، وأصبحت من أكبر المخاطر في العصر الحاضر، وفق المومني.


وأشار إلى أن مسألة مكافحته تحتاج أولاً إلى أن يتولى القائمون على منصات التواصل الاجتماعي حذف الحسابات الوهمية والمشبوهة وغير الحقيقيّة التي يتم الإبلاغ عنها، فضلًا عن وضع برامج حماية وتحديثها باستمرار، ووضع كلمات مرور يصعب اختراقها إلى جانب عدم فتح روابط الحسابات غير المعروفة والوهمية وحظر تلك الحسابات وعدم الانجرار وراء أصحابها بالحوار والنقاش.


وأكد أن أصحاب هذه الحسابات "لا يعنيهم مدى الصدق من عدمه في ما ينشرون، ذلك أن قضية إنشاء حسابات وهمية تحتاج إلى جهد ووقت وبالتالي يصعب انتشارها".


وشدد على أن حجم الذباب الإلكتروني يصعب تقديره، ذلك أنه يعتمد على حجم المهمة التي يتم توكيلها للمعنيين بمطاردته، مضيفا: "إذ أظهر هذا الذباب تأثيرًا في بعض النزاعات والصراعات السياسية، وحتى في قضايا محلية داخل الدولة الواحدة نفسها".


بدوره، قال المحامي المتخصص في قضايا الإعلام والمطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية خالد خليفات: "فكرة أن قانون الجرائم الإلكترونية غير مطبق أو غير فعال أو أنه تم اجتزاء بعض نصوصه والعمل فيها وتعطيل باقي النصوص فإن هذا كلام غير دقيق وعار عن الصحة تماما".


وأضاف خليفات أن "كل من يرتكب فعلا مخالفا لقانون الجرائم الإلكترونية الجديد يلاحق بموجبه"، مبينا أن "الأدلة كثيرة خصوصا وأن هنالك قضايا منظورة أمام المحاكم لوحق بها مرتكبو الجرائم سواء كان على مستوى جرائم الذم والقدح ذات العلاقة بحرية التعبير أو الجرائم القولية، أو إذا كانت جرائم مالية لها علاقة بالاحتيال أو جرائم جنسية لها علاقة بالاستغلال الجنسي أو الدعارة، أو جرائم الابتزاز أو جرائم التهديد، وكل هذه الأفعال في حال تمت مخالفتها تجري ملاحقة مرتكبيها".


وحول كيفية مكافحة الذباب الإلكتروني، قال خليفات إنه يجب معرفة من يُحدد أن هذا الحساب يعود للذباب الإلكتروني أم لغيره، معتبرا أنه "لا يوجد شيء اسمه حسابات وهمية من الناحية القانونية، لكن قد يكون الحساب مسجلا باسم مختلف".


وأضاف: "بالنتيجة، فإن الحساب مرتبط إما ببريد إلكتروني أو رقم هاتف، ويعني ذلك أنه سيكون معروفا".


وشدد على أن الذباب الإلكتروني هم فعليا "أشخاص يديرون حسابات حقيقية فعلاً، بصفات أو بأسماء غير أسمائهم الحقيقية".


وفيما يخص كيفية مكافحة الذباب الإلكتروني، قال خليفات: "ما قد تعتبره ذبابا إلكترونيا، قد يعتبره آخرون ليس كذلك"، مبينا أن فكرة الذباب الإلكتروني جاءت من أنه إذا كانت هناك قضية ما قيد البحث فقد يكون هناك مؤيدون ومعارضون لها.


ولفت إلى أن فكرة محاربة الذباب الإلكتروني ليست منطقية، لكن يجب قبل كل شيء الاتفاق على تعريف للذباب الإلكتروني بالقانون أو بالعرف أو فنيا، وبعدها يمكن محاربته.


من جانبه، قال أستاذ القانون الجزائي والخبير في التشريعات الإلكترونية والإعلامية الدكتور أشرف الراعي إنه "لا بد من تطبيق نصوص قانون الجرائم الإلكترونية وأن تقف الجهات المسؤولة عند مسؤولياتها في تتبع الجرائم التي تقع على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية والتطبيقات الذكية والتواصل بكافة أشكالها، سواء الإلكترونية أو العادية".


وأضاف الراعي: "مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية الذكية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الهواتف الذكية التي تنقل المعلومة بسرعة وموثوقية، أصبحنا اليوم إزاء شكل جديد من أشكال الإعلام، التي يمكن من خلالها التعبير عن الآراء بحرية، ودونما اعتبار للحدود".


ولفت إلى أن ذلك دفع العديد من الدول ومن بينها الأردن إلى إقرار قانون الجرائم الإلكترونية لضبط أي انتهاكات للجرائم التي يُمكن ممارستها من خلال شبكة الإنترنت إلى جانب القوانين الأخرى سواء الناظمة للعمل الإعلامي أو من خلال قانون العقوبات الذي يعدّ الشريعة العامة.


وتابع الراعي: "لكن المعضلة الأساسية التي تواجه المجتمع بشكل مستمر هو وجود حسابات وهمية أو مزيفة، وهنا فإن ذلك قد يصعّب من عملية الإثبات استناداً إلى قاعدة البيّنة على من ادعى".


وأكد أنه "لذلك، جاء تأسيس وحدة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام التي مهمّتها تتبع هذه الجرائم ومرتكبيها والتوصل إليهم وإحالتهم إلى القضاء لتطبيق المقتضى القانوني بحقّهم".


ودعا إلى ضرورة مراجعة القانون بشكل مستمر، على الأقل كل عامين، نظراً للتطورات الهائلة التي يشهدها القطاع التقني، ولأن التشريع لا بدّ وأن يكون مواكباً لهذا التقدم وبالتالي ضبط هذه الممارسات غير القانونية، فضلاً عن ضرورة مراجعة التعريفات القانونية للمفاهيم الواردة ضمن ثنايا النصوص القانونية وتضمينها في المادة الثانية منه، لأن هذه المراجعة ستضمن تطبيقاً أفضل للقانون وعدم الخروج على نصوصه، ومواكبة التطورات التقنية.

 

اقرأ المزيد : 

النواب يقر الجرائم الإلكترونية خلال 6 ساعات.. ويخفض عقوبات ويحمي التصوير