مأساة طفل مادبا والموت في سيارة مغلقة تطرح من جديد ملف حقوق الطفل

أطفال نائمون في مركبة -(أرشيفية)
أطفال نائمون في مركبة -(أرشيفية)

نادين النمري

عمان- جددت مأساة الطفل الذي توفي في مركبة والديه نتيجة للحر الشديد في مادبا الاربعاء الماضي الدعوات لتشديد حملات التوعية من ترك الأطفال وحيدين في المركبات.
وفي وقت يؤكد خبراء ضرورة توعية الأهل من مخاطر ترك أطفالهم وحيدين، فإن الجهات الأمنية دعت المواطنين إلى "التدخل في حالة العثور على طفل في مركبة وحيدا عبر تبليغ الجهات الأمنية على وجه السرعة خصوصا في ظل عدم قدرة الأطفال على تحمل ارتفاع درجات الحرارة في المركبات".
وحول حادثة وفاة الطفل في مركبة والده، قال مصدر أمني لـ"الغد"، ان "الطفل توفي بعد دخوله مركبة والديه أثناء اصطفافها داخل كراج المنزل"، لافتا إلى ان الأم كانت في تلك الاثناء تقوم بأعمال منزلية فيما كان أشقاء الطفل يلعبون في فناء المنزل".
وأضاف، "بعد فترة من الوقت افتقدت الأم الطفل، وبعد البحث عليه وجدته متوفى في المركبة"، مبينا أن "والد الطفل اعتبر الحادث قضاء وقدرا ولم يتقدم بشكوى، فيما تم تحويل القضية إلى المدعي العام".
وبينما لم يحدد المصدر الأمني الفترة التي قضاها الطفل داخل المركبة لكن دراسات اثبتت ان دقائق معدودة في مركبة مغلقة تحديدا خلال أيام الحر الشديدة كفيلة بإنهاء حياة إنسان خاصة إذا كان طفلا.
وقال المصدر، "ما حدث مأساة عائلية، وندعو الأهل إلى ضرورة عدم ترك أطفالهم وحيدين بالمركبات بأي حال من الاحوال سواء كانوا نياما أو مستيقظين، وسواء أكانت المركبة بوضعية التشغيل أم لا"، موضحا ان "هذه الحالة الأولى لوفاة طفل بهذا السبب العام الحالي، لكن شرطة السير ومواطنين تدخلوا في مرات عدة لإنقاذ أطفال كانوا تركوا في المركبات وحيدين عبر كسر الزجاج".
وشهدت الفترة الماضية عدة حالات لأطفال تم العثور عليهم متروكين وحدهم في مركبات، أبرزها قضية الطفلة التي تركت وحدها أمام وزارة المياه ما دفع الوزير حازم الناصر إلى كسر الزجاج بيده لإخراج الطفلة.
كما شهد العام الماضي وفاة طفل يبلغ عمره 4 أعوام بعد ان نسيه والده في المركبة في منطقة الاغوار، وفي العام نفسه أنقذ مواطنون حياة شقيقين (1.5، 3 أعوام على التوالي) بعد كسر شباك مركبة والديهما اللذين تركاهما في السيارة وتوجها للتسوق.
وبحسب مستشار الطب الشرعي، الخبير لدى منظمات الأمم المتحدة في مواجهة العنف ضد الاطفال د. هاني جهشان فإن سبب الوفاة في مثل هذه الحالات وفي مثل هذه الاحوال الجوية يكون "ضربة حر أو ضربة شمس، اما في السيارات القديمة فنادرا ما يكون السبب الاختناق بسبب نقص الاكسجين".
ويوضح لـ "الغد" ان "الوفاة من الممكن أن تحصل خلال ربع ساعة أو اقل، وبالتالي فإن ترك الطفل في مركبة مغلقة وإن كان لدقائق يعرضه لخطر الموت".
ولا تتوقف الخطورة على إمكانية وفاة الطفل اختناقا بحسب المصدر الأمني، الذي اشار ايضا إلى امكانية أن يؤدي عبث الطفل في المركبة أثناء وجوده وحيدا إلى حوادث كارثية، إلى جانب إمكانية تعرض المركبة للسرقة أو حريق أو أي حادث آخر.
وكان العام 2014 تعرضت سيارة سعودي للسرقة كان داخلها طفل، فيما كانت الأسرة تتسوق داخل أحد المحال التجارية، غير أن السارق وبعد إدراكه لوجود طفل في المركبة، أوقفها وترك الطفل على قارعة الطريق.
كما توفي طفل (4 أعوام) حرقا في العام 2013، بعد أن تركه والداه في السيارة مع شقيقه التوأم لمراجعة المركز الصحي في مدينة الرمثا، فيما أصيب شقيقه بحروق بالغة.
ويرى جهشان أن ترك الأطفال وحيدين في المركبات "يشكل انتهاكا لحقهم بالحياة"، ورغم أن هذا "النوع من السلوكيات يعاقب عليها قانون العقوبات بالحبس، إلا أنه وفي الغالب لا يتم ملاحقة الأهل بسبب التعاطف معهم"،
لافتا إلى غياب التوعية وبرامج الوقاية من هذه الحالات في الأردن.
وبحسب المادة 343 من قانون العقوبات "يعاقب كل من ترك قاصراً لم يكمل الخامسة عشرة من عمره دون سبب مشروع أو معقول ويؤدي إلى تعريض حياته للخطر، أو على وجه يحتمل أن يسبب ضررا مستديما لصحته بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وتكون العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات إذا كان القاصر لم يكمل الثانية عشرة من عمره".
وفي وقت تغيب فيه أي معلومات حول عدد الأطفال ضحايا الوفاة داخل المركبات، تبين دراسة أميركية أنه في الولايات المتحدة فقط يتوفى 38 طفلا سنويا إثر سكتات قلبية أو ارتفاع درجات الحرارة عند تركهم وحيدين في السيارات، وغالبية هؤلاء الأطفال دون سن الخامسة.
وبحسب الدراسة، فإن الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة لهذه الحوادث، لأن حرارة أجسامهم قد ترتفع بسرعة أكبر خمس مرات من حرارة جسم البالغين، إذ إنه عندما ترتفع حرارة جسم الطفل إلى 40 درجة مئوية، تتوقف بعض أعضائه الرئيسية عن العمل، وقد يؤدي الارتفاع إلى 41.7 درجة إلى وفاة الطفل.

اضافة اعلان

[email protected]