تدني مشاركة المرأة الاقتصادية.. ما الحلول؟

تدني مشاركة المرأة الاقتصادية
تدني مشاركة المرأة الاقتصادية

رغم تعدد المبادرات والإستراتيجيات الوطنية الخاصة بتعزيز مشاركة المرأة الأردنية في الاقتصاد، إلا أن معدلات مساهمتها بقيت متدنية، بحسب خبراء.

اضافة اعلان


وأكد خبراء أهمية مشاركة المرأة اقتصاديا لأن ذلك يؤدي إلى رفع المستوى المعيشي والاقتصادي والمعيشي لها ولأسرتها وينعكس على تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مؤشرات الاقتصاد المحلي. 


وأوضح الخبراء أن هنالك معيقات عدة تقف وراء تدني نسبة مشاركة المرأة في الاقتصاد، ومنها ضعف الخطط والسياسات الوطنية ذات الصلة وعدم واقعيتها، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والمزاحمة الشديدة على فرص العمل، إلى جانب خصوصية الاقتصاد الوطني.


ويضاف إلى ذلك أيضا ضعف كفاءة نظام النقل وارتفاع كلفة استخدامه، إضافة إلى عدم توفر عدد كاف من الحضانات، إلى جانب غياب البيئة الآمنة لعمل النساء، مما يؤدي إلى انسحاب كثير منهن من سوق العمل.


وبقصد زيادة مساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني ودعم استمراريتها في سوق العمل، دعا هؤلاء إلى ضرورة تطبيق خطط واستراتيجيات نوعية تعنى بعمل المرأة، إضافة إلى أهمية اعتماد نظام الكوتا النسائية في مجالس الإدارات والشركات المساهمة في الأردن، علاوة على أهمية تطوير التشريعات والقوانين التي تضمن توفير ظروف ملائمة لعمل المرأة.


كما دعا الخبراء إلى ضرورة إعادة النظر بتعريف العمل وتوسيعه ليشمل أعمال الإنتاج المنزلي من خلال تطوير قانون الضمان الاجتماعي وتوسيع دائرة الاشتراك الاختياري في الضمان وتقديم التسهيلات لذلك، إلى جانب معالجة بعض المواد الواردة في قانون العمل والتي تضمن توفر بيئة آمنة لعمل المرأة، إلى جانب مساواة الأجور بين الجنسين.


ويشار إلى أن تقريرا سابقا للبنك الدولي نشر العام الماضي، كان قد أظهر تراجع معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة (المشاركة الاقتصادية) في الأردن إلى 13.5 % في العام 2021، بعد أن كانت 16.1 % في العام 2010، في حين بلغت لدى الذكور 62.3 % للفترة ذاتها من العام 2021، مقارنة مع 61.3 % في العام 2010.


وكان الأردن، وللعام الثاني على التوالي، قد حافظ على ترتيبه السنوي في تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون لعام 2023"، الذي يرصد التشريعات و الإصلاحات التي تدعم المساواة بين الجنسين، وإزالة العقبات التي تعترض الشمول الاقتصادي للمرأة، حيث بقي الأردن عند 46.9 نقطة من 100 بعد أن ارتفع في تقرير العام 2021 بمقدار 6 % مقارنة مع تقرير العام 2020.


ويذكر أن تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" للعام 2023، كان قد أشار إلى أن النتيجة الإجمالية للأردن أقل من المتوسط الإقليمي الملاحظ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.


وقالت النائب السابقة ورائدة الأعمال ريم بدران، إنه على الرغم من حجم المستوى التعليمي المرتفع لدى المرأة الأردنية، إلا أن نسبة مساهمتها الاقتصادية ما تزال متدنية ومن أقل النسب في المنطقة، ودون مستوى الطموحات والتطلعات.


وكان قد بلغ معدل النشاط الاقتصادي المنقح للأردنيين ممن أعمارهم 15 سنة وأكثر، خلال الربع الأول من العام الحالي 33.3 %، حيث بلغ لدى الذكور 53.3 % مقابل 13.7 % لدى الإناث فقط، مقارنة مع 33.2 % (53.2 % للذكور و13.7 % للإناث)، وذلك للربع الأول من العام 2022، وفق ما أظهرت بيانات لدائرة الإحصاءات العامة.


وأوضحت بدران أن مساهمة المرأة الاقتصادية لا تنعكس على المستوى المعيشي للمرأة وحدها، إنما تنعكس بشكل مباشر على النمو الاقتصادي في أي بلد، ومن هنا تنبع أهمية تمكين المرأة اقتصاديا، فهي قوة اقتصادية حقيقية يجب أن تستغل، وتمكينها من شأنه أن يساعد على تحسين مؤشرات الاقتصاد المحلي لدينا الذي عاني من تواضع معدلات النمو، وارتفاع نسب البطالة والفقر.


ولفتت بدران إلى أن الخطط الوطنية والسياسات الخاصة التي تعنى بعمل المرأة وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني لا تتسم بالواقعية، وهذا ما يجعل نسب مساهمة المرأة الأردنية اقتصاديا متدنية، إضافة إلى غيابها عن العمل في العديد من القطاعات واقتصار عملها على بعض القطاعات التقليدية.


وبحسب بدران، فإن عدم كفاءة نظام النقل وتكلفة استخدامه المرتفعة، إضافة إلى النقص الحاد في عدد الحضانات، وعدم عدالة الأجور بشكل كاف، تعد من أبرز المشكلات التي تواجه المرأة في سوق العمل وتؤدي إلى انخفاض مساهمتها الاقتصادية وتدفعها أحيانا إلى مغادرة سوق العمل.


ومن أجل زيادة مساهمة المرأة اقتصاديا في الأردن، وتهيئة الظروف المشجعة لعمل المرأة، دعت بدران إلى ضرورة تطبيق الخطط والاستراتيجيات الوطنية التي تعنى بعمل المرأة، وأهمية اعتماد نظام الكوتا النسائية في مجالس الإدارات والشركات المساهمة في الأردن؛ إذ إن هناك غيابا تاما للمرأة الأردنية عن المناصب القيادية ودائرة صنع القرار، إضافة إلى ضرورة إجراء بعض التعديلات على بعض القوانين التي لها ارتباط مباشر بعمل المرأة وحضورها الاقتصادي كقانون العمل والأحوال الشخصية والضمان الاجتماعي والتي يمكن من خلالها توفر بيئة آمنة وعادلة لعمل المرأة، ما من شأنه أن ينعكس على النهوض بمستويات مساهمة المرأة في الاقتصاد المحلي.


ومن جانبها، اعتبرت عضو الفريق التنفيذي في جمعية "صداقة" والناشطة في مجال حقوق المرأة سهر العالول، أن المرأة في الأردن قوة عاملة معطلة ولم يتم استثمارها بشكل تام؛ حيث إن مساهمتها في المشهد الاقتصادي تبدو متواضعة ونسب البطالة في صفوف المتعلمات مرتفعة.


وبينت العالول أنه كلما تقلصت مساهمة المرأة في الاقتصاد وانخفضت أعداد النساء العاملات، تسبب ذلك في خسارة أكبر لاقتصاد أي دولة، كاشفة أن دراسة سابقة لمنظمة العمل الدولية لفتت إلى أنه كلما كانت هناك نسبة مشاركة للمرأة والرجل متساوية بنسبة 50 %، سيتحقق عائد اقتصادي لأي دولة لن يقل عن 10 مليارات دولار.


وأكدت العالول أن هناك عددا من العقبات الهيكيلة التي تواجه المرأة الأردنية في سوق العمل، وأهمها ضعف المنظومة الرعائية والبنية التحتية (النقل، الحضانات، قوانين حماية المرأة من التحرش) التي تسهم في توفير بيئة عمل آمنة ومحفزة للمرأة؛ حيث تبدو هذه المنظومة غير متوفرة بشكل كاف لدينا محليا، مما ينعكس على بقاء المرأة واستمرارها في سوق العمل.


وأشارت العالول إلى أن المرأة في الأردن تواجه أيضا غياب التساوي والعدالة في الأجور مع الزملاء من الذكور، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل التي تشكل نسبة مرتفعة من الدخل؛ حيث إن هذه كلها تحديات تعترض طريق المرأة اقتصاديا في الأردن، مما ينعكس سلبا على مساهمتها في العملية الاقتصادية.


وترى العالول أنه في حال تم التغلب على العقبات الهيكيلة التي تواجه المرأة في سوق العمل سالفة الذكر، إضافة إلى تطبيق الجانب الإصلاحي المتعلق بعمل المرأة ومساهمتها الاقتصادية والوارد في رؤية التحديث الاقتصادي، إلى جانب تفعيل الاستراتيجية الوطنية للمرأة، وزيادة عدد فرص العمل والتشغيل في أوساط اللاناث، يمكن لنا أن نزيد من نسبة مساهمة المرأة اقتصاديا.


وطالبت العالول، من أجل ذلك، بضرورة العمل أيضا على تطوير التشريعات والقوانين، خاصة قانون العمل الذي تضمن توفير ظروف ملائمة لعمل المرأة.


إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري "إن وجود مستوى مرتفع من مشاركة المرأة في سوق العمل في أي دولة من شأنه أن يحسن من معدلات النمو الاقتصادي ومستويات الدخل القومي، إلى جانب تحسين المستوى المعيشي للمرأة والبيئة المحيطة بها".


ويرى الحموري أن تدني نسبة مشاركة المرأة في الاقتصاد الوطني يعود بشكل رئيسي إلى معدلات البطالة المرتفعة لدينا محليا والمزاحمة الشديدة على فرص العمل، إضافة إلى خصوصية الاقتصاد الأردني وتفضيل أصحاب المؤسسات والشركات ومختلف الأعمال الرجال على النساء، إلى جانب عدم واقعية الكثير من الخطط والسياسات والآليات الوطنية المهتمة بعمل المرأة.


وبقصد تحسين مشاركة المرأة في الاقتصاد الوطني، دعا الحموري إلى أهمية إعادة النظر بالسياسات والخطط الوطنية ذات العلاقة، إضافة إلى إعادة النظر بتعريف العمل وتوسيعه ليشمل أعمال الإنتاج المنزلي، من خلال تطوير قانون الضمان الاجتماعي وتوسيع دائرة الاشتراك الاختياري في الضمان وتقديم التسهيلات لذلك.

 

اقرأ المزيد : 

مشاركة المرأة الاقتصادية.. نساء يعلن أسرهن ويواجهن الفقر بمنتجات يدوية