التقرير السنوي الثامن عشر حول أوضاع حقوق الإنسان

د. نهلا عبدالقادر المومني يعدّ تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان الوثيقة الأولى والأهم التي تشخص واقع حقوق الإنسان في الأردن وحرياته، ولا يضفي على هذه الوثيقة الأهمية كونها تأتي استجابة للمادة الثانية عشرة من قانون المركز رقم (51) لسنة 2006م وتعديلاته، وإنما تنبع باعتبارها أداة تؤرخ لحالة حقوق الإنسان في الأردن وتطوراتها، وتقدم لصانع السياسات قاعدة معلومات ورؤية شاملة يمكن البناء عليها للخروج بسياسات عامة قادرة على إحداث التغيير والتطوير في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي مجال حقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، وتأتي هذه الوثيقة من واقع رصد ميداني ومتواصل لأوضاع حقوق الإنسان وحرياته في الأردن لتخرج بتوصيات منضبطة وقابلة للقياس في اطار فهم واضح للسياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. يأتي تقرير المركز الوطني الثامن عشر حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن وللمرة الثانية على التوالي ليقدم توصيات شمولية، تهدف إلى ترسيخ قاعدة صلبة وأرضية مشتركة يمكن البناء عليها وفي الوقت ذاته من شأن تطبيقها وانفاذها على أرض الواقع معالجة الاختلالات والتحديات من الجذور وإرساء قاعدة أساسية لتعزيز منظومة حقوق الإنسان أردنيا وحمايتها؛ وفي هذا السياق أكد المركز على ضرورة بناء سياسات قادرة على تحقيق مضامين العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات والخدمات بصورة تحقق عناصر التنمية المستدامة وتحد من ظاهرة البطالة وتقلل نسب الفقر إلى أدنى مستوياتها، وفي الوقت ذاته العمل على التوسع في إدماج مفاهيم حقوق الإنسان وتجسيدها في المناهج التعليمية. أما في الاطار التشريعي وفي ضوء ما رصده المركز من تحديات في هذا الاطار أدت إلى اشكاليات في العملية التشريعية في مقدمتها الازدواج والتكرار والتناقض التشريعي، التي ساهمت في إدراج قيود لا تتوافق والدستور الأردنيّ والمعايير الدوليّة لحقوق الإنسان، فقد أوصى المركز بمأسسة نظام وطنيّ فاعل من أجل التّشريع يرتكز على الشّراكة بين التنظيمات الاجتماعيّة والحكومة والبرلمان في العملية التشريعيّة، ويقوم بتحليل الظواهر الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة في المجتمع من خلال دراسات أثر للتشريعات المقترحة، والتّعامل مع التشريعات الحقوقيّة وفق سياسة تشريعيّة تتبنّى مراجعة مصفوفة التشريعات ذات العلاقة كوحدةً واحدة. كما أكدّ المركز على ضرورة مراجعة الممارسات المتعلقة بالحريات العامة والتقييدات المفروضة عليها بما يتواءم والدستور الأردني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. هذه التوصيات الشمولية والبنيوية تبعها توصيات تفصيلية دقيقة في كلّ محور من محاور حقوق الإنسان المندرجة في اطار التقرير السنوي الثامن عشر للمركز، تُشكل إذا ما تمّ تطبيقها على أرض الواقع خطوة نحو النهوض بواقع الحريات العامة وتعزيز النهج الديمقراطي في الدولة وتكريس مبدأ سيادة الحق والقانون الذي اعتبره الملك عبدالله الثاني في ورقته النقاشية السادسة أساس الدولة المدنية. المقال السابق للكاتبة موازنات مالية حقوقيةاضافة اعلان