قلعة مكاور.. أعلى نقطة جبلية تطل على البحر الميت تفتقر لأدنى اهتمام رسمي -فيديو

آثار قلعة مكاور الرومانية التي بناها الملك هيرودوس - (تصوير: ساهر قدارة)
آثار قلعة مكاور الرومانية التي بناها الملك هيرودوس - (تصوير: ساهر قدارة)

محمد أبو الغنم

مادبا- على بعد 32 كلم جنوب غرب مدينة مادبا، تقع قلعة مكاور العريقة، بالقرب من قرية مكاور الصغيرة الوادعة.
الطريق إلى القلعة، التي زارتها "الغد"، يمر عبر سلسلة جبال وعرة ووديان سحيقة، تظلله أشجار حرجية على الجانبين، حيث سرنا على مرأى من "المغر" في سفوح الجبال المحيطة، ووطأت أقدامنا، بعد ساعة من انطلاقتنا من مدينة مادبا، أرض القلعة، التي تعد أقدم أرض فسيفسائية في الأردن، ففي هذا المكان عثر على أقدم قطعة فسيفسائية في الأردن يعود تاريخها إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد.اضافة اعلان
وفي المكان عينه تجد نفسك عند أعلى نقطة جبلية تشرف على البحر الميت، تشاهد عبرها تلال وسط فلسطين والجبال الممتدة باتجاه القدس.
على هذه القلعة يلتقي التاريخ بالإيمان بالجغرافيا، حيث تجد الكثير من المسيحيين يتلون تراتيلهم ويطلبون حاجاتهم في مكان يحمل في طياته الألم والأمل معا؛ حيث أدرج الكرسي الرسولي في الفاتيكان قلعة مكاور على جدول محطات الحج اليوبيلي العام 2000، بعد زيارة البابا للأردن، واعتمدت مكانا للحج المسيحي.
فهذه القلعة الرومانية، التي بناها الملك هيرودوس لتكون حصنا أمام هجمات مملكة الأنباط، تتربع على قمة جبل مرتفع يصل علوه الى أكثر من 730 مترا عن سطح البحر، فيها كان سجن النبي يحيى (يوحنا المعمدان) عليه السلام، وقد قام الملك هيرودوس بقطع رأس النبي، وتشير روايات إلى أنه رأسه نقل إلى دمشق حيث دفن في موضع ضمن الجامع الأموي، كما تؤكد العديد من الروايات التارخية والدينية أن النبي يحيى كان يقيم في منطقة بيت عنيا على الجانب الشرقي من نهر الأردن ضمن منطقة لواء الشونه الجنوبية في وادي الخرار.
وتعرضت قلعة مكاور العام 70 للميلاد إلى هجوم روماني أصابها بأضرار كبيرة.
الزائر إلى المكان عليه التقاط أنفاسه استعدادا لرحلة الصعود إلى قمة الجبل سيرا على الأقدام عبر طريق مخصص يصل طوله إلى أكثر من 800 متر، وعند وصوله إلى المكان يرى بقايا قلعة مكاور الأثرية التي لم يتبقى منها سوى بضعة أحجار وأعمدة اثنين يصل طول العامود إلى 4 أمتار.
وتستقبل قلعة مكاور زوارها من مختلف الجنسيات من الساعة 9 صباحا ولغاية 5 عصرا، لكنها بعد هذا التوقيت توصد أبوابها أمام الزوار أمام قاصديها عند المساء، رغم سحر المساء في هذا المكان.
ورغم ما شهدته القلعة من أعمال ترميم وصيانة وعمليات تنقيب أثرية العام 1995، إلا أنها تحتاج إلى الكثير من الاهتمام والعمل من قبل الجهات المعنية للمحافظة عليها كإرث حضاري وديني وتاريخي، كما تحتاج إلى تحسين بنيتها التحتية المتهالكة، والمزيد من الرعاية والنظافة، ناهيك عن غياب استراحة ملائمة يمكن ان تقدم للزائر بعض ما يريد، وأن تطل مدة إقامته في هذا المكان، سيما وأن القلعة بعيدة عن المناطق الخدماتية.
واستقبلت قلعة مكاور العام الماضي نحو 6.192 زائرا، فيما استقبلت منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي قرابة 4 آلاف سائح مقارنة بـ قرابة 3 آلاف سائح خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بزيادة مقدارها نحو ألف زائر أو بنسبة زيادة تصل الى 33 %.
على القلعة التقت "الغد" مع السائح رامي المنصور الذي جاء من العاصمة عمان ليشاهد إحدى أهم القلاع الموجوده في المملكة.
وقال المنصور إن قلعة مكاور معلم تاريخي وأثري يجب أن يلقى اهتماما ونظافة من الجهات المعنية، مؤكدا أنه يحتاج إلى الكثير من الخدمات، بالإضافة إلى أن طريق القلعة مهلك ومتعب للزائر، ويجب إيجاد حل لتسهيل الذهاب إلى القلعة الموجودة على قمة جبل مرتفع.
واتفق السائح، أمجد يوسف، مع سابقه في القول بروعة قلعة مكاور التاريخية وجمالها، مبينا أنها تحتاج إلى ترويج ودعاية لجذب أكبر عدد من الزوار.
وقال يوسف إن السائح يحتاج إلى مرافق وخدمات مفقودة في الموقع، بالإضافة إلى عدم وجود مطاعم أو استراحات في القلعة أو على طريقها.
وأضاف أن قلعة مكاور يجب أن يكون فيها موظف مطلع على تاريخ القلعة ولديه معلومات عنها ليقدمها للسائح.
مصدر مسؤول في وزارة السياحة والآثار، فضل عدم ذكر اسمه، قال "إن قلعة مكاور تحتاج إلى الكثير من العناية والخدمات والحراسة".
وأشار إلى أن الموقع الأثري تعرض إلى الكثير من عمليات الحفر والعبث بحثا عن الآثار خلال الفترة الماضية جراء عدم وجود حراسة متواصلة فيه.
وأكد المصدر أن قلعة مكاور يجب أن تضم أماكن مخصصة لاستقبال الزوار فيها كافة احتياجات الزائر من مختلف الخدمات.
وبين أن على الجهات المعنية زيادة فترة استقبال الزوار لغاية الساعة الثامنة بعد المغرب في فصل الصيف حتى يتمكن الزائر من مشاهدة غروب الشمس من موقع قلعة مكاور المطل على البحر الميت وهو مشهد ساحر وخلاب.