الإقبال على الزواج يتراجع.. وخبراء يحذرون من التداعيات

مجد جابر

عمان- أثار ظهور الأرقام الجديدة الصادرة من دائرة قاضي القضاة والتي تكشف عن انخفاض عدد عقود الزواج بنسبة 9 % في العام 2018 عن العام 2017، استغراب العديدين وكذلك الخبراء، لما يحمله ذلك من تداعيات وآثار ربما تكون سلبية على المجتمع.اضافة اعلان
اختصاصيون اعتبروا أن ذلك مؤشر خطير، ولا بد من الانتباه له وأخذه بجدية كبيرة، والبحث عن الأسباب والحلول، معتبرين أن الآثار والتداعيات النفسية والمجتمعية التي قد تظهر تسبب العديد من المشاكل في المجتمع.
وكانت قد كشفت دائرة قاضي القضاة، عن تراجع عدد عقود الزواج المسجلة في المحاكم الشرعية خلال العام 2018 بنحو 7300 عقد أي بمعدل انخفاض 20 عقداً يومياً عن العقود المسجلة في 2017، ونحو 11 ألف عقد أي بمعدل انخفاض 30 عقداً يومياً عن 2016.
وحذرت دائرة قاضي القضاة من التداعيات المجتمعية والاقتصادية لهذا التراجع، داعية إلى التنبه لهذا الواقع الذي تعرضه الأرقام، وإجراء البحوث والدراسات اللازمة لتحليلها والوقوف على الأسباب والدوافع وراءها، وأثر ذلك على المجتمع.
ويذهب رئيس جمعية العفاف الخيرية الاستشاري الاجتماعي الأسري مفيد سرحان أن الأصل تزايد عدد عقود الزواج عاما بعد عام وليس تناقصها، غير انه في العام 2018 كان هناك تناقص واضح في عدد عقود الزواج وبنسبة كبيرة عن العام 2017.
ويعتبر سرحان أن ذلك مؤشر ينبغي الانتباه له، إذ ان الزواج حاجة اساسية للانسان والأسرة هي اللبنة الاساسية في بناء المجتمع، وهذا التناقص يجب أن ينظر له باهتمام ودراسة الاسباب المؤدية الى ذلك، مبيناً أن ارتفاع تكاليف الزواج من الأسباب الرئيسة المؤدية الى ذلك.
ويبين أن هنالك تغيرا بالنظرة الى مؤسسة الأسرة وأهميتها وقيمتها لدى الشباب، وتعبر عن فقدان قيمة هذه المؤسسة لديهم، وعدم الرغبة بدخولها.
هذا الأمر ينبغي التنبه له وتصويبه حتى لا يستمر التناقص في عدد عقود الزواج، لافتا الى أنه لا بد من ايلاء الاهتمام الكامل للمؤسسات الرسمية والأهلية على موضوع الزواج ودعمه وتعزيز فكرة أنه المدخل الشرعي الوحيد لبناء الاسرة وهو حاضنة الأبناء، فالانسان هو العامل الرئيسي لإحداث التنمية، وأن تناقص حالات الزواج يحمل آثارا سلبية على عدد السكان مستقبلاً.
ويشير سرحان إلى أن المجتمعات التي فقدت هذه الخاصية تعاني من مشكلات ومنها الشيخوخة.
وبلغ إجمالي عدد عقود الزواج العادي والمكرر المسجلة لدى المحاكم الشرعية 70734 عقداً خلال العام 2018، بانخفاض نسبته 9 في المائة عن العام 2017، والذي سجل فيه 77700 عقد، في حين كان عدد العقود المسجلة في 2016 لدى المحاكم الشرعية في مختلف المحافظات 81343 عقداً.
ولأن التداعيات المجتمعية الاقتصادية لها دور كبير في هذا الانخفاض؛ يرى الاختصاصي الاجتماعي الاقتصادي حسام عايش أن تراجع معدلات الزواج يرتبط ايضا بالعامل الاقتصادي الى جانب التغيرات المجتمعية المتسارعة. ونوه إلى أن قدرة هؤلاء الشباب على تشكيل أسرة وتحمل مسؤوليتها تجعلهم يتهربون من متطلبات العلاقة بالطرف الآخر، بالاضافة الى ظواهر اخرى بديلة للزواج مثل المساكنة وأنواع من الزواج باتت تنتشر بكثرة.
ويعتبر عايش أن متطلبات الحياة الزوجية الحالية ما تزال النظرة الثقافية لها مادية وعند أول عقبة يتحول الزواج الى مؤسسة فاشلة، فلم تعد المؤسسة هذه مقدسة كما كانت ولا تلبي طموحات الشباب.
ويشير الى أن عدم وجود وظائف وزيادة بنسبة العاطلين عن العمل، والشعور العام بأن الزواج يحتاج الى استقرار وأمان وظيفي ودخل ثابت وقدرة على التخطيط لمدة 3-5 سنوات من بعد اتمامه، كلها أمور تجعل فكرة الارتباط شبه مستحيلة للشاب، ما يؤدي الى الاحجام عنه.
بالتالي، فإن الاوضاع الاقتصادية تفرض ايقاعها على الناس وتجعلهم يبتعدون عن مؤسسة الزواج، كما لم يعد السن التقليدي للزواج هو ذاته.
دكتورة الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية، سلمى البيروتي، تعتبر أن تناقص عدد عقود الزواج سببه أن المجتمع يمر بتغيرات كبيرة سواء على الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، مبينة أن مؤسسة الزواج بخطر، والسبب فقدان الثقة بمدى نجاحها، وبالتالي لا بد من التدخل والعمل على دراسة اسباب مخاوف عزوف الشباب عن الزواج والتي تعد خطوة مهمة.
وتضيف بيروتي أن هنالك تداعيات نفسية وسيكولوجية على علاقة الزواج في مجتمع مادي تحكمه المظاهر بشكل كبير، ما يسبب الخوف من الاقدام على الخطوة والشعور بغياب القادرة على تحقيق متطلبات الارتباط.
ومن جهة أخرى غياب وعي الانسان بذاته، فاذا كان غير قادر على فهم نفسه، فكيف سيتمكن من فهم الشريك، وحاجاته ومعيقاته، وهو الامر الذي يؤثر على العلاقة بالآخر، مبينة أن تزايد عدد حالات الطلاق لتصل من 51-71 حالة يومية، يحتاج الى تدخل واسع النطاق، خصوصا من قبل الجامعات والمؤسسات.
وتؤكد على ضرورة العمل على معرفة مخاوف الشباب بعيدا عن الاسباب المادية، فهناك اسباب نفسية كثيرة، كذلك تفاعلات سلبية تسيطر على حياتهم ويطغى التفكير المادي على العلاقة.
إلى ذلك، لا بد من تدارك كل هذه الأسباب وأن يكون هناك تدخل واع بهذه الحالات، فنحن نمر بتغييرات دون وجود حلول لها، ولا بد من ايجاد خطة عمل وطني.