"الاتحاد الألباني" يكتمل في الطريق إلى الاتحاد الأوروبي

الألبان يدركون أن الوحدة الطبيعية" بين ألبانيا وكوسوفا هي السقف، بينما الوحدة السياسية  خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه

 في نهاية حزيران المنصرم بدأت أولى السيارات بعبور الاوتوستراد الجديد والسريع الذي يربط العاصمة الالبانية تيرانا بالعاصمة الكوسوفية بريشتينا، وذلك بعد شهر من الافتتاح الرسمي له.

اضافة اعلان

وكان يوم الأحد 30/5/2009 يوماً مشهوداً عند الألبان في البلقان، حيث "هدم" الجبل الذي كان يفصل بين ألبانيا وكوسوفا ليدشن بذلك الطريق السريع الذي يحول بالفعل كوسوفا إلى دولة متوسطية. في ذلك اليوم جاء رئيس الحكومة الألبانية صالح بريشا من تيرانا ورئيس الحكومة الكوسوفية هاشم ثاتشي، من بريشتينا ليلتقيا في وسط النفق الطويل (5،5 كم) الذي يخترق جبل كاليماش الذي يفصل بين ألبانيا وكوسوفا.

ومع أن الحدود بين الدولتين أصبحت رمزية منذ 1999 إلا أن الموانع الطبيعة كانت تجعل الانتقال بين بريشتينا وتيرانا شاقاً بسبب الطبيعة الجبلية الصعبة للخط الأقصر بين العاصمتين، مما كان يجعل الكثيرين يفضلون المرور عبر جمهورية مكدونيا المجاورة (بريشتينا – سكوبية- تيرانا وبالعكس).

هذا التواصل الألباني– الألباني بواسطة الغير (مكدونيا) كان يبدو مزعجاً للكثير من الألبان الذين كانوا يحلمون بتواصل مباشر بعد زوال الموانع السياسية. صحيح أن الانتقال في شهور الصيف يصبح بالهوية بين الدولتين ولكن الطريق الجبلي يتطلب حوالي 7 ساعات من السفر الشاق على الطرق الجبلية الضيقة والملتوية، مع أن المسافة بين بريشتينا وتيرانا لا تتجاوز 220 كم، بينما المسافة بين بريشتينا والساحل الألباني المرغوب للاصطياف تصل إلى 250 كم فقط.

ومع الأوتوستراد الجديد الذي احتفل بإنجازه الآن أصبح السفر من بريشتينا إلى تيرانا مريحاً وسريعاً لا يحتاج أكثر من 3 ساعات، وثلاث ساعات ونصف إلى الساحل الألباني، وهو ما كان يعتبر بمثابة "الحلم القومي". وقد تأخر إنجاز مثل هذا "الحلم" بسبب النفقات الكبيرة للمشروع الذي كان يتطلب الكثير من الجسور (27 جسراً) والأنفاق كان آخرها نفق كاليماش الذي يعتبر من أطول الأنفاق في البلقان.

اتفق صالح بريشا وهاشم ثاتشي على تسمية النفق الأخير بـ"نفق وحدة الأمة"، وإن كان بريشا حاول أن يوسع ذلك بالقول أنه يوحد أيضاً شعوب البلقان (الصرب والبلغار والمكدونيين) التي أصبح لها طريق مختصر نحو ساحل البحر الأدرياتيكي. وفي ذلك اليوم كان هناك من يتذكر قيام الألمان بهدم "سور برلين" في 1989م، ولكن الألبان شعروا بأنهم في 2009 قاموا بهدم "جبل كاليماش" الذي يفصل بين ألبانيا وكوسوفا.

وكان هذا الطريق، الذي يشتهر أكثر باسم طريق دورس- كوكس (دورس هي ميناء ألبانيا على البحر الأدرياتيكي وكوكس هي آخر مدينة ألبانية على الحدود مع كوسوفا) قد تبناه أخيراً صالح بريشا كجزء من التنافس السياسي بين الحزب الديمقراطي الحاكم وبين الحزب الاشتراكي المعارض (وريث الحزب الشيوعي الألباني)، لذلك تصاعد العمل لانجاز هذا الاوتوستراد مع اقتراب السباق الانتخابي الحاسم في 28 حزيران الحالي.

وأخذت المعارضة تنتقد التكاليف الكبيرة للمشروع الذي بدأ في 2007 وتخطت تكاليفه البليون يورو، وحتى أنها اتهمت وزير النقل آنذاك لولزيم باشا بالفساد المالي. ولكن صالح بريشا رد أن القيمة المعنوية لهذا الطريق الذي "يوحد الأمة" أكبر بكثير من القيمة المالية التي صرفت لأجله.

الألبان، على طرفي الحدود، يدركون أن هذه "الوحدة الطبيعية" هي السقف، بينما الوحدة السياسية بينهما خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه. وقد تمثل هذا في مشروع ممثل الامم المتحدة مارتي اهتيساري، الذي أعلن بموجبه استقلال كوسوفا في 17/2/2008، وفي الدستور الكوسوفي الجديد الذي ينص على انه لا يحق لكوسوفا الاتحاد مع أية دولة مجاورة (البانيا).

أما الوحدة السياسية البديلة فهي الاتحاد الأوربي التي قدمت ألبانيا أخيراً طلباً للانضمام إليه بعد ان انضمت الى حلف الناتو، وهو ما تأمله كوسوفا أيضاً. فمع انضمام ألبانيا وكوسوفا إلى الاتحاد الأوربي خلال السنوات المقبلة، تكتمل فصول المسيرة الطويلة ويصبح كل الألبان تحت مظلة واحدة، ويحملون جواز سفر واحدا ويعبرون "الحدود" الموجودة على الخريطة من دون أن يشعروا بها.

[email protected]