الاستثمار في العراق.. الأردن الجار الغائب عن المشهد

منظر عام من العاصمة بغداد -(أرشيفية)
منظر عام من العاصمة بغداد -(أرشيفية)

طارق الدعجة

عمان- رغم أن معظم الدول المجاورة للعراق ترجمت علاقاتها السياسية بعقد شراكات استثمارية واقتصادية ضخمة مع هذا البلد الذي ما تزال فيه الفرصة قائمة لاستثمار مليارات الدولارات، إلا أن الأردن "الجار القريب" لبلاد الرافدين يبقى غائبا عن المشهد.اضافة اعلان
اقتصاديون وخبراء يدعون منذ فترة طويلة لوجود خطة عمل واضحة تعزز الاستفادة من الفرص المتاحة بالسوق العراقية خصوصا في مجال التصدير والدخول بمشاريع اعادة الاعمار في ظل العلاقات السياسية والاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
وبين هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"الغد" أن الاردن ما يزال متأخرا في اقتناص الفرص المتاحة بالسوق العراقية في مختلف القطاعات مقارنة بما يتم استثماره وانجازه من قبل دول المنطقة.
ولفتوا إلى أنه بالرغم من العلاقات القوية والاستراتيجية مع الجار الشقيق العراق والتي بناها جلالة الملك عبدالله الثاني وحرص على فتح الابواب امام القطاع الخاص والاتفاقيات الموقعة بين البلدين إلا ان حجم الاستفادة من المشاريع والفرص المتوفرة في هذا البلد ما تزال متواضعة ولا تلبي الطموحات والإمكانات المتاحة.
وشددوا على ضرورة ان يبادر القطاع الخاص في تكثيف الزيارات واقتناص الفرص المتاحة في مختلف القطاعات وبالشراكة الحقيقية والفاعلة مع الجهات الحكومية المعنية مؤكدين ان الموقع الجغرافي للأردن والقرب الحدودي مع العراق يشكل فرصة كبيرة ومفتاحا مهما للانطلاق والدخول في مشاريع اعادة الاعمار التي تقدر قيمتها المتوقعة بنحو 500 مليار دولار في كل من سورية والعراق.
ووقع الأردن والعراق على هامش زيارة رئيس الوزراء د.بشر الخصاونة الاخيرة الى بغداد العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم منها استثناء منتجات البلدين من أي نظام تسجيل للواردات وتسريع استكمال الخطوات التنفيذية لإنشاء المدينة الاقتصادية المشتركة إضافة للمضي بتنفيذ خط النقل الهوائي الكهربائي مزدوج الدائرة الذي يربط محطة تحويل الريشة مع محطة تحويل القائم وإعادة دراسة الإجراءات على منفذ طريبيل (الكرامة) لتسهيل التبادل التجاري.
وتظهر آخر أرقام التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة ارتفاع قيمة الصادرات الوطنية الى العراق خلال العام الماضي بنسبة 5 % لتصل الى 444.2 مليون دينار مقابل 425 مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من العام 2019.
ورغم ارتفاع قيمة الصادرات الوطنية الى العراق الا انها لم تصل الى المستويات التي حققتها العام 2013 والتي وصلت الى 883.1 مليون دينار رغم الاتفاقيات الموقع بين البلدين واستتثناء حزمة من السلع الاردنية من الرسوم العراقية.
وقال مسؤول ملف التصدير الى العراق في غرفة صناعة الأردن حكيم ظاظا "هنالك تقصير واضح من القطاع الخاص في استثمار الفرص المتاحة بالسوق العراقية في سواء كان ذلك في ملف زيادة الصادرات او مشاريع اعادة الاعمار".
وبين ظاظا ان غرفة صناعة الأردن قامت بتنظيم زيارات بمشاركة شركات صناعية في العديد من القطاعات لاكتشاف الفرص والسعي الى اقامة علاقات متينة مع القطاع الخاص العراقي مشدد على ضرورة قيام القطاع الخاص في اخذ زمام المبادرة والتحرك في زيارة العراق واستثمار الفرص المتاحة.
وأوضح ظاظا ان شركات القطاع الخاص في الدول المجاورة بدأت تدخل بقوة للسوق العراقية وتستثمر الفرص في حين ان الشركات الأردنية ما تزال متأخرة رغم العلاقات القوية التي تربط المملكة بالعراق على مختلف الاصعدة والقرب الجغرافي والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
وبين ظاظا ان جلالة الملك عبد الله الثاني فتح الابواب امام القطاع الخاص من خلال بناء علاقات متينة ومميزة مع العراق مؤكدا اهمية استثمار هذه العلاقات لإعادة الزخم وتواجد الشركات الأردنية خصوصا وان السوق العراقية متعطشة وبحاجة الى مختلف السلع والخدمات.
وأشار الى غرفة صناعة الأردن قامت مؤخرا بتوقيع اتفاقية مع غرفة تجارة بغداد من اجل زيادة التعاون في مجال استثمار الفرص المتاحة مبينا ان الغرفة ستقوم بإرسال ممثل لها الى العراق من اجل التشبيك ما بين الشركات الأردنية ونظريتها العراقية.
ولفت ظاظا الى ان الغرفة ستقوم بتنظيم معرضين منفصلين قبل نهاية العام الحالي الاول لعرض عينات الصناعات الأردنية والثاني سيكون للبيع المباشر بهدف تعريف التاجر والمستهلك العراقي بالجودة العالية التي تتمتع بها الصناعة الوطنية.
وأكد وجود فرص كبير وحقيقية امام الشركات الاردنية داخل السوق العراقية في مختلف القطاعات مشيرا الى اهمية اعادة النظر بكلف الطاقة وأجور النقل لزيادة تنافسية المنتجات الوطنية مع نظيرتها الى يستوردها العراق من دول المنطقة.
واقترح ظاظا ان يكون هنالك برنامج يتعلق بتصدير الطاقة الى الشقيق العراق مقابل سلع وطنية مشيرا الى ان التأخر في استثمار الفرص ليس لصالح القطاع الخاص ويطالب بأن يكون هنالك تحرك سريع بإسناد حكومي من قبل الجهات المعنية.
وأكد وزير الدولة لشؤون الاستثمار الأسبق مهند شحادة ضرورة استثمار الفرص المتاحة بالسوق العراقية من خلال زيادة الصادرات في قطاعات مثل الغذائية والدوائية والكيماوية.
وشدد شحادة على ضرورة ان يبادر القطاع الخاص بالعمل ويقوم ببناء تحالفات اردنية ما بين الشركات ومن ثم الانطلاق الى السوق العراقية للمشاركة في عملية اعادة البناء والاعمار مبينا ان هذه الخطوة ستكون بمثابة سيرة ذاتية للشركات الأردنية عند بدء اعادة الاعمار في سورية.
وأشار الى ضرورة الاسراع ايضا في بناء المنطقة الاقتصادية المشتركة ومنحها الحوافز الجمركية والضريبية واللوجستية وتكون مبنية على قدرات كل بلد بمعنى أن اسعار النفط والطاقة المنخفضة في العراق يتم الاستفادة منها للمصانع التي تقام بالمنطقة في حين ان الاتفاقيات التي تربط المملكة مع العديد من دول العالم تكون بوابة لدخول منتجات هذه المصانع الى الاسواق العالمية دون اي عوائق او رسوم جمركية.
وأكد شحادة ضرورة ان تكون هنالك متابعة حقيقية وسرعة في انجاز المشاريع المتفق عليها بين البلدين بما فيها مشروع انبوب النفط العراقي لما لها من فائدة ومصلحة لكلا البلدين.
واعتبر شحادة ان التأخير في مشاريع اعادة الاعمار واستثمار الفرص سواء على مستوى تصدير السلع والخدمات ليس لصالح القطاع الخاص في ظل دخول شركات دول المنطقة الى هذا السوق وبدأت باستثمار الفرص المتاحة مؤكدا اهمية استثمار العلاقات السياسية المتينة والاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
واكد نائب رئيس مجلس الاعمال العراقي بالمملكة سعد ناجي على وجود خطة واضحة قابل للتطبيق لتعزيز فرص الاستفادة من احتياجات السوق العراقية من السلع والخدمات ومشاريع اعادة الاعمار.
وشدد على ضرورة ان تبادر الحكومة الاردنية في وضع برنامج وحوافز خاصة للتصدير الى السوق العراقية من اجل تشجيع الشركات على زيادة توريد السلع للعراق زيادة تنافسيتها.
وأشار الى وجود تحديات تتعلق بإجراءات منح التأشير لدخول الأردنيين والعراقيين لدخول اراضي البلدين مؤكدا اهمية العمل تذليلها لزيادة فرص الاستفادة من المشاريع والفرص المتاحة خصوصا في مجال اعادة الاعمار وتحقيق التشبيك والترابط ما بين القطاعين الخاص في كلا البلدين وصول الى تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.
وأكد ناجي ان الشركات الاردنية تملك فرصا كبيرة للدخول في مشاريع اعادة الاعمار بالعراق خصوصا انه بلد كبير ولديه خبرات واسعة في هذا المجال مشيرا الى ان بلاده تحتاج اليوم الى مشاريع كبيرة وواسعة خصوصا في البنية التحتية وبناء المدارس والمستشفيات والإسكان وإقامة المطارات والموانئ.
وحث ناجي القطاع الخاص على اقامة شراكات مع نظيره العراقي في تنفيذ العديد من المشاريع التي يحتاجها العراق خصوصا وان الشركات العراقية لديها الخبرة، مؤكدا ان التأخر في دخول السوق العراقية واقتناص الفرص ليس لصالح الشركات الاردنية في ظل دخول شركات من دول المنطقة بقوة الى السوق العراقية وبدأت باستثمار الفرص المتاحة.