كشف الحساب يشملنا جميعا

 

اسرائيل اليوم –   يهوشع سوبول

يقول معجم ابن سوسان ان كلمة "كنائي" (متطرف) مشتقة من الجذر العربي "قنا" الذي يعني احمر كالدم، والتعبير الاجنبي "فناتي" مشتق من كلمة "فانوم" اللاتينية التي تعني معبدا، وكلمة "فانتيكوس" تصف انسانا سلوكه او حديثه هما نتاج اضطرابه بسبب شيطان حل فيه. بعبارة اخرى تعبير "هومو فانتيكوس" يعني مجنونا متدينا. ومن هنا فان تعبير "كنائي فناتي" يعني "مجنونا متدينا يغلى الدم في رأسه". عندما يضطرب مجنون ديني لشيء مقدس يصعد في رأسه، يحدث تخبط ينتهي الى سفك دماء.

اضافة اعلان

ان التطرف صورة من الجنون الخطر جدا لانه يحمل سمة الوباء. وهو ككل ظاهرة عدوى معد ايضا. فهو يدخل نفوس البشر بواسطة اكثر الكلمات ضخامة في اللغة، كلمات يسهل استعمالها ويسهل جدا نشرها بين المتحدثين بنفس اللغة لانه لا يوجد فيها اي قول يمكن ان ينطبق عليه نقد العقل، مثل تعبير "ارضنا المقدسة" فهو تعبير لا برهان عليه ولا دحض له ولهذا فهو منيع من كل نقاش عقلي.

ان البشر الذين عندهم ميل الى الجنون يحبون تعبيرات منيعة امام نقد العقل، لأن هذه التعبيرات بسيطة وسهلة الاستيعاب. ولما كانت تلتف على العقل فانها تنجح في التوجه الى مناطق اخرى من نظام الجسم البشري. وهي تجعل الدم يصعد الى الرأس وتحدث شعورا بالخطر في الجسم، ويرد الجسم على مشاعر الخطر بأن يقذف الادرينالين في الدم، ويقوم الدم المشبع بالادرينالين باستنفار جميع اجهزة الجسم. وهو يشعل الغرائز، وعندما تشتعل الغرائز فوق درجة ما يصبح البشر مشعلي حرائق، وينتقلون سريعا جدا الى مرحلة يطرحون فيها في اللهب كل ما تناله ايديهم: الكتب والبيوت والاشجار والبشر.

ان الانجذاب الى النار والى اللعب بالنار عارض يميز الجمهور الذي اصيب بالتطرف المفرط. اعطوهم نارا ثم نارا ثم نارا. لن يهدأوا الى ان تشتعل البلاد كلها والمنطقة كلها ولماذا لا يشتعل العالم كله؟

هذا ما نراه عند الجماعة التي تقود إيران. فالمفاعل الذري في نطنز لا يكفيهم. انهم يحتاجون الى عشرة مفاعلات كما يقول احمدي نجاد. لا عشرة، يسارع خامنئي الى التصحيح: انهم يحتاجون الى خمسة عشرة مفاعلا!

وهذا ما نراه بيننا على تلال السامرة. ان الجماعة التي احرقت المسجد في قرية ياسوف مصابة بنفس العارض الذي يشعل عيون المجنون من طهران التي يغرقها الدم: فهنا وهناك يضطرب جنون ديني في رؤوس ملئت بالدم، ولن يستريحوا ولن يهدأوا الى ان ينجحوا في ان يشعلوا النار من جديد. تلك النار التي نجح الطرفان في اخمادها زمنا ما بصعوبة كبيرة.

ان المتطرفين الثمن لن يستريحوا ولن يهدأوا الى ان يسبب الدم الذي صعد في رؤوسهم سفك الدماء في شوارع مدننا ومدن الفلسطينيين.

ان الجنون الديني للمتطرفين جلب علينا خراب الهيكل الثاني، والجنون الديني من نفس النوع يسعى الان لتقويض اسس الهيكل الثالث. في هذه الايام وحكومة اسرائيل  تبحث عن مناطق افضلية وطنية لتستثمر فيها اموالنا، يبدو ان الافضلية الوطنية الاولى في رتبتها يجب ان تمنح لعلاج سريع وأساسي لمشعلي الحرائق في مسجد ياسوف. قبل ان يدفع مئات من الناس الابرياء السذج حياتهم كثمن يحدده لنا مفجرو شلال الدم الآتي.