هل ينجح الاختبار التشخيصي حاليا في تقييم مستوى الطالب؟

منى أبوحمور

عمان- كثيرة هي التساؤلات التي يطرحها أولياء أمور حول جدوى الاختبارات التشخيصية في هذا الوقت تحديدا، خصوصا بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لتقليص الفصل الدراسي بسبب جائحة كورونا.اضافة اعلان
ما الجدوى من عقد الاختبار التشخيصي الذي أعلنت وزارة التربية والتعليم نيتها عقده في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن شارف الفصل الدراسي الأول على الانتهاء؟ هل سيحقق الاختبار التشخيصي في هذا الوقت من العام الدراسي أهدافه ويمكن أولياء الأمور من تشخيص وضع أبنائهم الأكاديمي؟ تلك بعض من الأسئلة التي يوجهها الأهالي، فيما يستغرب خبراء تربويون قيام الوزارة بهذه الخطوة في هذه الظروف.
تربويون أكدوا لـ"الغد"، أن الأصل في الاختبار التشخيصي أن يعقد في بداية العام الدراسي لكشف مواطن الضعف والقوة عند الطلبة وتمكين المعلمين من الاستفادة من نتائج هذه الاختبارات لوضع الخطة التعليمية التي من شأنها تقويم الوضع الأكاديمي للطلبة وتقوية مواطن الضعف وتعزيز القوة.
الإعلان عن عقد اختبار وطني تشخيصي في وقت انشغل به الطلبة فقط بأداء اختبارات نتيجة تقليص الفصل الدراسي على حساب المادة التعليمية، فما أن انتهى الطلبة من تقديم الاختبار الأول حتى بدأوا باختبار الشهر الثاني لينتقلوا نهاية الشهر إلى الاختبار التشخيصي، الأمر الذي اعتبره أولياء أمور مربكا ومقلقا لهم ولأبنائهم على حساب المنهاج التعليمي الذي لم يأخذ حقه كاملا في الشرح.
التربوي الدكتور عايش النوايسة يشير إلى أن تقديم الفصل الدراسي بهذا الشكل واختصار ثلاثة أسابيع منه غير من كافة الخطط والبرامج عند المعلمين والمشرفين ووزارة التربية والتعليم.
هذه التغييرات التي طرأت على الفصل الدراسي بحسب النوايسة، أثرت بشكل رئيسي على مواعيد الاختبارات فأصبح الفصل الدراسي مليئا بالاختبارات فما أن ينتهي الطلبة من اختبار الشهر الأول حتى يبدأ اختبار الشهر الثاني المعقد في هذه الأيام، وهذا نتيجة إرباكات وقرارات متذبذبة.
وحول الاختبار التشخيصي المنوي عقده في نهاية هذا الشهر بحسب النوايسة، الجدوى منه ليست كبيرة في هذا الوقت من العام الدراسي، متسائلا حول الجدوى منه والغاية والفصل الدراسي الأول شارف على الانتهاء. ويبين النوايسة أن الاختبار التشخيصي في السابق كان يكشف للمعلمين نقاط القوة والضعف عند الطالب، وبالتالي وضع الخطة الدراسية والتعليمية لاستكمال الفصل الدراسي والتخطيط للفصل القادم.
الآن وفي ظل قرار تقديم الفصل الدراسي، زاد حجم الفجوات وما يسمى بالفاقد التعليمي بشكل كبير لأن تركيز المعلمين الآن اكمال المنهاج وصفحات الكتب حتى يأخذ الطالب فيها اختبار دون وجود أي خطط علاجية أو فردية.
ويضيف "الاختبار التشخيصي ذو جدوى كبيرة جدا ولكن ليس في هذا التوقيت"، فهو غير مناسب لأنه يأتي في نهاية الفصل الدراسي وعادة توقيت الاختبارات التشخيصية تأتي في بداية العام والفصل الدراسي حتى يتمكن المعلم من وضع الخطط التعليمية.
الآن الاختبار التشخيصي في هذا الوقت تحديدا وفي ظل القرارات الأخيرة التي شهدها الفصل الدراسي الأول "مربك جدا".
ويشير النوايسة إلى أنه لايمكن تجاهل الوضع الوبائي الحرج في الأردن وازدياد الجائحة في المدارس، ولكن في المقابل هناك دول مجاورة ما يزال فيها التعليم الوجاهي 100 % ونجحت في تطبيق الإجراءات الاحترازية بشكل يكفل للطلبة استمرارية التعليم الوجاهي دون أي تغييرات على العام الدراسي.
ويتابع "عدم التخطيط الجيد ينعكس بشكل سلبي ومباشر على العملية التعليمية"، لذا فإن الاختبار التشخيصي لاداعي له في هذه الفترة ومن الأفضل أن يؤجل، وتفعيل طريقة التقييم عبر توجيه المعلمين وإشراك الطلاب في أنشطة تعليمية الهدف منها تطوير مهاراتهم والتغلب على الفجوات التي واجهتهم بعيدا عن أسلوب الاختبار التقليدي الذي لا يستطيع المعلم أن يقدم للطلاب من خلاله تغذية راجعة.
هناك قصور فني في إدارة العملية التعليمية، والتغلب عليه يكون عبر الاستعانة بالخبراء والتربويين. كما أن عقد الاختبار التشخيصي دون تحقيق الفائدة المرجوة منه لن يحل مشكلات صعوبات التعلم والفاقد التعليمي وإنما ستزيد من إرباك الطلبة وذويهم، فالقضية ليست عقد الاختبار إنما تحقيق الفائدة والغاية الحقيقية التي وجد لأجلها وهي الهدف الأهم والأكبر للجميع.
وتوافقه الرأي خبيرة الإرشاد التربوي الدكتورة سعاد غيث، مستغربة نية الوزارة عقد الاختبار التشخيصي في مثل هذه الوقت من الفصل الدراسي.
وتلفت غيث إلى أن الأصل في التشخيص تحديد مواطن القوة والضعف، وتقييم الحالة العامة أو الوضع الأكاديمي لدى الطلبة، وغالبا ما تكون الاختبارات التشخيصية في بداية السنة، وبما ان القائمين على تنفيذ هذه الاختبارات هم من وزارة التربية والتعليم، فلابد من أن يكون لديهم فلسفة معينة وغايات لتنفيذ هذه الاختبارات في مثل هذا الوقت.
وتؤكد غيث أن التشخيص يمهد للعلاج، وعليه فإن إجراء الاختبار في بداية الفصل يحقق الغاية منه للتمكن من التخطيط للنتائج المترتبة عليه وتنفيذ الخطط.
وكان أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة، قد أعلن عن عقد الوزارة اختبارات تشخيصية لطلبة الصفوف من الأول الأساسي ولغاية الحادي عشر في مبحثي اللغة العربية والرياضيات، وذلك في الثلث الأخير من الشهر الحالي.
وقال العجارمة في بيان سابق للوزارة إن هذه الاختبارات التي تأتي ضمن خطة الوزارة لتعويض الطلبة عن الفاقد التعليمي ستكون على مستويين: الأول اختبارات تشخيصية يجريها المعلم على طلبته في المبحثين داخل الصف، ثم يقوم بتحليل هذه النتائج ويتبعها بإجراءات علاجية خاصة ومحددة ينفذها على طلبته وفقا لبيانات التحليل.
وأضاف أن المستوى الثاني هو اختبار تشخيصي على مستوى المملكة في المبحثين، وسيجري على عينة ممثلة لطلبة الصفوف المذكورة، وسيستفاد من نتائج هذا الاختبار بعد تنفيذه للوقوف على حيثيات الفاقد التعليمي لدى الطلبة ورسم السياسات العامة والخطط المستقبلية لتعويض الفاقد على المدى المتوسط والطويل.
وأوضح أن الوزارة شكلت فرقا فنية من المتخصصين لوضع مؤشرات الأداء المنبثقة عن نتاجات المبحثين لتبنى عليها الاختبارات التشخيصية والمواد العلاجية التي تراعي الفروق الفردية بين الطلبة، وتباين درجة الفاقد التعليمي لديهم، كما سيتم تدريب المعلمين على تطبيق الاختبار التشخيصي وتنفيذ التدخلات العلاجية.