ألعاب خطيرة في دمشق

يديعوت احرنوت

أليكس فيشمان               

اضافة اعلان

11/11/2012

إن الحكومة الروسية تُخل بالعقوبات الدولية على سورية إخلالا فظا، وتستمر في بيع العالم نفطا سوريا بواسطة شركات روسية، وهو ما يُمكّن الأسد من تحويل أموال إلى الاقتصاد السوري لحفظ جيشه وتأخير النهاية. ويحافظ الروس على هذه الحيلة القذرة سرا، لكنهم في قطاع النفط العالمي وفي الجهات الاستخبارية يعرفون ذلك ويستشيطون غضبا. وفي واقع الأمر فإن روسيا تقوم بجميع عمليات الإحياء الممكنة للإبقاء على هذه النبتة التي هي نظام الأسد حية.
إن الشعب السوري لا يهم الروس كما لا يهم الأميركيين بالضبط، فسورية بالنسبة إليهم أداة لعب أخرى فيما يتبين انه عودة الصراع بين الكتلتين الذي نتذكره من أزمان أخرى. ويُخيل لمن يتابع برامج التلفاز الروسي أننا عدنا ثلاثين سنة إلى الوراء، فهناك تقارير تشهير بالولايات المتحدة ودول الغرب التي تُعرض على أنها فاسدة وعفنة وذلك أمر يومي. لكن سورية وسيلة ضغط اخرى في تجارة المصالح بين روسيا والولايات المتحدة، فالروس يقولون أنتم خدعتمونا في ليبيا وتبغون لنا السيئ في دول الاتحاد السوفييتي السابق، فسنطبخ لكم ألوان الطبيخ في العراق وسورية وإيران.
تشتمل صراعات القوة هذه أيضا حروبا على أسواق السلاح، فللأميركيين صفقات سلاح في الشرق الأوسط يبلغ قدرها 64 مليار دولار. ودبّر الروس لأنفسهم في منطقتنا صفقات سلاح بـ11 مليار دولار. وسورية زبون مهم للروس لأنها تدفع أيضا، فقد دفعت 3 مليارات دولار عن صفقات وبخاصة في مجال الدفاع الجوي وصواريخ بحر – بحر.
حينما زار بوتين إسرائيل في حزيران من هذه السنة ليفتتح متحفا يُخلد بطولة الجيش الأحمر سمع هنا محاضرات طويلة عن أن روسيا تبيع سورية سلاحا يهدد إسرائيل. وكان جوابه مستقيما؛ إذ قال لم أسمع أنكم تشتكون من أن الأميركيين يبيعون السعودية سلاحا.
وتستمر دبلوماسية المتاحف. ففي الأسبوع الماضي وصل الرئيس شمعون بيريز إلى موسكو كي يفتتح "متحف التسامح" في المركز اليهودي، وفي مركزه إسهام روسيا في إنقاذ الشعب اليهودي في الحرب العالمية الثانية. وفي هذه الزيارة أيضا وبعد قص الأشرطة، أُثير مرة أخرى توازن الرعب في الشرق الأوسط.
يبدو أن جهاز الأمن في إسرائيل يستطيع العيش مع بعض المنظومات التي باعها الروس لسورية مثل الصواريخ المضادة للطائرات "اس.إي 17" و"اس.إي 122"، لكن إسرائيل لن تستطيع العيش بسلام مع صواريخ "اس 300" التي ستصل في السنة المقبلة لأنه لن تستطيع أية طائرة أن ترتفع في سماء إسرائيل من غير ان تكون هدفا للصاروخ القاتل.
حينما كان بوتين هنا أوضحوا له أنه إذا وصلت هذه الصواريخ إلى سورية فلن يكون عند إسرائيل مفر سوى ان تهاجمها، بل إنهم حاولوا إقناعه بأن هذه الصواريخ قد تتسرب إلى الشيشان لأنه يوجد اليوم غير قليل من الشيشانيين بين الثوار في سورية، ولم يؤثر ذلك في بوتين كثيرا، واستمرت الصفقة بالتدحرج إلى الأمام.
لم يجئ بيريز بوتين، بحكمته السياسية، مع تهديدات وتحذيرات بهجوم إسرائيلي على سورية بل عرض عليه خطة منظمة تُبين كيف يتم الحفاظ على الهيمنة الروسية على سورية مع الأسد – ومن غيره – ووقف سفك الدماء مع تعاون بين الروس والعالم العربي السني. إن دفع التأثير الشيعي عن المنطقة هو مصلحة إسرائيلية أميركية أيضا.
جلس بوتين إلى بيريز وحدهما ساعة ونصف ساعة. وحينما أثار بيريز خطته السورية لم يرفضها بوتين رفضا باتا لأن فيها عنصر تعزيز التأثير الروسي في المنطقة. ولهذه الخطة بالطبع ثمن هو الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية، أي تعليق صفقة صواريخ "إس 300" لسورية.
هذه خطة رائعة لكن يجب على بيريز كي يحققها ان يقنع الرئيس أوباما بأن يُمكّن الروس من إدخال قدم إلى مناطق التأثير الأميركية في العالم السني. وعند بيريز جواب عن هذا أيضا، فهو يعتقد أن "هذين الشابين" – بوتين وأوباما – سيُصغيان له ويتعاونان لا في سورية فقط بل في إيران أيضا.