اختصاصيون يؤكدون تراجع سلطة الأبوين في ظل عصر الانفتاح

اختصاصيون يؤكدون تراجع سلطة الأبوين في ظل عصر الانفتاح
اختصاصيون يؤكدون تراجع سلطة الأبوين في ظل عصر الانفتاح

لفتوا إلى أن العولمة أدت إلى تراجع السلطة الأبوية وتآكل الرقابة الأسرية

كوكب حناحنة

عمّان- يقف أولياء الأمور في كثير من الأحيان عاجزين عن السيطرة على تفكير وتصرفات ابنائهم الاطفال والشباب الذين اصبحوا منقادين في تلقي التعليمات والقيم من تكنولوجيا العصر المتقدمة.

اضافة اعلان

وحرص عدد كبير من اولياء الأمور على حضور الورشة الاختصاصية التي عقدتها أخيرا جمعية العفاف الخيرية وتناولت قضية "العولمة وسلطة الوالدين" لأهميتها من وجهة نظرهم في وضع اصبعها على معاناة كثير من الاهالي.

وطرحوا خلال الورشة المشاكل التي يواجهونها في تربية الأبناء في ظل عصر الانفتاح والعولمة.

وتفاوتت أراء أولياء الأمور حول سلطتهم الأسرية، ففي الوقت الذي أشار فيه بعضهم إلى تراجع دور الوالدين في الأسرة في ظل الانفتاح الحاصل والتسارع التكنولوجي، عزا آخرون التأثر الحاصل إلى قصور الوالدين أنفسهم في طريقة التعامل مع الأبناء. ودعوا إلى ضرورة الاستفادة من الجوانب الايجابية للعولمة والتقليل من سلبياتها.

وفي هذا السياق، يشير مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان إلى أهمية الدور الذي يقوم به الوالدان في المحافظة على الأسرة واستقرارها. ويلفت سرحان إلى وجود الكثير من العوامل التي أثرت على سلطة الوالدين داخل الأسرة، بحيث أصبحت تضعف وتتلاشى هذه السلطة لدى الكثير من الأسر.

ويرى اختصاصيون في مجال التربية وعلم الاجتماع أن العولمة أفرزت مفاهيم جديدة على مجتمعاتنا الشرقية وأحدثت خللا في دور الوالدين، إذ يشير الباحث الاجتماعي سرحان إلى أن تراجع سلطة الوالدين ناتج عن التنوع في مصادر التأثير والتلقي على عكس ما كان عليه سابقا.

ويضيف "هذا التنوع الذي تحمله العولمة يأتي إلينا بما هو ايجابي وما هو سلبي، وهنا يأتي دور الوالدين في مراقبة الأبناء، لمنع تأثيرات العولمة السلبية عليهم".

ويزيد "هذا يتطلب منا كموؤسسات معنية بالشباب والأسرة إيجاد برامج مدروسة وهادفة لدى مصادر التوجيه والتاثير، كما يستدعي من جانب آخر وعي الوالدين وإلمامهم بمصادر التأثير وكيفية التعامل معها".

ويعزو عبد القادر الشيخلي في دراسة له حملت عنوان" العولمة وأثرها على الاسرة" تآكل سلطة الوالدين لأسباب عدة منها "اتساع نطاق الحقوق والحريات وتنوعها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الاجتماعي وازدياد تفوق النظام الرأسمالي العالمي الذي فجر الحرية الفردية الى حريات مذهلة وغير عقلانية واتساع نطاق المجتمع الاستهلاكي، فقد اصبح الفرد يشتري السلعة وذلك لبهرجتها او رونقها او تألقها من دون ان يكون بحاجة فعلية لها".

ومن الاسباب التي ادت إلى تراجع دور الوالدين وسلطتهما، بحسب الشيخلي، "انتشار التكنولوجيا الحديثة المتطورة، وضعف شخصية المعلم وضعف معلوماته واختلال صورته وانعكس ذلك على صورة الأب، وانتشار الاغاني الغربية كأغاني البوب والفيديو كليب، وبما أنها في اللغة الانجليزية فقد لا يفقهها الآباء أو لا يستسيغونها، فثمة فجوة حصلت بين الجيلين في الذوق والاهتمام والتسلية وقضاء الوقت".

ويقر د. الشيخلي في دراسته بحقيقة الآثار الاجتماعية للعولمة على سلطة الأب. وتتمثل هذه الآثار في "الضعف المحسوس لسلطة الوالدين وجرائم الاعتداء على الآباء والامهات كمظهر للعصيان وجرائم قتل الاباء والامهات لأسباب مالية وترك الاب والام في دور المسنين أو دور العوق العقلي وظاهرة الضعف الاسري المتبادل بين الازواج والزوجات".

ويتابع بأن هذه الآثار تتجلى أيضا في "صعوبة التفاهم بين الآباء والابناء وانعدام الاتفاق بينهما على معايير للتفاهم المشترك وتفكير الأبناء بالاستقلال عن الأسرة في وقت مبكر سواء بالانخراط بالعمل وترك الدراسة أو بالسفر لأغراض العمل والدراسة وتخطيط مستقبل بمعزل عن العلاقة الأسرية وقيمها".

ولمواجهة آثار العولمة السلبية وللإبقاء على الدور الاجتماعي والتربوي، ينصح سرحان بـ "توجيه الأبناء وتربيتهم تربية سليمة تحافظ على الحد الأدنى المطلوب الذي يكفل بناء شخصيتهم بصورة سليمة، وغرس الرقابة الذاتية عند الأبناء وتمكينهم من التمييز بين ما هو ايجابي وما هو سلبي، والتركيز على أهمية توعية المقبلين على الزواج في كيفية التعامل مع الأبناء وتربيتهم وتطوير مهارات الأبوين المتعلقة بالتعامل مع الأبناء ودعوة المؤسسات المختلفة إلى إيجاد برامج عملية تحاكي روح العصر وتساهم في توجيه الأبناء وتربيتهم ودور القيم الدينية في عملية التربية".

ويدعو سرحان إلى أهمية تحصين الأبناء تربويا وايجاد عناصر الترفيه الهادفة. ويلفت إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بالتعاون الكامل بين مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة، "لنستطيع مواجهة الآثار السلبية المترتبة على عصر الانفتاح غير المضبوط".

وينصح سرحان الوالدين بضرورة "تفعيل الحوار ومبادئ الشورى داخل الأسرة، وإقناع الأبناء بالخطأ إن وجد لا نهيهم عنه من دون توضيح السبب والعمل على تقليل الآثار السلبية لعمل المرأة في تربية الأبناء".