الرقابة الآلية والسلامة على الطرق

المهندس جميل علي مجاهد *

نظرا لازدياد مشكلة الحوادث عل الطرق  وما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية، اصبح من الضروري ان يتم اتخاذ كافة الاجراءات التي تحد من المشكلة ومن ضمنها التشدد في مراقبة السائقين وبشكل منتظم لتلافي وقوع الحوادث.اضافة اعلان
خلال الاسابيع الماضية قامت الجهات المعنية بالرقابة المرورية على الطرق بتركيب كاميرات لضبط المخالفات المرورية على مختلف الطرق الخارجية والداخلية لبعض المدن بعد ان كان استخدام هذه الكاميرات مقتصرا على داخل حدود امانة عمان الكبرى، وقد لاقى هذا التوسع في استخدام هذه التقنية ردود فعل سلبية من قبل المواطنين، وكذلك تم تسجيل بعض حالات الاعتداء على هذه الكاميرات.
مما لا شك فيه أن الرقابة الآلية قد أثبتت جدواها في الحد من المخالفات المرورية الخطرة مثل السرعة وتجاوز الاشارة الضوئية الحمراء، وتشير التجارب العالمية الى تفاوت في فعالية استخدام الرقابة الآلية من نحو  10 % في بعض الاماكن الى ما يزيد على  50  % في اماكن اخرى، وعلى وجه العموم فإن هذه التقنية  لها فعالية مؤثرة في تحسين مستوى السلامة على الطرق.
يتم اللجوء الى الرقابة الآلية لعدة اعتبارات من اهمها اعتبارات اقتصادية، حيث يتم التغلب على محدودية الموارد البشرية التي تتطلبها الرقابة التقليدية وتزيد من احتمالية ضبط المخالفين دون الحاجة الى زيادة اعداد دوريات الشرطة، اضافة الى ان الرقابة الآلية تقوم بمهام الرقابة في ظروف لا يمكن للرقابة التقليدية ان تقوم بها مثل الازدحامات وظروف الطريق وتصميمه، كذلك فإنها توفر الرقابة على مدار الساعة وتقدم دليلا ثابتا بارتكاب المخالفة وهي لا تميز بين السائقين ولا تعرف الواسطة وبذلك يتحقق العدل وتزيد من مستوى الردع عند السائقين لان احتمالية ضبطهم تكون عالية.
ان من اهم المشاكل التي تواجه تطبيق الرقابة الآلية هي ان العقوبة غير مباشرة لذلك فإن تأثيرها لن يكون مباشراً عل سلوك السائقين، والمشكلة الاخرى هي عدم تقبل المجتمع لهذا الاسلوب من الرقابة، لذلك فأن اهم متطلبات نجاح اسلوب الرقابة الآلية هو دراسة كيفية تطبيقها ووضع معايير واضحة لهذا التطبيق.
من الضروري ولضمان نجاح الرقابة الآلية ان يتم توفير عدد من العوامل من اهمها ان يسبق تطبيقها عمل الدراسات اللازمة لاختيار الاماكن المناسبة لوضع الكاميرات وان يترافق ذلك مع معرفة اماكن تكرار الحوادث والمخالفات واسبابها وكذلك استشارة المجتمع المحلي حول اماكن وضع اجهزة الرقابة الآلية.
 اما العامل الثاني فهو ضرورة توعية المجتمع قبل البدء بتركيبها واستخدامها باهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه في حماية افراد المجتمع وان الهدف هو تقليل عدد الوفيات والاصابات الناتجة عن الحوادث وليس تحصيل المخالفات ماليا فحسب لذلك لا بد من اعطاء فترة تجربة للسائقين بدون غرامات حتى يعتادوا عليها.
العامل الثالث والذي يضمن نجاح الرقابة الآلية هو توفير الالية المناسبة لإعلام السائق المخالف بمخالفته مباشرة بعد ارتكابها حتى يتحقق الردع وعدم الانتظار لحين الترخيص السنوي للمركبات. وكان من الافضل مشاركة القطاع الخاص في تركيب وتشغيل وصيانة اجهزة الرقابة الالية لضمان المتابعة المستمرة وادامة عملها وخاصة تلك التي على الطرق الخارجية.
ان التوسع في استخدام الرقابة الالية بدون توفير شروط النجاح لها ووضع معايير واضحة لتطبيقها سيكون له تأثير سلبي، فاذا ما حصل فشل في تطبيقها ولم تؤدِ مستوى النجاح المأمول، فإن ذلك سيكرس مفهوم "اللامبالاة" بانظمة المرور من قبل السائقين وبالتالي الاستمرار في مسلسل الحوادث المفجعة، ولن نصل الى نتائج جيدة في التقليل من الحوادث ونتائجها من خلال استخدام الرقابة الآلية إلا من خلال وجود نظام متكامل ورادع للمخالفات وان يكون هذا النظام جزءا من خطة وطنية شاملة للحد من حوادث الطرق ونتائجها.

*- خبير في قطاع النقل والمواصلات