العاصفة ما بعد الهدوء

هآرتس

آفي يسخروف وعاموس هرئيل

ما كانت ذات مرة حدود سلام، هي الآن الحدود الاكثر عصفا التي يصدى لها الجيش الاسرائيلي. فالحادثة التي وقعت ظهر الجمعة في الحدود المصرية، قرب جبل حريف، والتي قتل فيها الجندي من الجيش الاسرائيلي، العريف أول نتنئيل يهلومي، وثلاثة مسلحين هي حادثة قاسية ثالثة في المنطقة في غضون ثلاثة اشهر: سبقها موت مواطن عربي اسرائيلي بالنار على العمال الذين يقيمون الجدار في منطقة كديش برنيع في حزيران (يونيو)، وبعدها العملية المشتركة الكبيرة، على جانبي الحدود، في كرم سالم في بداية آب (اغسطس). المسلحون الثلاثة الذين قتلوا، بفضل التعزيز السريع للقوات من سلاح المدفعية ومن كتيبة المشاة "كركل"، جاءوا لتنفيذ ما وصفه الجيش بأنه "حملة قتل". اضافة اعلان
وحسب المعدات التي في حوزتهم – حزام ناسف، بنادق كلاشينكوف، قذيفة آر. بي. جي، يبدو أنهم اعتزموا ضرب العمال في مشروع الجدار والقوات التي تحرسهم. حقيقة أنه في هذه المنطقة لم ينتهِ العمل على إقامة الجدار تسهل عمليات التوغل – وبشكل مفعم بالمفارقة بالذات الأشغال في المكان هي التي تجذب انتباه المنظمات، وذلك لأن العمال مكشوفون نسبيا.
وحتى بعد أن يستكمل الجدار – الأعمال الاخيرة، في مدخل ايلات، ستنتهي في بداية 2013 – مشكوك أن تتوقف هذه المحاولات. فلا يوجد جدار حدودي حصين تماما من أعمال التوغل ومفهوم ايضا أن الجدار لا يمنع إطلاق صواريخ الكاتيوشا نحو منطقة ايلات. ويتعلق عنق الزجاج الاساس من ناحية اسرائيل بالاستخبارات: حتى ثورة التحرير في مصر في كانون الثاني (يناير) 2011 وكثرة العمليات من الحدود، كانت شبه جزيرة سيناء في أولوية متدنية في نظر أسرة الاستخبارات الاسرائيلية. وإن كان مزيد من المقدرات قد نقلت منذئذ غربا، إلا أن خلق شبكة مصداقة من جمع المعلومات يستغرق زمنا طويلا، ولاسيما عندما يكون في الطرف الخصم توجد خلايا إسلامية صغيرة، يصعب التسلل في صفوفها.
منذ العملية في آب (اغسطس) 2011، والتي قتل فيها ثمانية اسرائيليين في عين نتافيم، وسع الجيش الاسرائيلي الحراسة على طول الحدود المصرية وبعث بمزيد من القوات للمرابطة هناك. ومع ذلك، يبدو ان كثرة محاولات العمليات مؤخرا سيلزم الجيش بأن يخصص لهذه الجبهة مزيدا من الوحدات بنوعية أعلى ايضا. حدود غزة وحدود لبنان تعتبران أكثر حساسية، بسبب قربهما من تجمعات سكانية واسعة، ولكن في كل ما يتعلق بكثافة الاحتكاك، فإن الجبهة المصرية هي الآن الجبهة الأسخن التي يتصدى لها الجيش الاسرائيلي.
إخطارات بعمليات من سيناء الى داخل الأراضي الاسرائيلية تصل كل الوقت: فيوم الاربعاء فقط قتل سلاح الجو نشيطين اسلاميين في رفح، حين كانا يعملان على اعداد عملية خطط لها على ما يبدو ان تنفذ من سيناء الى اسرائيل. وحسب التقارير التي لم تتأكد رسميا في مصر، فقد كانت العملية انتقاما اسلاميا على تصفة نشيط كبير في سيناء في انفجار قبل نحو شهر، العملية التي تعزوها الفصائل المسلحة الى اسرائيل.
سيناء هي الآن منطقة مقلقة من عدم الاستقرار. العمليات من الحدود المصرية تعرض للخطر ايضا الهدوء النسبي جدا السائد بين اسرائيل وقطاع غزة في الاشهر الاخيرة وكذا وضع العلاقات المتهالك على اي حال بين القدس والقاهرة. فبعد العملية في منطقة كرم سالم، والتي قتل فيها اسلاميون 17 شرطيا مصريا، أعلنت القاهرة عن حملة واسعة لتصفية شبكات الارهاب في سيناء. في اسرائيل يأخذون الانطباع بأنه كانت لهذه الخطوة مجرد منفعة قليلة فقط.
في الاسبوع الاخير توجد تقارير عن اشتباكات شبه يومية بين الجيش المصري وخلايا مسلحة في سيناء، ولكن في معظم الحالات الخلايا هي التي تبادر الى الاحتكاك. وقبل يومين فقط أعلنت قوات الأمن المصرية في سيناء عن حالة تأهب عالية، بسبب التخوف من عملية ضدها.
في نهاية الاسبوع ادعى أحد مستشاري الرئيس المصري محمد مرسي بأنه حان الوقت لفتح الملحق الأمني في اتفاق السلام مع اسرائيل، بهدف السماح لمصر لمزيد من حرية العمل في سيناء. بل ان الرجل الذي يعتبر مقربا جدا من الرئيس ادعى بأن مرسي سيتخذ خطوة كهذه في غضون وقت قصير. مدى مصداقية هذه الاستعدادات ليس واضحا، ولكن طلب فتح الاتفاق ينطلق كل الوقت في الخطاب العام في القاهرة، بدون صلة مباشرة باتساع عدد العمليات على الحدود.
في العملية أول من أمس كان جانب جديد: الاستخدام الذي أجراه المسلحون لمجموعة المهاجرين من افريقيا، التي عُني جنود المدفعية الذين تعرضوا للهجوم لمنع دخولهم الى اسرائيل. يمكن الافتراض بأنه سيكون هناك من يسعى الى استغلال تفاصيل هذه الحادثة كي يشدد على الخطر الأمني الذي يحدق زعما من الأفارقة. وهذه بالتأكيد ليست الحالة ذات الصلة بذلك: فلا يوجد أي دليل على التعاون بين الافارقة وخلايا الارهاب. التفسير الاكثر معقولية هو أن اعضاء الخلية لاحقوا انتشار قوات الجيش الاسرائيلي في المنطقة، تعرفوا على عادات نشاطها ونقاط الضعف فيها – واستغلوا ذلك على أفضل ما يستطيعون.