نتنياهو ينشر بيانا يعرض الصفقة للخطر

فلسطينيون يتفقدون أحد المباني في القطاع بعد قصفه من قبل الاحتلال-(وكالات)
فلسطينيون يتفقدون أحد المباني في القطاع بعد قصفه من قبل الاحتلال-(وكالات)
عاموس هرئيل

المفاوضات من أجل صفقة المخطوفين وصلت مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي إلى نقطة حاسمة. الوسطاء المصريون والقطريون، وربما الأميركيون أيضا، أغرقوا وسائل الإعلام العربية بتنبؤات متفائلة حول اتفاق قريب بهدف حث إسرائيل وحماس على التعهد بعقد الصفقة. عمليا، مساء أول من أمس، لم يكن من الواضح إذا كانت بعثة حماس التي سافرت إلى القاهرة سترد على الوسطاء بالإيجاب أو بتحفظ (نعم ولكن).اضافة اعلان
الإدارة الأميركية التي تخشى من تفجر آخر في المحادثات أرسلت إلى القاهرة رئيس الـ"سي.آي.إيه" وليام بيرنز. صحيفة "واشنطن بوست" نشرت أنه كجزء من جهود ضمان نجاح المفاوضات، فإن الولايات المتحدة طلبت من قطر إبعاد كبار قادة حماس عن أراضيها إذا لم توافق الأخيرة على الصفقة. في حين أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سارع إلى الرد على التقارير المتفائلة، فقد نشر يوم السبت الماضي بيان في وسائل الإعلام الإسرائيلية. لنتنياهو تحت اسم "مصدر سياسي رفيع"، أعلن بأنه "خلافا لما نشر، فإن إسرائيل بأي شكل من الأشكال لن توافق على إنهاء الحرب كجزء من صفقة تحرير المخطوفين. الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى رفح وسيدمر كتائب حماس هناك، سواء كانت هناك هدنة مؤقتة لتحرير المخطوفين أم لا".
بيان نتنياهو أثار الردود الغاضبة في طرفي الخلاف حول الصفقة. حتى في اليمين، فإن هناك كثيرين لا يصدقون وعود رئيس الحكومة الجوفاء بشأن احتلال رفح والنصر المطلق. في حينه أنهم في هيئة تحرير المفقودين (وفي قيادة الجيش الإسرائيلي) يخشون من أنه بواسطة هذا البيان، فإن نتنياهو يضر بشكل متعمد بجهود الوساطة. إضافة إلى ذلك، فإنه من اللحظة التي سيتم فيها انكشاف الأمر بشكل واضح فربما سيحدث تعميق في الشرخ بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي مؤخرا أثنت على إسرائيل بسبب المرونة التي أظهرتها وقامت بإلقاء المسؤولية عن تأخير الاتفاق على حماس.
من الأفضل التعامل مع تهديد إسرائيل الجديد بدخول رفح بحذر. الجيش الإسرائيلي وبحق يستعد لاحتلال رفح، لكن هذا الاستعداد بدأ وتوقف واستؤنف مرات كثيرة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. في الأسبوع الماضي، في المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي ونتنياهو، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، في البلاد، أكد الأميركيون أن اقتحام رفح غير مقبول عليهم، بالتأكيد بما أن إسرائيل لم تعمل بشكل حذر وممنهج على إخلاء المدنيين الفلسطينيين من هناك، الذين يبلغ عددهم أكثر من مليون شخص. لذلك، من المرجح أكثر أن توجه إسرائيل نحو عملية عسكرية محدودة.
الإدارة الأميركية تطلق إشارات حول فرض عقوبات محتملة. فوقف الفيتو شبه التلقائي الذي تفرضه الولايات المتحدة على قرارات مناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن، الحظر أو الإبطاء في تزويد السلاح الضروري لإسرائيل. هذه أخطار كبيرة بالنسبة لإسرائيل، لا سيما إذا أدى اقتحام رفح إلى تسخين أمام مع حزب الله وإيران. إسرائيل تحتاج إلى الدعم الأميركي القوي في حالة حدوث سيناريو حرب متعددة الساحات. وحتى الآن يمكن الافتراض أن ما يرفض فهمه الشركاء في اليمين المتطرف، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هو يفهمه بشكل جيد.
هناك أيضا مشكلة الشرعية الدولية الآخذة في التفاقم. تأييد الدول الغربية لعمليات الجيش الإسرائيلي تضاءل كلما طالت الحرب. أي حادثة مع إصابات مدنية في رفح ستحظى بالاهتمام الدولي، والفلسطينيون سيحاولون عرض كل حادثة كجريمة حرب إسرائيلية كما فعلوا في قضية "القبر الجماعي"، الذي اكتشف قرب المستشفى في خانيونس. وحتى أن قتل المدنيين في رفح يمكن أن يسرع إجراءات قانونية في لاهاي ضد إسرائيل وضد سياسيين وضباط كبار. إضافة إلى ذلك، الخلاف العام حول الحاجة إلى عملية في الوقت الحالي يمكن أن يؤثر سلبا على الدافعية وعلى قدرة الجنود النظاميين وجنود الاحتياط.
سبب آخر للحذر في الوقت الذي نسمع فيه التنبؤات المتفائلة في وسائل الإعلام العربية، وهو أن الكلمة الأخيرة، بالأساس في حماس، هي لرئيسها في القطاع يحيى السنوار. فنجاح الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول (اكتوبر) عزز مكانته في حماس على حساب تقليد اتخاذ القرارات بصورة مشتركة. ومنذ ذلك الحين، فإنه يقود خطا متصلبا.
ومقارنة مع كانون الأول - كانون الثاني، يبدو أن السنوار لا يشعر الآن بالضغط الحقيقي. الضغط العسكري الإسرائيلي هو في هذه الأثناء ضغط نظري فقط. والمساعدات الإنسانية التي تمت زيادتها تخفف الغضب عليه من قبل سكان القطاع، والاشتعال الذي يجري في الجامعات الأميركية فقط يعقد وضع إسرائيل السياسي. هذا التحليل لصورة الوضع في نظر شخص متعصب، يقلل احتمالية تنازله.
البيانات الأميركية الأخيرة أوضحت أن قبول الصفقة مرهون بحماس. هذا حدث في أعقاب إظهار المرونة الحقيقية في مواقف إسرائيل، حيث وافق نتنياهو بضغط من أعضاء كابنت الحرب. نقطة الصعوبة الرئيسية في المفاوضات هي إنهاء الحرب. حماس مستعدة للتقدم نحو صفقة تحرير المخطوفين بنبضات عدة فقط إذا تم ضمان خروج جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف كامل لإطلاق النار قبيل نهاية العملية. يبدو أن الولايات المتحدة تعهدت بضمان ذلك، بدرجة معينة. والسؤال هو التزامن بين مراحل إعادة المخطوفين والوقف الكامل للحرب. نقطة خلاف أخرى تتعلق بقدرة إسرائيل على فرض الفيتو على إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، الكبار الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم.
إذا تم تسلم رد إيجابي من حماس، فهي ستحول الضغط إلى ساحة نتنياهو. عائلات المخطوفين ستوسع نشاطات الاحتجاج، وستحصل كما يبدو على دعم عام أكبر. قيادة الاحتجاج تعلق الآمال على خطوات المعسكر الرسمي، وبالأساس على الوزير غادي ايزنكوت، العضو في مجلس الحرب، الذي يظهر التماهي الكبير مع نضالهم. حتى الآن، بشكل خاص بعد بيان مكتب نتنياهو أول من أمس، فإن ملحمة المخطوفين تأخذ طابعا سياسيا واضحا، وهي تعبر عن الجمهور في اليمين وفي اليسار.
في الفترة الأخيرة، تم الإبلاغ عن موت مخطوفين إسرائيليين. الجيش الإسرائيلي قرر أن درور أور، من عضو بئيري، قتل في 7 تشرين الأول (اكتوبر) في الكيبوتس وأن جثته اختطفت إلى غزة. في حين أن فحصا آخر أظهر أن اليكيم ليبمان من كريات اربع، رجل حراسة في حفلة "نوفا"، الذي عمل بشجاعة على إنقاذ المحتفلين، لم يتم اختطافه إلى القطاع، بل قتل في ذلك اليوم وبقايا جثته دفنت بالخطأ مع جثة حارسة أخرى. عدد المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع انخفض إلى 132، حسب الجيش الإسرائيلي، أكثر من 30 منهم ليسوا أحياء. ومن المرجح الافتراض أن العدد الحقيقي للأموات بين المخطوفين أكبر، لكن لا يوجد أي بيان رسمي من دون وجود معلومات قاطعة حول هذا الأمر. وإطالة الحرب، وبالتأكيد الدخول إلى رفح، ستعرض للخطر حياة مخطوفين آخرين.
لقد بقي للإدارة الأميركية قطعة سكر أخرى في جعبتها من أجل إسرائيل وهي الصفقة مع السعودية. إلى جانب النقاشات حول صفقة المخطوفين، فإن جهات أميركية رفيعة تستمر في طرح إمكانية أن تندمج هذه الصفقة مع عملية إقليمية واسعة ستشمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية. من أجل ذلك، فإنه مطلوب موافقة إسرائيل على إنهاء الحرب في القطاع وإطلاق سراح سخي لسجناء فلسطينيين، الأمر الذي سينطوي، وفقا لطلبات الرياض، على استعداد إسرائيل للتقدم الرمزي على الأقل في القناة السياسية الفلسطينية. حسب معرفتنا نتنياهو، المقيد من قبل شركائه في اليمين، رد حتى الآن بالسلب.
موظفون أميركيون قالوا لنظرائهم الإسرائيليين إن ردا إيجابيا من إسرائيل سيمكن الإدارة من إنهاء صفقة شاملة، التي ستؤدي أيضا إلى إنهاء الحرب في غزة "خلال 48 ساعة". في "نيويورك تايمز" يدفع قدما بشكل ثابت بهذه الفكرة كاتب الأعمدة توماس فريدمان، الذي يعد كمتحدث دائم مع الرئيس الأميركي. من المهم لجو بايدن إنهاء الحرب في غزة أيضا لأنها تحدث شرخا كبيرا في الحزب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه هو يحتاج إلى إنجاز كبير في السياسة الخارجية، الذي يمكن للصفقة مع السعودية أن توفره.
الإدارة الأميركية معنية أيضا بإنجاز هادئ في الجبهة الداخلية قبل عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي في شهر آب (أغسطس) المقبل، الذي سيعقد في هذه المرة في مدينة شيكاغو، وهي المدينة التي عقد فيها المؤتمر الأكثر صدمة في تاريخ الحزب في العام 1968، حيث شوشت المظاهرات ضد الحرب في فيتنام على أعمال المؤتمر، وقدمت إشارة تحذير حول فقدان الحكم للجمهوريين بعد ثلاثة أشهر. حسب مصادر أميركية وإسرائيلية، فإن بعض مستشاري بايدن يعتقدون أنه يتبنى مقاربة ناعمة جدا تجاه نتنياهو، وأنه يجب زيادة الضغط عليه من أجل تحقيق التقدم. استراتيجية إسرائيل الحالية، كما يقولون، لا تؤدي إلى أي مكان.