قانون أملاك الغائبين وصمة تاريخية يجب إزالتها

منظر عام لقرية عين كارم - القدس، إحدى القرى الفلسطينية المهجرة -(أرشيفية)
منظر عام لقرية عين كارم - القدس، إحدى القرى الفلسطينية المهجرة -(أرشيفية)

أمير حتسروني -معاريف


من يمر قرب سفارات دول شرق اوروبا السابقة كهنغاريا، تشيكيا، سلوفاكيا وبشكل خاص بولندا لا يمكنه ان يتجاهل الطوابير الطويلة من الإسرائيليين الذين تتلخص علاقتهم بهذه الدول بأوراق مصفرة تشير ظاهرا إلى انهم يستحقون المواطنة وأحيانا الأملاك أيضا التي كانت لاهالي أهاليهم.اضافة اعلان
ذات الإسرائيليين لا يشغلون بالهم بمسائل مثل هل يمكن القفز مجرد هكذا على 70 سنة تاريخ، وهل اعادة ربطهم بوطنهم البولندي، الهنغاري او التشيكي لا تأتي على حساب مواطنين أصيلين في تلك الدول. ويبدو لهم كتجسد للعدل أنه  اذا  كان للجد شقة في كراكوف فينبغي لهذه الشقة أن تكون لهم – حتى لو كان يسكن فيها جيل ثالث من البولنديين ممن اشتروا الشقة بمال كامل وببراءة، رمموها وصانوها عشرات السنين.
في صالح تلك الدول الاوروبية ينبغي القول انها لا تتجاهل التوجهات تماما. فقد أقامت تشيكيا صندوقا لتعويض اليهود ممن فقدوا أملاكهم. وكذا هنغاريا تمنح تعويضا ماليا جزئيا على العقارات. وتعيد بولندا الأملاك وتصدر جوازات سفر ليس فقط لليهود ممن كانوا ضحايا الكارثة بل وحتى للالمان الذين خدم اهاليهم في الجيش الالماني الذي قاتل ضد بولندا. في نظرة اوروبية موضوعية ليست مصدرة المُلك الخاص عقابا مقبولا على الانتماء للطرف الخاسر في الحرب.
ما هو صحيح لاوروبا الباردة لا ينطبق على الشرق الأوسط الحار. في مدخل السفارات الإسرائيلية لا يقف أنسال الفلسطينيين، ممن الغيت مواطنتهم وصودرت أملاكهم في اطار قانون املاك الغائبين. ومع أن وفاة آسي دايان وانحلال فرقة جساس الاثر الاعمى يبقي سؤال "ما فعلناه في 48؟" بلا جواب، ومعقول انه كان للعرب على الأقل ذنب معين في النكبة، ولكن حتى السلوك السيئ والهرب ليس مبررا لتأميم الاملاك.
وفضلا عن ذلك، فإن قانون أملاك الغائبين وإن كان يستهدف "قهر العرب"، ولكنه في طريقه مس أيضا بالالمان التمبلريين بل وباليهود الذين هاجروا إلى البلاد في فترة الانتداب، اشتروا العقارات، ولكن لهذا السبب او ذاك لم يكونوا على أرض إسرائيل في 1 أيلول 1948. جد كاتب هذا المقال، مثلا، خسر قطعة أرض من دونمين كانت له في تل ابيب. وربت حارس املاك الغائبين على كتفه بابتسامة وقال انه لا بد يشعر بفخار وطني في أن ملك العائلة سيستخدم من الآن فصاعدا لهدف صهيوني طيب.
الايام الاولى لدولة إسرائيل كانت أيام سيئة لحقوق الانسان بشكل عام ولحرية الملكية بشكل خاص. حكم صهيوني جدا واشتراكي اكثر مما ينبغي لم يتصور ان للعرب الذين سكنوا في البلاد سنوات طويلة يوجد حق في بيوتهم، وان للالمان الذين سكنوا في بلاد إسرائيل حتى قبل محبي صهيون محظور مصادرة أملاكهم (حتى لو كان بينهم في لحظة تاريخية من الضعف لم يتحفظوا من هتلر)، وأن اليهود الرأسماليين اشتروا أرضا بثمن كامل ليس من أجل تسليمها مجانا للحكومة.
كي نفهم اي حجوم من الملكيات اذت في قانون أملاك الغائبين نذكر أن كل يافا، معظم حيفا الدنيا، مركز عسقلان وصفد، واجزاء هامة من القدس الغربية (عين كارم، القطمون، المالحة، الطالبية) كانت تعود للعرب. قسم كبير من مركز تل أبيب (شارونه)، المستوطنة الالمانية في حيفا وفي القدس كانت تعود للالمان؛ هنا وهناك كانت ايضا أملاك لليهود صودرت – مثل قطعة أرض جدي.
الشرق الاوسط ليس جزءاً من اوروبا. اعادة الملك والمواطنة على النمط التشيكي او البولندي لا يمكنه أن يعمل هنا، إذ خلافا لليهود الذين يرغبون في شقة الجد في كراكوف وجواز سفر تشيكي ولكنهم لا يعتزمون تحويل بولندا وتشيكيا إلى مستعمرات إسرائيلية، فان العودة الكثيفة للفلسطينيين إلى اراضي إسرائيل ستؤدي إلى نهاية طريق الدولة الصهيونية. ومع ذلك، يجب اعطاء تعويض مالي حقيقي على اساس شخصي لمن تضرروا بقانون أملاك الغائبين – حتى لو كانوا عربا.
من الجدير بنا أن نتخلى عن فكرة ان مصادرة أملاك الفلسطينيين في إسرائيل تتقاطع مع مصادرة أملاك اليهود في الدول العربية، إذ نحن أيضا لم نكن مستعدين لان نقبل من البولنديين أو التشيكيين جوابا يقول ان البيوت التي خسرناها في وارسو وبراغ تتقاطع مع البيوت التي خسرها العرب في يافا وفي حيفا. وفي وصولنا إلى يوم الاستقلال الـ66، واضح أنه لا يمكن العودة إلى 48 والبدء من جديد ولكن الاعتذار عن تأميم الملك العربي (والألماني واليهودي ايضا) يجب ان يقال والتعويض يمكن أن يدفع.