يمينا ويسارا البيت قذر

هآرتس

بقلم: نتاع احيطوف

اضافة اعلان

حملة الانتخابات الحالية تركت كل من يتحلى بدرجة أساسية من العقلانية مع الشعور بالغثيان الشديد. الحملات الانتخابية زادت تطرفا مع مرور الوقت من ناحية القذارة التي نثرتها في كل اتجاه. من يملي النغمة هو بالطبع بنيامين نتنياهو، الملوث الأكبر. إن التجول في شوارع المدن في الأيام الأخيرة يثير مشاعر الابحار في بحر من القذارة.
هذا ليس شعورا مجازيا، بل هو ايضا واقع ملموس وصلب. الفضاء الاسرائيلي قذر. حقا. الحملة الانتخابية الحالية مثل سابقاتها تركت دولة إسرائيل مع كميات كبيرة من القمامة، لافتات انتخابية موزعة في كل مكان، ملصقات مطوية على الجدران، نشرات انتخابية تتحرك هنا وهناك تحت اقدام المارة. كلبشات تتأرجح على الدرابزين وتذكر بلافتة انتخابات كانت معلقة هناك حتى قبل لحظة. انظروا يسارا وانظروا يمينا، فقط سترون قذارة في كل مكان.
رياح الخريف التي في طريقها الينا لا تبشر بالشفاء من الحرارة الاسرائيلية الشديدة. ولا تحمل معها الارتياح، بل اجزاء من النايلون والاوراق المتطايرة. الارصفة مزروعة بالعلكة الممضوغة والشوارع تحولت الى منفضة لكل سائق عارض. اسرائيل هي دولة قذرة بصورة كبيرة وليس لدينا من نتهمه غير أنفسنا. رمي القمامة في الشارع – اصابع اليد التي تفتح عمدا وتلقي القمامة على الرصيف أو الشارع بدون بذل أي جهد للعثور على حاوية قمامة مجاورة، هي عمل يشير الى اغتراب عميق بين من يرمون القمامة وبين الفضاء المحيط بهم. المعادلة تقول اذا كان هناك عدد كبير من الاسرائيليين مستعدون لتنفيذ العمل المرفوض هذا – اذا هناك
الكثير جدا من الاسرائيليين يشعرون باغتراب عميق تجاه محيطهم، ومن هنا تجاه دولتهم.
هذا يحول تصريحات المحبة المتكررة للدولة – ليس هناك ما يفوق إسرائيل/ لم أكن استطيع العيش في أي مكان آخر/ أنا مدمن على الطاقة الإسرائيلية واشباهها – الى أكاذيب. الحقيقة التي تختفي في اساسها، في اعماق قلوب من يقولونها، هي الاغتراب الذي يشعر به الاسرائيليون تجاه بلادهم. هم لا يرون فيها أي وطن، لأن الناس لا يوسخون البيت. هم لا يرون في الفضاء العام فضاء مشترك يعود لهم ايضا. ومن ينظف في نهاية المطاف جزء من اعقاب السجائر واكياس السكاكر التي رميت من قبلنا، هم طالبو اللجوء. السلطات المحلية في إسرائيل هي المشغلة الاساسية لطالبي اللجوء. هي تعطيهم حاوية مع عجلات ومكنسة، وتدفع لهم رواتب قليلة من اجل أن ينظفوا خلفنا، نحن الإسرائيليون. النداء المذعور والعنيف لطردهم من هنا هو في الاساس نداء لابعاد من ينظفون قمامتنا.
أول من أمس عندما ذهبت للتصويت، منظف الشارع الدائم في الحي الذي اسكن فيه، وهو شاب صغير له نظرة حزينة وحذاء ممزق، والذي جاء الى هنا من اريتيريا، جرف مع مكنسة الشوارع التي توجد في يده الى داخل مجرود اصفر، ملصق انتخابي ظهرت فيه صورة نتنياهو وترامب.
على هذا الملصق كتب "دوري مختلف". حسنا، لقد كان هذا الدوري منذ سنوات يلوث الارصفة عندنا، وليس له نهاية جديرة اكثر من أن يذهب الى صندوق القمامة على يد طالب لجوء.