ترامب ليس مجنونا ولكن المقاومة ستجننه

ليس غريبا، ولاجنونا اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي على الجولان المحتل.. فهذا الرئيس ليس معتلا فكريا، فهو يعرف ماذا يفعل، وما يقوم به، ويرى بقراراته بخصوص القضية الفلسطينية والجولان، ستصفي هذه القضية المركزية للأمة العربية للأبد. إن تفسير قرارات ترامب الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية والجولان من زاوية الجنون، تقلل من خطورة هذه القرارات، لأن مثل هذا التفسير للقرارت سيساهم بتمريرها.. ترامب ليس مجنونا، وإنما هو مستعمر يريد ويعمل من أجل فرض مفهومه للاستعمار على الشعوب العربية، وعلى القضية الفلسطينة. فهذا المستعمر، يسعى ومن أول يوم تولى فيه إدارة البيت الأبيض إلى تصفية القضية الفلسطينية، فاعترف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان المغتصب، وتلاه بالاعتراف بشرعية الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتلاه وقف التمويل لمنظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ولايمكن فهم قراره بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، وتوجهه الذي اصبح معروفا وواضحا بنزع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية إلا بسياق خطته لتصفية القضية الفلسطينية، والتي يطلق عليها تسمية "صفقة القرن". لذلك، فإن مواجهة واسقاط قرارات وتوجهات وسياسة ترامب وصفقة العصر الخاصة به، لايمكن من خلال الاستنكار والادانة والشجب .. فهو يرى في مثل ردود الفعل هذه فرصة لاستكمال ما يخطط له وتنفيذه على أرض الواقع. فهو يعرف بهذا السياق، أن الرد الرسمي الفلسطيني والعربي لن يكون بحجم المؤامرة التي يخطط لها، وأن الرد الرسمي سيكتفي بالإدانة والاستنكار ولن يحرك ساكنا. ولذلك، فهو من مجيئه للبيت الأبيض، وهو يتخذ القرارات الخطيرة والتصفوية للقضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية والعربية، فهو مطمئن لردود الفعل الرسمية. ولكنه يخشى ردود الفعل الشعبية، التي لاتفرق بينه وبين الاحتلال، وترى فيهما عدوا مباشرا لها ولقضاياها العادلة ما يرعب ترامب والاحتلال، رد الفعل الشعبي.. وهذا كان واضحا في العملية الفدائية الجريئة والبطولية التي نفذها الشاب عمر أبو ليلى.. فهذا الشاب الصغير، أوقف كيان الاحتلال ومن ورائه واشنطن كما يقال على "ركبة ونصف".. لقد أصيب الاحتلال ومن خلفه ترامب بهلع كبير، فشاب صغير قادر وحده أن يضع البوصلة العربية في الاتجاه الصحيح، فما بالكم لو انضم اليه عشرات الشباب، وقاموا بما قام به.. في عمليته البطولية لم يستخدم سلاحا له، وانما استخدم سلاح جندي الاحتلال.. وهناك آلاف الشباب مثل الشهيد أبو ليلى القادرين على القيام بما قام به. رد الفعل الشعبي المقاوم هو الذي يرعب الاحتلال والبيت الابيض ويفشل ما يخططون له لتصفية القضية الفلسطينية، وليس عمليات الادانة والاستنكار مع أنهما ضروريتين، ولكن الفعل المقاوم هو الذي يحبط كل المخططات، ويصيب ترامب بالجنون الحقيقي ويمنعه من التمادي ضد الحقوق والقضايا العربية.اضافة اعلان