رفع كفاءة شركات المقاولات الوطنية

حمزة العلياني إن قطاع الإنشاءات والبناء والإسكان من أهم القطاعات في الأردن، ويعمل على تطوير البنية التحتية التي تمثل ركيزة للمجتمعات الحضرية وعاملاً رئيساً في تحسين نوعية الحياة وتطوير الأعمال وجلب الاستثمار، حيث يعتبر القطاع مشغلاً رئيسياً لحوالي 140 مهنة مساندة بصورة مباشرة وغير مباشرة ويعمل به عشرات الآلاف وبنسبة 11 بالمائة من إجمالي القوى العاملة، وتشكل 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، مما انعكس على العديد من القطاعات الأخرى، حيث أي مبلغ ينفق على البنية التحتية يكون مردوده حوالي أربعة أضعاف على الاقتصاد الوطني. لم يعد تقدم الأمم ونهضتها يخضعان للتطور التلقائي بحسب الأوضاع، بل أصبحا يعتمدان على رؤية مستقبلية واضحة المعالم، والتخطيط السليم لحشد الموارد المالية والبشرية الوطنية، وتوجيهها نحو أفضل استخداماتها؛ خدمة لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة في المدى الطويل. حيث يعتبر قطاع المقاولات العصب الرئيس للاقتصاد الأردني، ومؤشرا حقيقيا لقياس النهوض بالاقتصاد الوطني، لذلك حقق قطاع الإنشاءات في الأردن نموا بنسبة 3.6 % عام 2022 مقارنة بالعام 2021 ليكون في المرتبة الثالثة بعد قطاع الصناعات الاستخراجية والقطاع الزراعي. إن قطاع المقاولات نجح في التخلص من الكثير من التحديات والعقبات التي رافقت عمليات التطوير والتوسيع والتنويع التي وصل إليها حتى يومنا هذا، إلا أن مؤشرات المنافسة ورفع وتيرة النشاط والحفاظ على قيم الأصول المستثمرة ما تزال تتطلب إحراز المزيد من التقدم في هذا الإطار، والعمل على رفع كفاءة شركات المقاولات، حيث تواجه تحديات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم للمشاريع التي تقوم على تنفيذها، في ما تعاني أيضاً من انحسار للمشاريع وتقلص عددها على مستوى المملكة، بالاضافة الى منظومة منح التراخيص في الأردن التي تضعه في الثلث الأخير من العالم، حيث يقع في المرتبة 138 من أصل 180 دولة بعدد إجراءات يتجاوز 20 إجراء، وبالمرتبة 11 بين الدول العربية. لقد نجحت وزارة الأشغال والإسكان خلال العقود السابقة في بناء صناعة الإنشاءات والبناء والإسكان؛ حيث تعاملت مع المقاولين كشركاء؛ لذا حرصت على تأهيلهم وتدريبهم، ورفع مهاراتهم، وصرف مستحقاتهم، وبنت قدراتهم الفنية والإدارية عبر آليات عملها المؤسسي وبالشراكة مع نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين، لتمكين القطاع الخاص في تنمية قطاع الإنشاءات، حيث تمثل ما نسبته 74 % من القيمة الاستثمارية لهذا القطاع. لذلك يجب ان تكون هناك آلية لتقييم أداء المقاولين، وتوفير بيانات دقيقة نظرا لمتطلبات المرحلة المقبلة التي تشهد زخما في تنفيذ المشاريع الكبرى والصغرى، وانسجاما مع السياسة المالية للدولة التي تركز على تنفيذ هذه المشاريع بكفاءة عالية، ووفق جدول زمني محدد من خلال تحقيق التوازن بين التكاليف والإنجازات. فالقطاع الخاص الأردني مطالب أن يكون أكثر استعدادا وأكثر حماسة لتنفيذ المشاريع الوطنية في الرؤية الاقتصادية 2033، ‏والحكومة مطالبة بمساعدة القطاع الخاص، بسداد أي مستحقات متأخرة للقطاع، فهذه المتأخرات تمثل رأس المال العامل وهي تؤثر جوهريا في كفاءة الشركات التشغيلية. شركات المقاولات بحاجة إلى تعزيز الحوكمة، ورفع قدراتها الهندسية والتصميم الصناعـي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومـات وقطاعـات التوريد، وتطوير القطـاع ليصبـح جـهـة فاعلة متخصصـة فـي مجـالات كبيرة مـن الحلول الهندسية التي يمكن الاعتماد عليهـا فـي بنـاء مهارات عالية، والاستفادة مـن المزايا الفريدة، ومـن أبرزها وجود قدر كاف من المؤهلات الهندسية، والتركيز على فئات من المنتجات ذات إمكانات النجاح العالية (مثل التصميم والتوريد والبناء والتشييد) للولوج إلى الاسوق الاقليمية والعالمية وتصدير الخدمات الهندسية. وبالتالي سيكون إدخال متطلبات جديدة في قوانين وتشريعات الانفاق الحكومي ومشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص لرفع نسبة المحتوى المحلي (In-Country Value Added) بجميع مكوناته، والزام الشركات الدولية ببناء تحالفات مع الشركات المحلية من اجل نقل الخبرات وتقديم حلول ابتكارية للقطاع وتطوير رأسماله البشري، وتطوير قدراته التقنية والتنافسية، وتحسين مهارات المقاولين المالية وتحليل المخاطر، وهذا التعاون سيعزز فرص الشركات المحلية العاملة بالقطاع على توسيع نطاق أعمالها خارج المملكة، مما سيرفع نسبة مساهمة القطاع على مستوى الاقتصاد الوطني. المقال السابق للكاتب:  الثروة المعدنية كنز إستراتيجياضافة اعلان