لماذا لم يكتمل قانون المسؤولية الطبية والصحية

تهاني الروحي لا شك بأن الحق في الصحة له أهمية كبيرة جدا، وبما أن هذا الحق غير مذكور في الدستور، فهذا ما يجعله رهن قرارات مرتبطة بالسياسة والأمور المالية ، بدلا من أن تكون جزءا من الحقوق الأساسية. فقطاع الرعاية الصحية في الأردن من بين أكثر القطاعات تطورا ونموا. لكن الفجوات في التغطية الصحية وأطر المساءلة تعد من القضايا الملحة التي تواجهنا كأردنيين. وقد حضرت سلسلة من الحوارات أقامتها النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) هدفها نقل الحوار لتصب في صناعة السياسات -فما أكثر الاستراتيجيات وأقل السياسات- حيث تم النقاش في مسألة الوقاية والصحة العامة، وخاصة لكبار السن، وأهمية توعيتهم بالمحافظة على صحتهم لأنه سيخلق مزيدا من الضغط على الرعاية الصحية في الدولة. وكان دائما السؤال المطروح في كيفية وضع سياسات عامة في غياب وجود أرقام دقيقة لعدد أولئك المحتاجين للرعاية. وعلى أرض الواقع، تم العمل على رعاية حق المريض، وكان هناك مبادرة (همتنا)، ورأينا كيف نجحت الفكرة حيث تم العمل بسواعد المتطوعين. وتم العمل على إعداد كتيب خاص يحفظ حقوق المريض وتوعيته أيضا، ولكن ما تزال هناك أسئلة عديدة مطروحة للنقاش في كل مرة يتم الاجتماع فيها: هل هناك معايير للإدخال في بعض المستشفيات من دون اللجوء للواسطات والإعفاءات؟ هل ستحقق العدالة الطبية من دون تمنن؟ وهل لدينا الإنفاق الكافي على الصحة وكيف تدار هذه الموارد لتعزيز مفاهيم الحق في الصحة؟ وهل لدينا متخصصون في الإعلام الصحي بحيث يتم تبسيط المعلومة الطبية المفرطة في الاختصاص بحيث يفهمها العامة؟ ففي كل حين وآخر ترادونا قصص تدل على وجود خطأ طبي ما أو إهمال، أو قضية طبية. إلا أن النتيجة واحدة في كل الحالات؛ خسائر بشرية، وانحدار النظام الصحي، لنعود من جديد في الحديث والتوعية بأهمية الحق في الصحة، والمناداة بتفعيل قانون المساءلة الطبية، وكذلك تفعيل صندوق التأمين الذي يتحمل التعويض عن أخطاء المسؤولية الطبية والصحية. لهذا، فإن الحوارات من ذوي الاختصاص والتي توفرها (أرض) كفضاء مستمر تعد مهمة للغاية. حيث انبثقت عن هذه الحوارات «لجنة مختبر سياسات مصغرة» لمتابعة التوصيات والتطلعات، للخروج بحلول لكيفية المواءمة بين الجانبين القانوني والصحي، وللتشاور والتباحث حول استراتيجية العمل كشركاء مع الحكومة وليس ندا لها. وستستمر هذه الاجتماعات والجلسات مع الجهات المعنية بالقطاع الصحي الحكومية وغير الحكومية، للخروج بورقة سياسات ورفعها لأصحاب القرار، لعلها تسهم في تعزيز نظم الرعاية الصحية ومنظومة الحماية في المملكة. وهنا لا بد من الإشارة الى أن دور مؤسسات المجتمع المدني سواء المحلية أو الأجنبية مهم أيضا، وإثراء الخبرات وكم ستتعاون كوادر وزارة الصحة وكم ستتيح لمنظمات المجتمع المدني أن تتعاون معها هو أيضا سؤال مهم أيضا. إن قانون المسؤولية الطبية والصحية أعطى أمثلة على الأخطاء الطبية وطبيعتها، لكنه لم يكتمل بسبب خلوه من لائحة المعايير التي من دونها لا يمكن إحراز أي تقدم، فالدول الأخرى تقدمت في هذا المجال بسبب وجود لائحة معايير يعمل القانون على أساسها. وأخيرا، ما تزال هناك الكثير من الأسئلة التي تتكشف خلال المناقشات ، وما يزال الطريق طويلا، لكن هناك إرادة حقيقية من اللجنة ومن المتطوعين في المضي قدما والخروج ببصائر مستقاة من الخبرة في الميدان للوصول الى رؤية موحدة وخطوات عملية جادة قبل إصدار توصياتها.

المقال السابق للكاتبة

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا

اضافة اعلان