تعدد المرجعيات الوبائية.. هل يضعف القرار الصحي؟

مبنى المركز الوطني لمكافحة الأوبئة في عمان-(ارشيفية)
مبنى المركز الوطني لمكافحة الأوبئة في عمان-(ارشيفية)

فيما اعتبر مختصون في مجال الأوبئة أن تعدد مرجعيات القرار الوبائي في المملكة يعيق الجهود ويكرس ازدواجية العمل ويؤثر على القرار الوبائي، من خلال وجود العديد من الجهات والمسميات التي تعمل على مكافحة الأوبئة، أكدت وزارة الصحة من جهتها أن اختصاصات الأوبئة في الوزارة تختلف بشكل كبير عن مهام وأعمال المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية.

اضافة اعلان

 

وعقب إعلان منظمة الصحة العالمية انتهاء حالة الطوارئ الدولية لجائحة كورونا، رأى هؤلاء الخبراء ضرورة إعادة ترتيب استراتيجيات مكافحة الأوبئة ضمن مرجعية ومظلة واحدة، منعا للهدر المالي، وتجويدا للقرار الصحي، وهو ما دعا جهات حزبية إلى طرح تساؤلات حول الجدوى من بقائها بعد انتهاء الجائحة.

 

وفي هذا الصدد، شدد خبير الأوبئة الدكتور عبد الرحمن المعاني، على أهمية توحيد المرجعيات الطبية المتابعة للأوبئة في المملكة وحصرها بجهة واحدة مختصة في هذا المجال، أسوة بدول العالم وهي المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، خاصة بعد الإعلان رسميا عن انتهاء حالة الطوارئ الدولية لجائحة كورونا.

 

وقال المعاني لـ"الغد" إن تعدد المرجعيات في القرار الوبائي يخلق تضاربا ينعكس سلبا على المشهد العام للوضع الوبائي، فضلا عن الهدر المالي وضياع القرار الموحد.

 

واعتبر أن تعدد المرجعيات يشكل عقبة أمام مصداقية القرارات في نظر الرأي العام الأردني.

 

ولفت إلى أن المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية أنشئ تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية للحكومة في كتاب التكليف السامي، وهو المرجعية الصحية الوحيدة للأوبئة، داعيا إلى تطوير عمله ودعمه، وأن يكون الجهة التي توصي وتقترح الإجراءات اللازمة والضرورية للحفاظ على الأمن الوبائي في المملكة، وان تنضوي تحت مظلته الجهات الأخرى كلجنة الأوبئة، والمرجعيات ذات العلاقة بالأوبئة والأمراض السارية.

 

وأشار إلى أن من شأن ذلك، تعزيز الممارسات الصحية العامة في مجال الوقاية من الأوبئة والأمراض السارية، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتشارها والحد من آثارها، على غرار المراكز الإقليمية والعالمية الشبيهة في الدول المتقدمة.

 

وطالب بتمكين المركز بالكوادر الصحية والوبائية والدعم المالي اللازم ووقف أي ممارسات من شأنها الحد من تطويره، وتمكينه من القضايا ذات الصلة.

 

بدوره، أكد اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة أهمية ايلاء المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية رعاية وطنية خاصة ليكون مستعدا لأي جائحة أو طارئ لا سمح الله.

 

وأشار الطراونة إلى أن جميع الدول في العالم تسعى إلى تطوير وتمكين مراكزها الوبائية لتكون في واجهة الحدث، معتبرا أن العالم معرض في أي وقت لجائحة أو وباء.

 

وأوضح أن الرؤية الملكية في انشاء المركز هدفت لأن يكون مرجعا وطنيا في مجال الأوبئة والأمراض السارية، وليكون أنموذجا في المنطقة العربية وفق خطة كانت تهدف إلى أن تقوم وزارة الصحة بمسؤولياتها بعيدا عن هذا المجال الذي يتعلق باختصاصيين معينين.

 

وشدد على ضرورة وقف ازدواجية العمل بين المركز ووزارة الصحة، وان يتولى المركز الأهداف التي انشئ من أجلها بعيدا عن أي تضييق.

 

يذكر أن المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية الذي تأسس منذ ثلاث سنوات، ما يزال يرمم أوضاعه بسبب نقص الكوادر العاملة فيه، فضلا عن أن موازنته لا تزيد على 3 ملايين دينار، وهو ما يعيق عمله.

 

بدورها قالت وزارة الصحة على لسان مصدر مطلع فيها رفض الكشف عن اسمه أن اختصاصات الأوبئة في الوزارة تختلف بشكل كبير عن مهام وأعمال المركز الوطني للأوبئة إضافة إلى أن الأمين العام للأوبئة هو أمين عام للرعاية الأولية والأوبئة والأمراض السارية وهو مسمى ضمن مسميات الوزارة.

 

واعتبر المصدر أن أعمال مكافحة الأوبئة، تتم من خلال اللجنة الوطنية وهي لجنة استشارية ممثلة لجميع الاختصاصات والقطاعات الطبية ومنشأة منذ أكثر من 20 عاما.

 

وأوضح أن الوزارة تقوم بأعمال الرصد والتقصي الوبائي، وواجهت بالتعاون مع القطاع الطبي الخاص والقطاعات الرسمية جائحة كورونا باقتدار.

 

وأشار إلى أن وجود اللجنة الوطنية للاوبئة وموقع مدير الأوبئة لا كلف إضافية تترتب عليهما، إضافة إلى أن موقع مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأوبئة تم إلغاؤه بعد انتهاء أعمال من كان يشغله سابقا.

 

من جانبه، قال عضو سابق في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة وخبير وبائي لـ"الغد" إن وجود مسميات كثيرة في مجال العمل الوبائي يعيق عمل المركز الوطني لمكافحة الأوبئة عن أخذ دوره بشكل رئيس.

 

وأضاف العضو الذي فضل عدم الكشف عن اسمه انه كان يتوجب على وزارة الصحة تقديم كافة أنواع الدعم لأعمال المركز والتفرغ لعمل المستشفيات والبرامج الأخرى للرعاية الأولية والثانية والثالثية وترك الملف الوبائي للمركز.

 

وشدد على أن المركز متعطل بشكل جزئي منذ عامين ويحتاج إلى دعم مالي وبالكوادر المتخصصة ليطور من عمله.

 

يذكر أن المركز الوطني لمكافحة الأوبئة يعمل على مسح وتقييم أنظمة الرصد في الأردن لمراقبة الأمراض السارية، من خلال تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات للجهات الوطنية المعنية وأصحاب المصلحة في رصد الأمراض السارية من خلال نهج الصحة الواحدة، بالإضافة إلى قواعد البيانات المستخدمة وأنظمة البيانات ذات الصلة بنطاق عمل المركز، كما يبين القدرات المطلوبة لنظام معلومات صحية من أجل بناء منصة وطنية موحدة ومتكاملة وقابلة للعمل بكفاءة لمراقبة ورصد الأوبئة والأمراض السارية.

 

كما يغذ المركز الخطا لإنشاء موقع دائم له عبر قرض دولي بقيمة 39 مليون يورو لبنائه وتطوير أدواته.
ووفقا لاستراتيجية المركز، فإن دوره معني بالتأهب والاستعداد لمواجهة الأوبئة والأمراض والتهديدات الصحية والوقاية منها ومكافحتها، والحد من آثارها، وتعزيز الأمن الصحي، فضلا عن تعزيز ودعم توفير واستخدام بيانات رصد عالية الجودة لتوجيه وإرشاد الممارسات والسياسات الوطنية للصحة العامة القائمة على الأدلة.

 

كما تهدف الإستراتيجية إلى دعم شبكة مختبرات فعالة بالأدوار والمسؤوليات على جميع المستويات والقطاعات، فضلاً عن الربط الإلكتروني الآني لبياناتها مع نظام الرصد وتعزيز القدرات الوطنية المعنية بالتأهب لحالات طوارئ الصحة العامة والاستجابة لها والتعامل معها بمرونة، بالإضافة إلى العمل على المساهمة في جهود البحث والتطوير وبناء القدرات المتعلقة بالصحة العامة في مجال الأوبئة والأمراض.

 

اقرأ المزيد : 

ما مصير إجراءات "كورونا" مع إعادة النظر بتصنيفه "جائحة"؟