دعوات لترسيخ الأمن المائي بتعزيز التطوير الاقتصادي أمام تحديات شح المياه

778
آلية تعمل في مشروع نقل مياه الديسي - (أرشيفية)

في مواجهة تحديات شح مصادر المياه والمخاوف من عطش يلوح على مدار فترات متقاربة، أشار خبراء في قطاع المياه الى إمكانية ترسيخ الأمن المائي عبر تعزيز التطوير في اقتصاد المملكة؛ وصولا إلى التوجه نحو الاستثمار عالي الإنتاجية.

اضافة اعلان


وأكد المختصون في تصريحات لـ"الغد"، أن المناخ الجاف لا يعني بالضرورة انعدام الأمن المائي، إنما يمكن الوصول إلى برّ الأمان، عبر استدامة الإدارة المثلى للموارد المائية، بخاصة فيما يتعلق بالتزويد والطلب معا.


ودعا الخبراء بهذا الخصوص، لضرورة تعزيز الإجراءات التي تحدّ من آثار التغير المناخي، وتقوم بالتكيف مع تداعياته، بخاصة المرتبطة بالمياه، اذ يعتبر الأردن من الدول المتأثرة بالظاهرة المناخية، وفق تقارير للأمم المتحدة صدرت في العام 2021.


وذهبوا لضرورة "فتح التعاون وتبادل الخبرات مع دول أخرى، واستثمار فرصة قرب انعقاد مؤتمر تغير المناخ 28 المقبل في الإمارات، بتعزيز روابط مستدامة بين المياه، والغذاء والطاقة والأنظمة الإيكولوجية".


وفيما اعتبرت تقارير دولية منفصلة أن المنطقة العربية هي المفتاح لإطلاق حلول لأمن المياه العالمي، معوّلة على انعقاد مؤتمر تغير المناخ 28، ليكون منصة لدولها، للعمل مع المجتمع العالمي بهدف إنشاء نموذج قابل للتطوير، للدول التي تتمتع بالأمن المائي، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات، أهمية استثمار فرصة المؤتمر، معتبرا بأنه "من أهم الفرص التي يمكن عبرها حشد الدعم المالي الاضافي المطلوب توفيره للمشروع الأهم، وهو الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة".


وقال الدحيات، إن المؤتمر ذاته يتيح فرصة لـ"عرض المبادرات والمشاريع التي يمكن أن تسهم بصياغة الحلول لمشكلة الأمن المائي، عبر التعاون الاقليمي العابر للحدود، وعرض المشاريع ذات الاولوية كما وردت في الخطط والسياسات، وطرحها كفرص استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص، او عبر الادوات التمويلية المبتكرة كالسندات الخضراء، وآليات تمويل الكربون التي تسمح بتخفيض الانبعاثات في الدول المتقدمة باستثمار القطاع الخاص في مشاريع خفض الانبعاثات في البلدان النامية ومنها الاردن".


وذلك إلى جانب شراء تخفيضات انبعاثات الغازات الدفيئة، عبر احد صناديق الكربون نيابة عن المساهم.
وحذر من خطورة التغير المناخي الذي يؤثر على الاردن وبشكل سلبي على القطاعات الاقتصادية، عبر ندرة المياه والجفاف الناتج عن زيادة نسبة الغازات الدفيئة، بسبب النشاط البشري في الغلاف الجوي الذي يحبس مزيدا من الحرارة.


وأضاف دحيات "يعتبر الاردن من أكثر الدول المتأثرة بالظاهرة المناخية، والتي عليها التكيف للحد من آثاره، وفقا لتقارير الامم المتحدة 2021".


وبين الأمين العام الأسبق لسلطة المياه، أن تقرير الاردن الخاص بالتحديث الاول للمساهمات المحددة وطنيا للعام 2021، أظهر أن "قطاع المياه من القطاعات الهشة المتأثرة سلبا لتغير المناخ، ومن الاهمية بمكان تنفيذ مشاريع المياه واعادة التحريج واصلاح المراعي للتكيف مع هذه الظاهرة، وتطوير الاستجابات المتسقة".


وبين ان قيمة المشاريع والتدخلات المطلوب تنفيذها للقطاعات كافة تقدر بـ7.5 مليار دولار، لتخفيض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة 31 % أو ما يعادل 13.698 مكافئ ثاني اكسيد الكربون.


وأوضح دحيات، أن من أهم مشاريع قطاع المياه المطلوب تنفيذها؛ "التوسع بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة للأغراض الزراعية، وإحلالها مكان المياه العذبة، وإعادة تأهيل واستبدال شبكات مياه الشرب والري، لتخفيض فاقد المياه، والتوسع في مشاريع كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في محطات ضخ المياه، وتنقية الصرف الصحي، وإيجاد مصادر مياه غير تقليدية، لتعزيز التزويد المائي، وأهمها مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه في العقبة".


كما أشار الى تضمين رؤية التحديث الاقتصادي، محرك البيئة المستدامة، والذي يوجه الجهود لتعزيز الإجراءات المرتبطة بالتغير المناخي، لتمكين نمو الأردن، مع وضع ضوابط لحماية البيئة. 


الخبير الإقليمي في مجال التعاون بقطاع المياه مفلح العلاوين، قال إنه برغم المخاوف من عدم إمكانية الوصول إلى أمن مائي، بحيث يقع الأردن في مناخ جاف، إلا أن ذلك "لا يعني بأي حال من الأحوال، أن يكون ذلك عائقا رئيسا للوصول للأمن المطلوب".


وأضاف العلاوين أن "الأمر الأكبر، يتعلق بالإدارة المثلى للموارد المائية، بخاصة ما يتعلق بإدارة التزويد والطلب معا"، لافتا الى أن ذلك يتطلب إجراءات تطوير لاقتصاد المملكة، بما يشجع على استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في إدارة الموارد المائية وتحسين الانتاجية.


وأوضح، أن تحقيق ما سبق يكون بـ"تقييم فعلي وعلمي للقيمة الإنتاجية للمتر المكعب من المياه، بحيث يسهل على متخذي القرار، التوجه للاستثمار عالي الإنتاجية"، مشيرا لإمكانية استغلال الأردن، فرصة عقد مؤتمر تغير المناخ، لصياغة الحلول البراغماتية والاستراتيجيات المائية التي تواجه القطاع في الأردن.


إلى جانب فتح التعاون وتبادل الخبرات مع دول أخرى، بتعزيز روابط مستدامة بين المياه والغذاء والطاقة والانظمة الايكولوجية بشكل متكامل، يمكن عبره إيجاد سياسات للعناصر الأربعة المتكاملة، وتؤدي للوصول لحوكمة وتعاون بين القطاعات، بما ينعكس على إيجاد تدخلات حقيقية على أرض الواقع، تراعي هذا التوازن المستدام بين العناصر.


ووفق الأمم المتحدة، فيرجح بأن يعيش واحد من كل أربعة أشخاص على الأقل بحلول العام 2050 في بلد يعاني من نقص مزمن أو متكرر في المياه العذبة، لكن تقنيات تحلية المياه الرائدة في دول عدة، يمكنها المساعدة بضمان الوصول المستمر للمياه مستقبلا.


من جانبه، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري علي صبح، أهمية حضور قضايا القطاع المائية الأردنية، وتعزيز تركيز النظر نحوها في مثل هذه المحافل، والتي يقع على رأسها مؤتمر التغير المناخي المقبل، والذي يتناول شح المياه بوصفها القضية الأولوية الناجمة عن تغير المناخ.


كما أن الدعم نحو قضايا المياه والتنمية المستدامة، بخاصة في الدول النامية، ومن ضمنها الأردن، تحوّل لتحدّ حقيقيّ خلال الوقت الراهن، في حين تتخذ التوجهات العالمية الحالية مناح جديدة، وفق صبح. 


واعتبر صبح أن المؤتمر وغيره من المحافل الدولية التي تحظى باهتمام كبير من الدول المتقدمة والمنظمات والهيئات الدولية المختصة، يمثّل فرصة ماسية لتضمين تحديات وقضايا قطاع المياه في مضامين نقاشات تلك المحافل.


وأبدى تفاؤله الدور الأكبر في إمكانية جلب الاهتمام والدعم اللازمين لمجابهة تلك الأزمات، في بلد يعتبر ثاني أفقر دولة مائيا على مستوى العالم.   


وشدد صبح على ضرورة، ألا يقل مستوى المشاركة في مثل تلك المحافل، عن أصحاب القرار في الإدارة المائية، حتى يتمكن من وصف المشهد بالشكل العلمي الدقيق توازيا والتحديات المناخية المرتبطة بقضايا المياه، وذلك توازيا ودور مشاركة الصحافيين المتخصصين في هذا الإطار وصولا لنظرة شمولية أوسع.

 

اقرأ المزيد : 

الأمن المائي والحلول الآنية والإستراتيجية