هل يحل تخفيض القبول ببعض التخصصات الجامعية معضلة الجودة؟

1696091537482752900
مدخل الجامعة الأردنية-(تصوير: ساهر قدارة)

تزامنا مع ظهور نتائج القبول الموحد، ما يزال قرار وزارة التعليم العالي بتخفيض أعداد المقبولين في بعض التخصصات، لا سيما تخصصي الطب وطب الأسنان مبعث كثير من التساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار هو الحل الوحيد والأنسب للمواءمة بين المخرجات الجامعية ومتطلبات سوق العمل.

اضافة اعلان


كما يتساءل آخرون فيما إذا كان قرار التخفيض حلا آنيا لفترة زمنية محددة، وكيف يمكن أن تكون هناك رقابة على التزام الجامعات بالطاقات الاستيعابية وضماناتها، وهل نجح التعليم العالي في توجيه بوصلة التعليم نحو تجويد المحتوى والحد من معدلات البطالة أم أن إجراءاته المباغتة جاءت لتدارك ما لا يمكن تداركه؟


في هذا الصدد، اعتبرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن قرار تخفيض المقاعد الجامعية هو "الأنسب لمعالجة تجاوز الطاقات الاستيعابية للجامعات، والذي انعكس على جودة التعليم، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في تخصصات مشبعة وراكدة".


وأشارت على لسان مستشارها مدير وحدة القبول الموحد مهند الخطيب لـ"الغد"، إلى أن هناك إجراءات لهيئة اعتماد الجامعات، من بينها زيادة الرقابة على المقاعد المخصصة للجامعات، ولوقف التجاوزات في البرنامج الموازي الذي خصص له 30 % من الطاقة الاستيعابية.


ومن الإجراءات كذلك، وفق الخطيب، رفع نسبة معدل القبول لطلبة الشهادات الخارجية إضافة الى تحديد أعداد الطلبة في الجامعات الخاصة.


وبين أن مجلس التعليم العالي خفض معدلات تخصصي الطب وطب الأسنان في الجامعات الخاصة بحدود أدنى من نظيرتها في الجامعات الرسمية، لكونها مشاريع استثمارية وطنية، وتشغل أعضاء هيئة تدريس أردنيين، وهي ملزمة بقبول 60 % من المقاعد المخصصة للطلبة من خارج الأردن.


وحول ما اذا كان قرار التخفيض مفاجئا وبلا مقدمات، قال الخطيب إن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2016-2025 ألزمت الجامعات بالطاقات الاستيعابية، فيما درس مجلس التعليم العالي أعداد الطلبة على مقاعد الدراسة والخريجين، والراسبين، واتخذ قراره بتحديد عدد المقاعد وتخفيضها حفاظا على جودة التعليم الأردني.


وبين أن التخفيض لم يكن مفاجئا، لافتا الى أنه لا يمكن اعتبار العام 2022 سنة أساس، ومشددا على أن القبولات في الأعوام السابقة كانت أقل بسبب اعتماد السنة التحضيرية للطلبة، وجائحة كورونا، وتضخم أعداد الطلبة.


واعتبر أن القياس على العام 2022 غير متوافق مع الواقع إطلاقا، وأن القياس على السنوات السابقة يفوق المتوسط بالمعدلات الطبيعية.


وكشف عن أن الوزارة بدأت سلسلة إجراءات توعوية وحملات للطلبة وذويهم تدعوهم لتجنب الالتحاق بتخصصات الطب وطب الأسنان، لكن هناك إصرارا غير مبرر على هذين التخصصين، أما فيما يتعلق بكليات الهندسة، فتم تخفيض القبول فيها بنسبة 50 %. 


وحول إذا ما كانت هناك جاهزية لدى هيئة اعتماد الجامعات للمتابعة والرقابة على الطاقة الاستيعابية للجامعات وعدم تجاوزها، حاولت "الغد" التواصل مع رئيس هيئة الاعتماد الدكتور ظافر الصرايرة لكن دون جدوى. 


وتعليقا على قرار تخفيض مقاعد الجامعات، قال الدكتور باسم تليلان، الخبير المتخصص في شؤون التوظيف والعمل، إن القرار سيشكل عبئا ماديا على أهالي من يرغبون بدراسة تخصصات بعينها، ما سيضطرهم لدفع المزيد من الأموال والاقتراض لتعليم أبنائهم في الخارج، أو في الجامعات الخاصة، موضحا أن هذه الأموال لا تذهب لموازنة الجامعات الرسمية بل للقطاع الخاص، فضلا عن تحويل عملة صعبة إلى خارج الأردن.


وتابع تليلان أن الأردن "دولة تتعرض لتهديد حقيقي من المخدرات، وكان الأولى إشغال الطلبة بتدريسهم وزيادة معارفهم بدلا من حرمانهم من المقاعد الجامعية وتركهم نهبا للشارع وفريسة سهلة للمخدرات والجريمة".


وأوضح أنه "يفترض أن لدى مجلس التعليم العالي خططا وإستراتيجيات تمتد الى 5 او 10 سنوات، ومن غير المقبول أن يتخذ قرار كهذا من دون مقدمات، وهو ما شكل صدمة للطلبة سببها قرار وليست أستراتيجية متدرجة أو دراسة واضحة المعالم".


وأضاف أن هذه القرارات "لن تساعد في تخفيض معدلات البطالة، ولا تساهم في إيجاد فرص عمل للخريجين، إذ إن التعليم شيئ والعمل والتأهيل شيئ مختلف تماما، وبالتالي كان ينتظر من مجلس التعليم إعداد خطة متدرجة لخمس سنوات لا تطبق فورا ولكن تتدرج على أعوام لمعالجة المشكلة إن كانت هناك مشكلة أصلا".


بدوره، قال الخبير الدستوري الدكتور رياض الصرايرة إن القرار جاء لتشجيع جامعات القطاع الخاص، وفي ظاهره للحد من أعداد الخريجين في الجامعات الرسمية، بخاصة التخصصات الراكدة والمشبعة، غير أن الواقع يختلف تماما، لأن سوق العمل مغلق، ولا مواءمة بين مخرجات التعليم والسوق.


وأضاف الصرايرة، أن القرار "غير مدروس وصادم، وكان ينبغي أن يدرس بعناية، وأن يكون ضمن خطة متدرجة وليس انفعاليا او بشكل مستعجل، بل كان يتوجب إبلاغ الطلبة او تحذيرهم  بنية المجلس، فلربما غيروا اتجاهاتهم وآراءهم".


واعتبر أن الحد من أعداد مقاعد الجامعات وتقليص أعداد الخريجين في الجامعات الرسمية، لا يمنع ذوي الطلبة من إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج وبمعدلات أقل، وبتكلفة أقل ايضا، إلا أن ما يحدث أننا نساهم في إخراج العملة الصعبة من البلد دون أن تستفيد منها الجامعات المثقلة بالديون.


ودعا الصرايرة الى احترام عقل المواطن الأردني، فالتعليم حق دستوري للمواطن وليس من أجل الوظيفة فقط، ولا يجوز المساس به، وهو ثقافة للمواطن ترسخت في ذهنه ولا يمكن التخلي عنها، ولم يعد التعليم للنخب فقط. 


وكان بلغ عدد الطلبة المتقدمين بطلبات صحيحة للقبول الموحد من المسددين للرسوم (72763) طالبا وطالبة، في حين بلغ عدد الطلبة المرشحين للقبول (39397) طالبا وطالبة، وعدد الطلبة غير المرشحين للقبول (33366) طالبا وطالبة. 


كما بلغ عدد الطلبة المقبولين في 10 جامعات رسمية 39397 طالبا وطالبة، منهم 5684 للجامعة الأردنية، و6799 لجامعة اليرموك، و6333 لجامعة البلقاء التطبيقية، و3242 لجامعة مؤتة، و2727 لجامعة العلوم والتكنولوجيا، و3714 للجامعة الهاشمية، و3590 لجامعة آل البيت، و3533 لجامعة الحسين بن طلال، و1300 لجامعة الطفيلة التقنية، و2453 لجامعة العلوم الإسلامية.

 

اقرأ المزيد :

قرار مهم من التعليم العالي بشأن القبول الموحد للبكالوريوس والدبلوم المتوسط