رسام جريء يحتقر الشكل.. ما حكاية الفن التكعيبي؟

الرسام الفرنسي جورج براك
الرسام الفرنسي جورج براك
يتراءى إلى الأذهان بابلو بيكاسو وجورج براك، عندما نفكر بمصطلح "التكعيبية"، هذان الرسامان اللذان اتخذا ببراعة من الأشكال الهندسية أساساً لبناء أعمال فنية. فكيف نُسِجت حبكة هذا الاتجاه الحداثي والذي يعود بجذوره لمطلع القرن العشرين؟ اضافة اعلان

بدأ كل شيء عندما صاغ الناقد الفني لويس فوكسل مصطلح «التكعيبية»: Cubism بعد رؤيته لوحة للرسام الفرنسي جورج براك، بعنوان «منازل في إستاك». 




ولد المصطلح بعد ملاحظة فوكسل بأن العمل الفني يتكون من مكعبات صغيرة تميزت بتبسيط الشكل وتفكيك المنظور، فوَصَف هذا الناقد براك بأنه رجل جريء يحتقر الشكل، وقال عنه: دعوه يختزل كل شيء الأماكن والشخصيات، إلى مخططات هندسية، إلى مكعبات". 

تطورت التكعيبية منذ عام 1907، فتميزت هذه الحركة بتجزئة الأشكال التقليدية، كما كره الفنانون التكعيبيون التمثيل الواقعي، ورفضوا وهم المنظور الخطي، والذي يعرف بأنه تمثيل تقريبي على مدى مسطح لصورة كما تراها العين، لمشهد ثلاثي الأبعاد في وسط ثنائي الأبعاد، تماماً كما الورق.

ولسأمهم كل ما يمت للفن الواقعي بصلة، قام التكعيبيون بتفكيك الأشياء إلى أشكال هندسية أساسية، مثل المكعبات والكرات والأسطوانات، وإعادة تجميعها في تكوين يبعد كل البعد عن الواقع.


غزت المكعبات والأشكال الهندسية كل ركن يكترث بالفن، لكن مجد هذه الحقبة كان قصير الأجل؛ فأتى عام 1914، واندفعت أوروبا إلى أحلك ساعاتها، وها هي الحرب العالمية الأولى تنذر بموت هذا الاتجاه الفني.

تأثرت المدرسة التكعيبية بالحرب، واستُدعي الرسامون الفرنسيون للانضمام إلى صفوف الجنود، فالتحق الرسام الفرنسي فرناند ليجيه إلى القوات المسلحة، ورغم أن الحرب أخذته بعيداً عن لوحاته، استمر بالرسم من داخل الخنادق. 

كما خلد الرسام أندريه ماري الظروف المعيشية للجنود من خلال الرسومات والألوان المائية. ورسم ألبرت جليزيس صور أطباء عسكريين بأشكال هندسية.

وخلال الاقتتال في الفترة ما بين 1914 و 1918، شارك الرسامون مثل الغالبية العظمى من الفنانين والمفكرين في ثقافة الحرب، بإنتاج أعمال "وطنية" إلى حد ما، ولكن بالنظر إلى وحشية الصراع، وخاصة مدته التي أدت إلى خيبة أمل قاسية في النفوس، حاول بعض الرسامين تمثيل ما يرونه من الواقع من خلال تعديل أسلوبهم التصويري؛ فكان من المحتم أن تظهر الحرب الحديثة بطريقة حديثة، لتجسد بدقة ويلات العراك، ولتضخ المزيد من الواقعية في الرسومات، وكأن الأشكال الهندسية لم تعد تفي بغرض نقل الصورة!

قسوة الحياة خلال الحرب العالمية الأولى بعين الفن التكعيبي











الطائرة المحطمة (1916-1917)

اقرأ أيضاً: 
الفن يبعث الروح فينا.. والعلم يؤكد