الاتفاقيات التجارية.. كيف نستثمرها في زيادة وتنويع الصادرات؟

تصدرت دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، قائمة الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية منذ مطلع العام الحالي حتى نهاية شهر آب الماضي، لجهة الصادرات الوطنية بنسبة 18.9 بالمئة
الصادرات الوطنية

عمان- شدد خبراء على ضرورة استثمار الفرص التي توفرها اتفاقيات التجارة الحرة عبر تكثيف حملات الترويج وتنظيم البعثات التجارية لاستكشاف الفرص المتاحة أمام المنتجات الوطنية بالإضافة إلى توسيع دعم المشاركة بالمعارض الخارجية بهدف تمكين المنشآت الصناعية من المشاركة وتسويق منتجاتها.
وأكدوا أهمية تخفيض كلف الإنتاج سيما أثمان الطاقة لدعم تنافسية المنتجات الوطنية وزيادة تواجدها في أسواق الدول التي ترتبط مع الأردن باتفاقيات تجارة حرة، بالإضافة إلى أهمية مراجعة بعضها في سبيل تحسينها وتحقيق العدالة والإنصاف للصناعة الوطنية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية عبر التركيز على دور سفارات الأردن في ترويج المنتجات الوطنية.
يأتي هذا في وقت أشار فيه تقرير سابق لغرفة صناعة الأردن إلى وجود ضعف بالقدرات التسويقية للمنتجات الأردنية؛ إذ أن 13 سلعة فقط تستحوذ على أكثر من 61 % من الصادرات الوطنية و7 دول تستحوذ على 70 % من إجمالي الصادرات.
ويرتبط الأردن باتفاقيات ثنائية وجماعية للتجارة الحرة مع العديد من دول العالم، وفي مقدمتها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية وكندا، بالإضافة للشراكة الأوروبية المتوسطية واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى وسنغافورة.
وأشار الخبراء إلى أن حجم الاستفادة من اتفاقيات التجارية يتفاوت من اتفاقية إلى اخرى اذ يوجد اتفاقيات أسهمت بشكل كبير في نمو الصادرات الوطنية على غرار اتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وأخرى ما يزال حجم الاستفادة منها محدودا ودون المأمول مثل اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية وسنغافورة.  
يشار إلى أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تصدرت المرتبة الأولى من ناحية وجهة الصادرات الوطنية إذ شكلت العام الماضي 37 % وبقيمة 3.078 مليار دينار من اجمالي الصادرات الوطنية التي وصلت  إلى 8.272 مليار.
وبالمرتبة الثانية جاءت اتفاقية دول التجارة الحرة لشمال أميركا إذ شكلت
25 % وبقيمة 2.086 مليار دينار، تليها دول الاتحاد الأوروبي لتشكل 5 % بقيمة 409 ملايين دينار، ثم كندا بقيمة 90 مليون دينار لتشكل 1 %، تليها سنغافورة لتشكل ما نسبته 0.1 % وبقيمة 15 مليون دينار.
بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م. فتحي الجغبير "هنالك تفاوت في حجم الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، إذ إن بعض الاتفاقيات حقق الأردن منها استفادة فضلى مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والتي فتحت الباب لوصول صادرات المنتجات الوطنية اليوم لأكثر من 1.9 مليار دينار، والتي أصبح الميزان التجاري معها فائضاً لصالح الأردن".
وأضاف الجغبير "هنالك اتفاقيات ما يزال حجم استفادة المصدرين الأردنيين منها متواضعا، فعلى الرغم من مرور أكثر من سبعة أعوام على تعديل قرار تبسيط قواعد المنشأ بين الأردن والاتحاد الأوروبي ما تزال الاستفادة منها محدودة إذ إن حجم استفادة المنشآت الصناعية من هذه الاتفاقية لم يصل إلى المستوى المطلوب لوجود عدد من التحديات على رأسها؛ تحقيق المعايير والمتطلبات الفنية الأوروبية المفروضة على بعض المنتجات الأردنية، التي تمتلك فرصاً كبيرة للوصول إلى الأسواق الأوروبية".
وأشار إلى ان انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية وتوقيع عدد من اتفاقيات التجارة الحرة أسهمت بشكل عام في نمو وتوسع صادرات القطاع ومكنها من دخول أسواق عالمية تصل إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك، بالإضافة إلى المنافسة فيها بفعل جودتها وتطورها.
وأضاف أن الاتفاقيات لعبت دوراً إيجابياً في إقامة منطقة تجارة حرة ساهمت في رفع سوية العلاقات التجارية الثنائية وتعزيز المشاريع المشتركة فيما بينها، بفضل ما تحمله من إعفاءات وامتيازات تضمن الحماية والدعم للصناعة الأردنية، كاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع سنغافورة، واتفاقية تبسيط قواعد المنشأ مع الأتحاد الأوروبي، واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى وكندا.
وبين أن الغرفة تولي أهمية كبيرة نحو تعزيز الصادرات، ودفعها للاستمرار في السير في طريق النمو، إذ تعمل بشكل متواصل نحو تقديم الخدمات والبرامج لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية، وتعميق المشاركة بالمعارض وإقامتها للتعريف بالصناعات المحلية والكفاءة والجودة التي تتمتع بها بالإضافة إلى المشاركة في منتديات رجال الأعمال واللقاءات التي تهدف إلى التشبيك بين الشركات الأردنية والشركات الموجودة في تلك الدول، بما يضمن استغلال الفرص والإمكانيات والخدمات اللوجستية المتاحة، لتوسعة القاعدة التصديرية والدخول إلى عدد أكبر من الأسواق عبر  اتفاقيات التجارة الحرة التي تشكل فرصة سانحة لزيادة ونمو الصادرات الوطنية.
وبحسب الجغبير يتم حالياً من خلال الغرف الصناعية والجهات ذات الاختصاص تكثيف الجهود الترويجية، وإعداد الخطط والإستراتيجيات المتعلقة بمبادرات رؤية التحديث الاقتصادي المتعلقة بزيادة زخم الصادرات ومشاركة الحكومة في رسم سياسة الاقتصاد الأردني المتعلقة بالصناعة، وبأنها تمثل القطاع الصناعي الأردني داخليا وخارجياً.
وأكد الجغبير أن الصناعة الوطنية تمتلك قدرات إنتاجية كبيرة، وتمتاز منتجاتها بالكفاءة والجودة العالية، حيث أنه وفقاً لمركز التجارة الدولية فإن الأردن يمتلك عدداً من الفرص التصديرية غير المستغلة نحو العديد من الأسواق العالمية والتي تقدر بحوالي 4.4 مليار دولار، 90 % منها تمتلكها منتجات الصناعة الأردنية في ظل نفس الحجم القائم من الإنتاج، وذلك بحسب– خريطة إمكانات التصدير – وهي إحدى آليات مركز التجارة الدولية لتقدير الفرص التصديرية التي يمكن إستغلالها خلال الخمس سنوات المقبلة، حيث أن تلك الفرص الضائعة، تؤكد حقيقة ما نملكه من قدرات إنتاجية ضخمة، وما تتمتع به المنتجات الصناعية من كفاءة وجودة.
وقال استغلال تلك الفرص وتعزيز استفادة الأردن من اتفاقيات التجارة الحرة يتطلب إعادة ترتيب الأولويات وتكثيف العمل للحد من الكلف الانتاجية العالية والبحث عن أسواق جديدة يمكن للصادرات الوطنية الولوج إليها لتجنب مخاطر الانكشاف على الأسواق التقليدية، بالإضافة إلى ضرورة رفع جاهزية التصدير، ودعم الاتصال بسلاسل التوريد العالمية من خلال استحداث آليات وتقنيات للتجارة الإلكترونية، وتحسين عمليات النقل والخدمات اللوجستية، واستغلال المزايا التنافسية للأردن باعتباره مركزاً للوصول إلى الأسواق العالمية. 
وقال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين أحمد الخضري إن "اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط الأردن مع العديد من دول العالم تحقق الفائدة في حين أن حجم الاستفادة من بعضها الآخر لا يزال دون مستوى الطموح".
وضرب الخضري مثلا على استفادة القطاع الصناعي من اتفاقيات التجارة الحرة إذ إن اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا تعتبر واحدة من أهم الاتفاقيات التي ساهمت في زيادة الصادرات بشكل كبير وهنالك محاولات كبيرة من أجل مضاعفتها في العديد من القطاعات.
ولفت إلى أن هنالك مساعي لزيادة الصادرات الأردنية ودخولها إلى الأسواق والمراكز التجارية الكبرى في أميركا مثل أسواق وول مارت باعتبارها أكبر أسواق الهايبر ماركت في أميركا والتي وصلت مبيعاتها خلال العام الماضي 560 مليار دينار.
وشدد على أهمية التعاون والدعم الحكومي بالمشاركة مع القطاع الخاص من أجل توفير مستودعات تزود الأسواق الأميركية مشيرا إلى وجود ترتيبات لتنظيم بعثة تجارة إلى أميركا من عدة قطاعات.
وأكد الخضري أهمية زيادة الصادرات الوطنية في توسيع الإنتاج والاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل للأردنيين، عدا عن تعزيز احتياطي المملكة من العملات الأجنبية الأخرى.
وأوضح أن حجم استفادة الصادرات الوطنية من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المملكة مع الاتحاد الأوروبي وسنغافورة ما تزال متواضعة وأقل من الطموح، نظرا لوجود معيقات اشتراطات تحد من دخول الصناعة الوطنية إلى أسواقها.
وقال الخضري "هنالك نظرة جديدة لجمعية المصدرين الأردنيين وشركة بيت التصدير من أجل تعزير التعاون  فيما يخص المعارض والبعثات التجارية خصوصا في أسواق آسيا الوسطى".
وشدد على أهمية البعثات التجارية والمشاركة في المعارض الخارجية في زيادة الصادرات الوطنية وتعزيز الاستفادة من الفرص المتاحة التي توفرها اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المملكة مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية.
وأكد الخضري أن المنتج الأردني شهد تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية وحقق نجاحات في العديد من الأسواق الخارجية بفضل الجودة العالية التي تتمتع بها إذ استطاعت المنتجات الأردنية الوصول إلى أسواق 150 دولة حول العالم.
وأوضح الخضري أن الإجراءات التي تقوم بها المؤسسة العامة للغذاء والدواء ساهمت بشكل كبير في تطور الصناعات الوطنية خصوصا الصناعات الغذائية.
وحول عدم الاستفادة بالشكل المطلوب من اتفاقيات التجارة الحرة قال الخضري "ذلك يعود إلى جملة من الأسباب منها نقص الخبرة  والمعرفة لدى المصانع المحلية بالأسواق الخارجية وضعف حملات الترويج والمشاركة بالمعارض الخارجية والبعثات التجارية وغياب دراسات الأسواق الكافية التي تظهر الفرص المتاحة أمام المنتجات الوطنية.
وأكد الخضري أن الجمعية تعمل ضمن إستراتيجية واضحة من أجل تقديم الخدمات للصناعيين من مختلف القطاعات لإيجاد أسواق تصديرية لمنتجاتهم من خلال المشاركة في المعارض الدولية وتنظيم الورش واللقاءات للتعريف بكيفية الاستفادة من مزايا الاتفاقيات التي تربط الأردن مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية.
وقال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن م. إيهاب قادري إن "الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة تتفاوت من اتفاقية لأخرى، بمعنى أن هناك بعض الاتفاقيات تكون الاستفادة منها كبيرة، وهناك اتفاقيات غير مفعلة بالنسبة لتأثيرها على زيادة نمو الصادرات الوطنية".
وأضاف قادري "هنالك اتفاقيات لا بد من إعادة النظر فيها وتقييمها بهدف توسيع نطاق القطاعات المستفيدة منها، وعلى سبيل المثال، اتفاقية التجارة الحرة الأميركية يتم الاستفادة منها في قطاع الألبسة، وهنالك فرص كبيرة بالقطاع الغذائي وقطاعات أخرى لمضاعفة وزيادة الصادرات عبر هذه الاتفاقية".
ولفت إلى أن اتفاقيات التجارة الحرة مع سنغافورة وكندا والشراكة الأوروبية المتوسطية تعتبر في غاية الأهمية، لكن حجم الاستفادة منها دون المطلوب؛ نظرا لوجود اشتراطات ونقص المعرفة والخبرة وضعف الترويج في اسواق هذه الاتفاقيات.
وشدد قادري على ضرورة إجراء دراسات وإعادة تقييم لهذه الاتفاقيات ووضع خطة إستراتيجية واضحة ضمن قطاعات محددة بحيث تكون بمثابة خريطة لاستثمار الفرص المتاحة أمام الصادرات الوطنية في كل اتفاقية على حده.
وأشار قادري إلى أهمية إجراء دراسة أثر لاتفاقيات التجارة الحرة على الاقتصاد الوطني بشكل عام، والصناعي بشكل خاص، خصوصا وأن هنالك دولا ترتبط الأردن معها باتفاقيات تجارة حرة، لكن تقوم بوضع معيقات فنية وإدارية تحول دول وصول المنتجات الوطنية إلى أسواقها وهذا أمر في غاية الأهمية لإنصاف الصناعة الوطنية وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
وقال عضو مجلس إدارة جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية م. محمد حسن الصمادي "هنالك تفاوت بحجم الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المملكة مع العديد من دول العالم".
وأوضح أن اتفاقية منطقة التجار الحرة العربية الكبرى تعتبر من أفضل الاتفاقيات إذ تتصدر المرتبة الأولى بالنسبة لوجهة الصادرات الوطنية وتشكل أكثر من 35 % من إجمالي الصادرات الوطنية.
ولفت إلى أن اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا تعتبر أيضا ثاني أهم الاتفاقيات التجارية غير أن الاستفادة منها محصورة بعدد محدد من المنتجات الوطنية مثل الألبسة وبعض الصناعات الغذائية.
ولفت الصمادي إلى أن حجم الاستفادة من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ما تزال متواضعة جراء وجود معيقات اشتراطات فنية تحول دون تحقيق الاستفادة المطلوبة بالنسبة للصناعات الوطنية.
وأكد الصمادي أن اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المملكة مع العديد من دول العالم تمثل فرصة كبيرة لجهة زيادة الصادرات وتنويعها بالإضافة إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز المصانع على الإنتاج وبالتالي توفير المزيد من فرص العمل للأردنيين.
وأكد أن المنتجات الأردنية بمختلف أصنافها تملك فرصة واسعة لزيادة حصتها بالسوق الخارجي نظرا لجودتها وتنافسيتها العالية.
وحول آليات تعزيز الاستفادة من هذه الاتفاقيات شدد الصمادي على ضرورة تكثيف حملات التسويق والترويج للمنتجات، بالإضافة إلى توسيع دعم المشاركة بالمعارض الخارجية التي تعتبر من أنجع الوسائل لزيادة وفتح الأسواق أمام الصادرات الوطنية.
وأشار الصمادي إلى أهمية مراجعة بعض الاتفاقيات بهدف تحسينها وتحقيق الغاية من توقيعها في زيادة المبادلات التجارية والاستثمارية.
ولفت الصمادي إلى الجهود التي تبذلها جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية (جيبا) في سبيل زيادة الصادرات الوطنية من خلال  تنظم زيارات وبعثات تجارية منتظمة إلى دول الاتحاد الأوروبي لاستكشاف الفرص وتعزيز التبادل التجاري، إضافة إلى المشاركة في مختلف المعارض الأوروبية المتخصصة، وإعداد برامج أردنية أوروبية مشتركة لتبادل الخبرات ولرفع قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن الجمعية تعمل على مساعدة الشركات الأردنية من أجل التصدير للأسواق الأوروبية وتحسين منتجاتها للتوافق مع متطلبات الأسواق الأوروبية، عبر برنامج الخبراء الهولنديين الذي يقدم خدمات مجانية للشركات تتضمن التدريب والتأهيل لتطوير المنتجات لتتمكن من الدخول للسوق الأوروبية.
وانخفضت الصادرات الوطنية خلال العام الماضي بنسبة 1.1 % لتصل إلى 8.272 مليار دينار مقارنة مع 8.366 مليار خلال نفس الفترة من العام 2022.
يشار إلى أن الحكومة أطلقت، خلال العام الماضي، الإستراتيجية الوطنية للتصدير للأعوام  (2023 – 2025)  كجزء من رؤية التحديث الاقتصادي، بهدف رفع قيمة ونوعية الصادرات وتعزيز تنافسيتها من خلال خمسة محاور أساسية، هي: معلومات الأسواق، والتسويق والترويج، وإدارة الجودة وتعزيز التنافسية والتمويل والإطار القانوني والتنظيمي فيما تسعى إلى تحقيق نمو في الصادرات بما لا يقل عن 5 %.

اضافة اعلان