"خيوط" مبادرة إبداعية خلاقة في فن التطريز تمكن المرأة اقتصاديا

Untitled-1
"خيوط" مبادرة إبداعية خلاقة في فن التطريز تمكن المرأة اقتصاديا

بحب وفن وإبداع؛ تنسج سيدات مخيم البقعة حكايات من خيوط ملونة، تشكل لوحات بتاريخ عريق وإرث غني. تبدأ الرحلة بـ"غرزة" بسيطة، وتنتهي بتحفة فنية تزين ثوبا أو حقيبة أو وشاحا، لتصبح مصدرا للرزق بعد اتقان حرفة التطريز من خلال مبادرة "خيوط".

اضافة اعلان


تشرق مبادرة "خيوط" لتمكين المرأة وتنمية مهارات النساء في مجال الحرف اليدوية، خاصة فن التطريز، الذي يجسد تراثنا العربي العريق ويشكل جزءا لا يتجزأ من هويتنا.


ومن هنا، كان لا بد أن يتم المحافظة على هذا الإرث بالتدريب والتمكين ومساعدة النساء في مهنة وعمل يدر دخلا على الأسر وبخاصة المحتاجة منها، وكانت سباقة في احتواء عدد كبير من سيدات مخيم البقعة اللواتي بحاجة لأن يكن سيدات منتجات وقادرات على إعالة أنفسهن وعائلاتهن، من خلال مشاريع التطريز، وبخاصة التراثي منها.


وفي ذلك، تقول رئيسة ومؤسسة مبادرة "خيوط" بسمة الناظر أن الجمعية تأسست في العام 2015 في مخيم البقعة، بعد أن كانت ضمن فريق عمل جمعيات مختلفة، ولم يكن لها مقر ثابت للمبادرة، إلى أن تم اختيار مكان قبل عامين في وسط المخيم، ليكون قريبا من السيدات.


وتؤكد الناظر ان كل ما تقوم به المبادرة من فعاليات تدريبية وتأهيلية للسيدات هي مجانية بشكل كامل، سواء أكان لديهم خلفية مُسبقة في التطريز أو مبتدئات، بهدف زيادة عدد السيدات المستفيدات من المبادرة، وبالتالي زيادة عدد المنتجات وحجم الفائدة التي تعود على أكبر عدد ممكن منهن، لتأمين حياة كريمة لهن ولعائلاتهن في ظل انتشار البطالة والفقر بين نسبة كبيرة من سكان المخيم.


ووفق الناظر، فإن العمل في المبادرة يتركز على السيدات من مختلف الأعمار، اللواتي قد يكون لديهن بعض الصعوبات المجتمعية قد تمنعهن من الخروج بشكل دائم، ومنهن من يخرجن من المدرسة في عمر مبكر، لذا، فإن المبادرة تركز على توفير فرصة عمل لديهن من داخل بيوتهن، حيث يتمثل جوهر هذا المشروع في تمكين المرأة والحفاظ على الثقافة والمشاركة في المجتمع.


وتقوم "خيوط"، كما توضح الناظر، بتدريب السيدات على الخياطة والتطريز بمختلف أشكاله، حيث ان المبادرة هي مشروع غير ربحي، ومن بعد فترة التدريب على الحرف من خياطة وتطريز، تقوم المبادرة بتوفير فرصة الإنتاج المختلفة من خلال تعريفهن بطبيعة المنتجات التي يحتاجها السوق، وان يقمن بأعمال مميزة، بمستوى عال من الدقة، وأن يكن جزءا من فريق العمل المنتج الذي ينقسم إلى عدة أقسام، من تطريز الملابس، الحقائب، البراويز، وغيرها، بحيث يتم تقسيم السيدات كل حسب مهارتها، وبالتالي الحصول على تأهيل فريق عمل مميز ومنتج بكفاءة عالية.


وتوضح الناظر أن العدد الإجمالي للسيدات المستفيدات من المشاربع التنموية لـ "خيوط" في تزايد مستمر، وفي كل دورة يتم تدريب مالا يقل عن 30 سيدة، وعادة ما يتم انضمام الجزء الأكبر منهن لفريق العمل، الذي يعتمد في عمله الحرفي على التطريز التراثي الفلسطيني نوعا ما، وهو ما تحترفه السيدات في المخيم، وذلك من خلال اختيار عدة اشكال مختلفة من التطريز والاستعانة بالكتب التراثية المخصصة لذلك، وعادة ما يتم عمل تعديلات معينة وتصاميم مختلفة ومتجددة.


وتتمنى الناظر أن يكون عملها أشمل لأكبر عدد ممكن من المناطق الأقل حظا وبخاصة المخيمات منها، كونها تعاني من نسبة كبيرة من البطالة والفقر، ولكن هناك نسبة كبيرة من سيدات مخيم البقعة، يحتجن للتدريب والتأهيل والتركيز الآن ينصب حول شمول أكبر عدد، سواء ضمن فريق خيوط أو العمل بشكل شخصي وفردي.


كل تلك المنتجات، التي باتت إحدى أكثر المنتجات رغبة في الأسواق المحلية والعالمية على حد سواء، تقوم "خيوط" بتسويق كل ما تقوم به السيدات من منتجات مختلفة، وذلك من خلال نقاط بيع متعددة في المملكة، وذلك لزيادة رقعة مساحة التسويق، والتعريف بالمنتج بشكل أكبر، وبالتالي زيادة نسبة المردود المادي للسيدات في المخيم، بالإضافة إلى إيجاد سوق خارجي لما يزيد على 15 دولة حول العالم.


من خلال مبادرة خيوط التطوعية، وما قدمته من خدمة مجتمعية كبيرة في زيادة وعي السيدات وتحويلهن من محتاجات إلى معيلات، كانت قد حازت على المركز الأول في جائزة مبادرة حلول شبابية من مؤسسة ولي العهد في الأردن، ومركز الشباب العربي في الإمارات، إضافة إلى جائزة الأميرة بسمة للعمل التنموي وخدمة المجتمع، وجائزة Orange لمشاريع التنمية المجتمعية.


وتؤكد الناظر ان الفوز هو وسام شرف لجميع العاملين في المبادرة، الأمر الذي أهلهم للفوز من ضمن 25 ألف طلب قدموا للمسابقة، وفوزها بالمركز الثاني من فئة الأفراد، بعد مرحلة من التقييم الدقيق، وهذا خلق لدى الناظر دافع كبير للاستمرار في العمل التطوعي المجتمعي، والتكفير بمنتجات جديدة وبرامج تطوعية مختلفة وخيوط إنتاج جديدة.


"كشكشة بلادي"، هو أحد المشاريع التي تضمها مبادرة "خيوط"، حيث تبين الناظر أن هذا المشروع يعتمد على التطريز اليدوي للملابس من "تنوره وسترة" وجميعها من إنتاج المخيم، من اللباس وحتى التطريز، وهذا الخط الإنتاجي كان الأول في المشروع والأنجح، كون الجانب الخيري فيه كان سببا في نشر الفرحة بين صفوف الأطفال. إذ عمد الفريق إلى توزيع قطعة مجانية للأطفال مقابل كل قطعة يتم بيعها في الأسواق، عدا عن أن كل خط إنتاج لـ"خيوط" يتم رصد جزء من أرباحه لحل إحدى القضايا والمشاكل في المخيم، من بطالة وفقر، وتعليم، وتوفير مؤن للبيوت.


ومن الأفكار الرائدة لمشروع كشكشة بلادي ان يكون التطريز التراثي جزء من ثقافة المجتمعات وبخاصة الأطفال منهم، بحيث يكون لدى الأطفال قطع من الملابس المطرزة ويرتدونها بشكل معتاد وليس فقط في المناسبات الوطنية، على سبيل المثال، وهذا من شأنه أن يعزز الثقافة التراثية في عقول الأطفال ويحافظ عليها من الاندثار.

 

وتعد الناظر إحدى السيدات الرائدات في المجتمع مجال التسويق، مؤسسة مبادرة "خيوط" وتعمل حاليا مديرة التسويق لشركة Globitel، وهي شركة رائدة في مجال حلول الاتصالات، وحاصلة على شهادة البكالوريوس في التسويق من الأردن وشهادة الماجستير في إدارة الأعمال من بريطانيا، وما زالت تسعى لأن تكون ذات أثر أكبر على المجتمع الأردني ولها الكثير من المبادرات في موقع مركز "خيوط" في المخيم، وهو مساحة مجانية للسكان للاستفادة منه لإظهار مهاراتهم بمختلف أشكالها.