سمر يونس تجوب المحافظات لتؤرشف الأزياء التراثية الأردنية

منى أبو حمور- استطاعت الباحثة والمؤرخة سمر يونس أن تؤرشف تاريخ أزياء التراث الأردني في كتاب بعنوان "أردن تاريخ وأصالة"، حيث تعكف على نشره باللغتين العربية والإنجليزية سعيا لحفظ تراث الزي الأردني.

اضافة اعلان

لم تكن رحلة يونس في رصد الزي الأردني التراثي هينة؛ فقد أمضت سنوات في التنقل بين محافظات المملكة تبحث في حديث الجدات ما يساعدها على رسم تلك التصاميم وخياطتها، فهنالك رواية في كل غرزة في تلك الأزياء، قصة تراث وحكاية نساء عاشوا في زمان مضى.

"روح الأردن"


أرشفة التراث الأردني ليس بالأمر السهل تقول يونس، خصوصا وأنها لم تجد من الأبحاث والدراسات والأرشيف الأردني ما يساعد على توثيق تلك الموروثات وهو ما دفعها للقيام بذلك بنفسها من خلال جولة على كافة المحافظات.


جاءت فكرة المشروع بحسب يونس بعد أن وجدت محدودية في محتوى الأزياء التراثية الأردنية مقارنة بالدول الأخرى.
ويقوم مشروع يونس لإحياء الزي التراثي الأردني على مجموعة من القصص التي روت من خلالها تفاصيل ارتبطت بالتراث والعادات والتقاليد والمناسبات التي كانت النساء فيها يرتدين هذه الأزياء.


ويأتي "روح الأردن" ليكون واحدا من المشاريع التي تقدم جماليات الأزياء الأردنية التراثية وتسويق أبرز المعالم السياحية والأثرية، وعبر استعراض راقص بالأزياء التراثية الممثلة لاثنين وعشرين موقعا أردنيا ويغطي محافظات المملكة.


هذا المشروع يتم تنفيذه بحسب يونس بأسلوب الفيديو، يركز على التقاصيل الدقيقة لمكونات الأزياء التي يكمن فيها الترويج للأردن من خلال رموز التطريز ببعدها التاريخي الميتوبولوجي ومن خلال مكونات الأزياء وعلاقتها بالحركة.
الاستعراض بحسب يونس شبه درامي يرافقه أغنيات شبه درامية تعبر عن أمجاد وأصالة الأردن.

كما سعت يونس من خلال مجموعة الأزياء التراثية التي صممتها أن تمزج بين الهوية الجغرافية للأردن وجمالها الطبيعي، مشيرة من خلالها إلى العادات والتقاليد التي كانت سائدة في ذلك الوقت مثل الحصاد وورد الماء وبيوت الشعر.


كما تناولت من خلال أزيائها التي فصلتها والكتاب الذي ألفته طقوس المناسبات الاجتماعية الأردنية التراثية مثل الجاهة والخطبة وحفلة الحناء والزواج بطقوسه وتفاصيله المميزة وأزيائه الفريدة.

دعم الهوية الأردنية


وتسعى يونس من خلال هذه المشاريع أن تدعم الهوية الأردنية، حيث تروج أيضا للمعالم الأثرية والسياحية في الأردن بصورة لافتة.


وتأتي أهمية هذا العمل بحسب يونس باعتباره توطيدا للهوية الأردنية وتوثيقا لجماليات المحافظات التي تمتاز كل واحدة منها بطبيعة مختلف ويبدو ذلك من خلال الطابع الخاص، وكذلك الحلي والمجوهرات التي كانت تتزين فيها النساء في تلك الفترات.


وتقول يونس "روح الشرق وسحره يتجليان في ألوان الثوب وتشكيله بما يحوي من كنوز سرية غامضة نفتش عنها في خيط الإبرة وملمس القماش".


استطاعت يونس من خلال جولتها على المحافظات الأردنية أن تصنع ثوبا تراثيا لكل محافظة من المحافظات الأردنية بعد أن بحثت في تاريخ تلك الأماكن وجالست شيوخها ونساءها الكبار اللواتي شاركنها ذكريات الطفولة والشباب لتعكس بدورها تلك القصص والحكايات بخيوط ملونة ومطرزة.

لكل محافظة ثوبها الخاص

وقدمت ثوبا لعمان من القماش الأسود وبكمين طويلين وعليهما توليفات من التطريز بخيوط حمراء تمتد على الكتفين في خطوط مستقيمة وأخرى متعرجة، مع قميص أحمر يوضع على الرأس، "ملفع أسود" وعليه عرجة من الفضيات وفوقها عصبة حمراء وتتزين بحزام من الفضة يسمى الجناد.


في حين يخاط ثوب إربد من قماش الحبر وله عب وإردان وفيه تطريزات دقيقة على الصدر والجوانب وينقش الثوب بنقوش لمناجل الحصاد وسنابل القمح والورد وست عشرة بتلة والوردة بثلاث مطرزة بالأحمر والأخضر والأصفر، مستخدمة غرزة إبرة.


أما الخلقة السلطية فيستخدم فيها قماش أسود يتداخل فيه القماش الأزرق وتظهر النقوش المناجل والوردة الثمانية والبتلات وغصون الأشجار وسبلات القمح.

ويستخدم الخيط باللونين الأحمر والأخضر وتتوج المرأة السلطية رأسها بالحطة الحمراء التي تمتاز بجلالها وتتزين بقلائد الفضة على الصدر.


وفي مرة هي الأولى، استطاعت يونس أن توجد زيا للزرقاء بعد أن كان لا يعرف كثيرون الزي التراثي، حيث يصنع ثوب الزرقاء من القماش الأسود وهو مطرز باللون الأحمر في خطوط عمودية تظهر على جانبي الثوب.

كذلك تظهر النقوش الملونة بالأحمر والأزرق على نهايات الثوب، وتلبس الفتاة تحته قميصا أحمر اللون وملفعا أسود وعصبة مزركشة بألوان مختلفة وتتزين بالفضة على الصدر.


ومن الجنوب تنوعت الأزياء التراثية، فتنقلت يونس بين الكرك والطفيلة ومعان بقماش الحبر والخيوط الخضراء والحمراء المطرزة لتروي من خلالها قصص وأهازيج تلك المناطق على لسان نسائها.


وفي تصميم هو الأول من نوعه صممت يونس زيا تراثيا للبتراء المدينة الوردية بعد أن أمضت وقتا طويلا في البحث عن الثوب التراثي الرسمي للمدينة النبطية إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى أي معلومة.


أطلقت يونس العنان لنفسها وبدأت بتصميم زي نبطي استوحت تصميمه ولونه من معالم المدينة الوردية "البتراء" فصممته كلون حجارتها مطرزا بخيوط القصب والفضة والذهبية وللثوب أكمام وعليه نقوش نبطية وعلى الصدر تطريزات بالفضة والذهب تشي بغنى المدينة.


يرافق الثوب عصبة معقودة بثلاث عقد من الأمام ومتوجة بتاج مرصوف بالقطع الذهبية ويتدلى الشيفون من الخلف عند نهايات التاج.


رافق الأثواب التي صممتها يونس مجموعة من الإكسسوارات والحلي التي كانت ترتديها النساء في تلك الفترة والتي تعود إلى مئات السنين، حيث حرصت على جمع مجموعة من الحلي الأصلية التراثية والتي يعود معظمها إلى عقود، صممت بالفضة والأحجار الكريمة.


تنوعت أثواب المحافظات الأردنية بين البساطة والفخامة بتطريزات وألون وحليّ، وغرز متنوعة تعكس تضاريس كل منطقة على حدة لينتهي المطاف بكوكبة متميزة من الأزياء التراثية الأردنية التي تعكس الهوية وتحافظ عليها.