أين تقف "التربية" من توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم؟

1709569262952443900
الذكاء الاصطناعي

في وقت أشارت فيه منظمات دولية معنية بقطاع التعليم لأهمية الاستفاده من الذكاء الاصطناعي في التعليم، لكنها دعت للقضاء على المخاطر الناجمة عن استخدامه بطرق غير منضبطة، عبر الأنظمة المتعلقة بالأخلاقيات والمسؤولية والسلامة، أكد خبراء تربويون، أن التأطير الأخلاقي لتوظيفه في التعليم أصبح ضرورة وطنية.

اضافة اعلان


ودعوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد" الحكومة، إلى توجيه وزارات معنية كوزارتي: الاقتصاد الرقمي والريادة والتربية والتعليم، لوضع سياسات ودليل يترجم التوصية الصادرة عن منظمة التربية والثقافة والعلم (اليونسكو) حول الإطار الأخلاقي في استخدامه.


وأوضحوا ضرورة اشتمال الدليل على تغطية للتعريف بهذه التقنية وفوائدها ونطاق استخدامها ومخاطرها الأخلاقية والوظيفية، مشيرين إلى أن ذلك يتطلب آلية للتعامل مع البيانات وتحليلها، ومدى انتهاك الخصوصية والتعدي على الحقوق، والاستغلال والتمييز وتشويه السلوك، والتي يمكنها إحداث أضرار جسـدية أو نفسية، والمبادئ والمعايير الأخلاقية وضوابط الاستخدام، وأدوات الالتزام والتقييم والمراجع والمصادر التي يمكن الاعتماد عليها.


وكان تقرير حالة البلاد الصادر أخيرا بعنوان "الثورة الصناعية الرابعة وسوق العمل الأردني للعام 2023"، أشار إلى أن التكنولوجيا ستسهم بوجود تحولات كبيرة في بيئة التعليم والتدريب، وستجد المؤسسات التعليمية نفسها، مجبرة على التكيّف مع التطورات والتحولات في سوق العمل.


وشدد التقرير على أن المسؤولية تقع على الجميع لمواكبة هذا التطور، والتركيز على المهارات والكفايات، وإعادة النظر في الخطط الدراسية، وتكنولوجيا التعليم، فقد حثت "اليونسكو" مؤخرا الحكومات على اعتماد، وتنفيذ لوائح ملائمة لضمان اتباع نهج قوامه حقوق الإنسان لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم، وتزويد المعلمين بالتدريب اللازم.


وكانت أشارت المنظمة الدولية في تقريرها الصادر أخيرا بعنوان " التكنولوجيا في التعليم: من يضع شروط هذه الأداة؟" لأهمية الوصول إلى إجماع بشأن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، والقضاء على المخاطر الناجمة عن استخدامه بشكل غير منضبط، عبر الأنظمة المتعلقة بالأخلاقيات والمسؤولية والسلامة، في وقت نشرت فيه مؤخرا، إرشادات هي الأولى من نوعها بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم والبحث. 


وحددت إرشاداتها خطوات رئيسة يتوجب على الحكومات اتخاذها لتنظيمه، ووضع أطر سياسات تضمن استخدامه على نحو أخلاقي في التعليم والبحث، واعتماد معايير عالمية وإقليمية ووطنية، لحماية البيانات والخصوصية، وحددت الحد الأدنى للسن المسموح به لاستخدام أدواته في الفصل الدراسي بـ13 عاما.


مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بوزارة التربية والتعليم سابقا د. محمد أبو غزلة، قال إن التطورات المتلاحقة في التكنولوجيا وأدواتها واستخداماتها، بخاصة  تقنية الذكاء الاصطناعي، تفرض علينا إعادة التفكير في كيفية الاستفادة والتمكين منها وتسخيرها، وتوجيه بوصلتها لخدمة عناصر التعليم والوقاية من أضرراها.


وأشار أبو غزلة، إلى أن ظهور تقنيات جديدة، قد تعيد تشكيل حياتنا وتؤثر سلبيا عليها، إذا لم تضبط وتدار وتوجه على نحو سليم، لذا من المهم التعاون بين المعنيين لتأطيرها وحوكمتها لضمان الالتزام بها والاستفادة منها وتجنب مخاطرها.


وقال إن التأطير الأخلاقي لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية، والحكومة مطالبة بتوجيه الوزارات المعنية كوزارتي الاقتصاد والتربية، لوضع أطر وسياسات وأدلة، وترجمة التوصية الصادرة عن "اليونسكو" حول الإطار الأخلاقي في استخدام الذكاء الاصطناعي، ووضع خطة محكمة تعتمد على أفضل الممارسات العالمية بشأنه.


وأضاف أن على المؤسسات وضع السياسات وآليات الحوكمة والمعايير والضوابط الخاصة بتنفيذه، وتطوير أدوات الامتثال لمتابعته، ودعم وتعزيز جهود المملكة بتحقيق رؤيته وإستراتيجياتها الوطنية، المتعلقة باعتماد تقنياته، بخاصة في تشجيع المؤسسات التعليمية، كالجامعات والمدارس والعاملين والمتعلمين بها، وحثهم على البحث والابتكار، وتعزيز مكانة النظام التعليمي.


وأشار أبو غزلة لأهمية وضع سياسة ودليل، لأن استخدامه لا يقتصر على وزارة بعينها، بل يجب توظيفه في جميع المجالات الحياتية، ومنها التعليمي، واشتمال الدليل على مكونات تغطي جوانب التعريف بهذه التقنية، ومقتضيتها كافة.


ودعا وزارة التربية لوضع الأدلة والخطط التنفيذية في الميدان التربوي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، وبما يتناسب مع التوظيف الآمن له بتطوير الجوانب الإدارية والتعليمية في المنظومة التعليمية، وبما يتناسب مع عدم إلحاق الضرر، وضمان تحقيق السلامة والأمن لحماية العاملين والطلبة والحد من المشكلات التربوية والسلوكية كالتنمر وغيره.


وبين أن الذكاء الاصطناعي، يمكن الطلبة من مهارات التعلم والبحث، باستخدام المصادر الآمنة والعلمية، بدلا من الاعتماد على تقنيات البحث في محركات البحث أو الأدوات الحديثة مثل ChatGPT وغيره، وتمنحهم  القدرة على تقييمها والحكم عليها، بالاضافة لتوعيتهم بالمبادئ والمعايير الأساسية للاستخدام، وتوفر الحق لهم في الخصوصية وحماية البيانات والتوعية به، وغيرها من الجوانب المهمة في الحياة.


كما على الوزارة لضمان استدامة التطبيق، تقييم جاهزيتها في توظيفه، عبر توفير برامج توعية وتثقيف بشأنه، وإزالة التخوف المتعلق بالأمن الوظيفي للمعلمين وغيرهم، وتوفير بني تحتية وتقنيات وتحديد مجالاته، وبناء قدرات العاملين في مركزها وميادينها، ووضع الخطط الإعلامية لبيان جوانب تطبيقيه ومدى قدرته على تلبية احتياجات الطلبة كافة، بما يمكن ان يقدم من برامج متنوعة في الجوانب الإدارية، وتخفيف العبء الإداري عن الكوادر الإدارية والتعليمية، وإثراء التعليم وتحسن مخرجاته، بحسب أبو غزلة.


وشدد على توعية المعلمين والمشرفين التربويين بأهمية المزواجة بتطبيقه مع إستراتيجيات التدريس الأخرى وأدواتها، وبيان آثاره الإيجابية لتحسين أداء الطلبة وتعزيز دافعيتهم للمشاركة في البحث والابتكار والتعلم، وتزويدهم بالتغذية الراجعة المستمرة عن أداءهم وتطويرها لضمان الدعم المجتمعي والدعم من المعلمين والطلبة وللإداريين.


واعتبر الخبير التربوي عايش النوايسة أن توظيف الذكاء الاصطناعي، لم يعد خيارا بل أصبح حاجة ماسة وضرورية في التعليم والحياة، لذا لا بد من تطوير وزارة التربية اللوائح اللازمة التي تؤطر استخداماته. 


وبين النوايسة أن استخدامه في التعليم، يمثل فرصة هائلة لتحقيق التنمية البشرية، لكنه قد يسفر أيضا عن الأذى والتحيز، لذا لا يمكن إدماجه بالتعليم في ظل غياب الضمانات والأدلة الاخلاقية التي تؤطر استخدماته، موضحا أن الدليل الأخلاقي يجب أن يتضمن قيما ومبادئ وأساليب لتوجيه السلوك الأخلاقي بالتعامل مع تقنياته واستخدامها.
واشار لأهمية ان تركز هذه المبادئ الأخلاقية على النزاهة.


كما أكد أستاذ تكنولوجيا التعلم والتعليم بالجامعة الأردنية د. يوسف العاروري، أهمية توظيف التكنولوجيا في التعلم، باعتبارها عنصرا رئيسا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضمان التعليم الجيد وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع.


وشدد العاروري، على ضرورة تزويد الطلبة بالمهارات الرقمية كي ينشأ جيل متسلح بالكفايات والمهارات للتعامل مع الوسائل التكنولوجية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، مبينا أن الوسائل التكنولوجية، سهلت وسرعت الوصول للمعلومات، ما يتطلب من المستخدمين امتلاك الثقافة الرقمية للتعامل مع العالم السيبراني. 


وشدد على ضرورة بناء قدرات المعلم في توظيف التكنولوجيا، وجعلها مساعدا له بتنفيذ العملية التعليمية، إذ يحتاج لدورات تدريبية تمكنه من تطويع التكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية، وتزويدة بكل ما هو جديد في مجالها.


من جانبه، قال أستاذ علم النفس والإرشاد النفسي بجامعة فيلادلفيا د. عدنان الطوباسي، إن التطور التكنولوجي واتساع قاعدة الذكاء الاصطناعي، بخاصة في التعليم، يتطلب قيام الوزارة بوضع دليل إرشادي له قواعده وأركانه التي يستطيع الطالب والمعلم عبرها استخدامه، مضيفا أن هذا الدليل سيضمن إرساء القواعد والأسس الأخلاقية التي تحدد ما يمكن استخدامه بمصداقية، وتحديد الفئة العمرية التي يتوجب عليها تطبيقه.

 

اقرأ المزيد : 

توظيف الذكاء الاصطناعي في الفضاء المدرسي.. كيف ينجح في تطوير التعليم؟