بايدن متعثرا بأدراج طائرته يسقط في دعم مرتكبي المجزرة

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن

"يبدو أن الجانب الآخر.. وراء قصف المعمداني". تلك عبارة صدرت عن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه مع رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي، غداة ارتكاب قوات هذه الحكومة المتطرفة،  مجزرة، بقصفها المروع للمستشفى المعمداني في غزة.

اضافة اعلان


و"إثر هذا القصف، سقط مئات الشهداء، جلهم من الأطفال والنساء والمرضى في أطراف "المعمداني"، ليكرس الاحتلال بذلك، حالة من الترويع والفجاجة التي تندغم مع فهمه ووعيه كقوة احتلالية غاشمة أساسا، وتستمر في صلفها وجرائمها من دون رادع، إذ ترتكب كل أشكال الإجرام وأنماط حرب الإبادة، كالتي يشنها منذ 13 يوما على قطاع غزة.


وفي الوقت ذاته، فإن عبارة بايدن، تكشف عن انزياح لدورها في الزعم بأنها راعية السلام في المنطقة العربية، والعالم، وهي بذلك تتخلى عن هذا الدور، ليغدو دورها مجرد "هراء"، خاليا من أي تماس مع "عملية السلام" في المنطقة التي تصر على أنها راعية لها.


وبدعم غير مسبوق ومطلق لقوات الاحتلال الإسرائيلي وحكومته المتطرفة، قدمته إدارة بايدن، بحسب تعبير نتنياهو، تتكشف حقيقة أن هذا الدعم، نابع من مخزون أفكار، تحاول الإدارة الأميركية حاليا، تكريسه على الأرض من "احتلال للقطاع"، و"القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس"، وقبلها الانخراط ميدانيا في الحرب الدائرة على القطاع، تمثل بإرسال حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط، وقوة من المارينز لدعم هذا الكيان الاحتلالي، تجلت حصيلتها أمس خلال زيارة بايدن– في أول زيارة لرئيس أميركي للمنطقة في هذه الفترة، مباركا بذلك، جرائم الاحتلال- برغم ما تنكره إدارة بايدن من حقائق ثابتة على الأرض، لما ترتكبه القوة الاحتلالية الغاشمة من جرائم، بحق الأهالي في القطاع. 


ومنذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الحالي، تكررت على لسان بايدن، وألسنة إدارته، عبارات التأييد و"الدعم" للاحتلال، والتي لم تقتصر على تقديم مسرودات متهافتة، وملفقة حول رواية القصف الأخيرة من "الجانب الآخر" على "المعمداني"، إذ سبقها إفصاح، عن غطرسة الإدارة الاميركية وإنكارها للواقع، فدوما "واشنطن  (...) مستعدة لتلبية كل احتياجات تل أبيب اللازمة للدفاع عن مواطنيها، ومنها توفير الذخائر والصواريخ للقبة الحديدية"، حتى بلغ الأمر ذروته حين أنكر بايدن على حماس، حقها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني بنيل حقوقه وتقرير مصيره. 


هذا الدور الأميركي الذي يهدد بتفجر المنطقة جراء عمائه وصلفه، سيقود إلى "نتائج كارثية"، وتوسيع دائرة الحرب وانتقالها إلى مواجهة إقليمية، ما يمثل انزياحا بمقدار180 ْ عن الدور الذي حاولت الإدارات الأميركية لعبه في المنطقة، باعتبارها تقود "عملية السلام"، عبر ما تسميه "فريق السلام"، لكنه انزياح، مهدت له تداعيات سابقة، كشفت عنها ممارسة إدارة بايدن المتعامية، بالتخلي عن دورها كـ"وسيط" بين طرفين، مخلفة بذلك تساؤلات حول المبررات الأخلاقية لما ترتكبه في الانحياز لكيان احتلالي من قبل "زعيمة الديمقراطية العالمية" المزعومة، وهذا ما سيضع الإدارة الأميركية الحالية في مواجهة مع استحقاقات جديدة على الأرض، لا تعرف مآلاتها، لأنها ستطال جميع اللاعبين في المنطقة والعالم. 


فالاستحقاق الأول، عالمي بامتياز، ويدور في فلك دول ثلاثة (أميركا، روسيا، الصين)، فبعد الحرب الروسية- الأوكرانية التي أشعلت جبهة المواجهة بين روسيا، وأميركا التي تخوض الحرب عنها بالوكالة، أوكرانيا، أما الصين، فتربأ بنفسها عن حرب الوكالة هذه، وتضع نفسها في موقف يتنازعه الحياد والترقب، لتأتي حرب الاحتلال على غزة، مدخلا لمزيد من الاستقطاب العالمي في المواقف بين هذه الدول، وفرض مزيد من التقارب الروسي الصيني. 


فخلال هذه الحرب المروعة على غزة، تقدم روسيا جملة انتقادات للانحياز الأميركي للاحتلال، حتى بلغ بها الأمر على لسان رئيسها فلاديمير بوتين لتشبيه الحصار الإسرائيلي لغزة بـ"الحصار النازي للينينغراد"، في وقت تعرضت فيه الصين، لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الصريحة لـ"حماس"، وعدم ذكرها بالاسم في بياناتها. بينما اعتبرت بكين، أن "ما تقوم به إسرائيل في القطاع المحاصر يعد تصرّفا خارج حدود الدفاع عن النفس".


ويتزامن هذا كله مع ما تشهده العلاقات الروسية الصينية من تقارب واضح، بعد زيارة بوتين لبكين في احتفالها بالذكرى العاشرة لمبادرة الحزام والطريق الاستثمارية الضخمة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، لتغدو الزيارة الثانية له إلى العاصمة الصينية، في أقل من عامين، ما يمثل تأطيرا لرؤية البلدين السياسية، لنظام عالمي لا تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها. 


كما أن الاستحقاق الثاني، والذي ستنشغل الإدارة الأميركية به، هو محاولة ترميم الضرر الفادح الذي أصاب ما كان يسمى بـ"محور الاعتدال" في المنطقة، الحليف للولايات المتحدة، أمام حواضن شعبية، صارت ترى في "محور الممانعة" الذي تقوده إيران، منطلقا لأي عملية تحرير من الاسبتداد الإسرائيلي.


لن تكفي القوة الأميركية لفرض الأمر الواقع في أي "عملية سلام" مقبلة، ما دام أنها تخلت عن دورها في "رعاية السلام"، وهي التي صارت طرفا في الحرب بكل ما أوتيت من قوة، وهذا التخلي يجعل أطراف الصراع، والمنطقة برمتها والعالم، في مهب رياح أهواء إدارة يقودها بايدن، وهو يتعثر بصعود أدراج طائرته، بحثا عن دعم مفرط لقوة احتلالية- حسب مراقبين- سعيا بتعثره هذا، إلى تعزيز فرصته في انتخابات 2024 الرئاسية الأميركية، التي لم تعد وفق مراقبين أيضا، ترى فيه الرئيس القوي لأميركا مرتبكة. 

 

اقرأ المزيد : 

هل تكف واشنطن عن انحيازها وتعمد إلى إنهاء العدوان؟